مبدأ التأثير المباشر وغير المباشر في قانون الاتحاد الاوروبي – بحث المحامي غياث ناصر

مبدأ التأثير المباشر وغير المباشر في قانون الاتحاد الاوروبي – بحث المحامي غياث ناصر > مقالات > Blog > غياث ناصر

يعالج هذا البحث، مبدأين يعتبران من أهم مبادئ قانون الاتحاد الأوروبي، وهما مبدأ التأثير المباشر (Direct Effect) ومبدأ التأثير غير المباشر ((Indirect Effect. ويعتبر هذين المبدأين من أهم المبادئ التي تبنتها محكمة العدل الأوروبية (European Court of Justice- ECJ) وكان لها تأثير جذري على النظام القانوني للاتحاد الأوروبي. ويعالج هذين المبدأين مسألة تطبيق وتنفيذ قانون الاتحاد أو ما يسمى EC Law، داخل دول الإتحاد الأوروبي، ومدى مقدرة الفرد الاعتماد على هذا القانون أمام محاكمه الوطنية، أي داخل الدول الأعضاء.  وقد قسمنا بحثنا إلى مبحثين. في المبحث الأول سنقف عند الخلفية القانونية لنشوء هاذين المبدأين. سنعرض خلاله، مكونات قانون الاتحاد الأوروبي. من ثم سنعرض آلية تنفيذ القانون التي وردت الاتفاقيات المنشأة، والمآخذ على هذه الآلية، والصعوبات التي تواجه تطبيقها. أما في المبحث الثاني، فسنعرض اعتماد محكمة العدل الأوروبية مبدأ التأثير المباشر في قضية Van Gend الشهيرة. سنقف على حيثيات القضية وما عرض على المحكمة من ادعاءات ضد اعتماد المبدأ. سنقف على الشروط التي وضعتها المحكمة من أجل استخدام هذا المبدأ أمام المحاكم الوطنية. بعد ذلك سنعرض كيف تم توسيع هذا المبدأ ليحل على جميع  تشريعات الإتحاد الأوروبي. من ثم سقف عند مبدأ التأثير غير المباشر، والذي أعتمد كمبدأ مكمل للمبدأ الأول. وفي نهاية البحث سنعرض نتائج اعتماد هذين المبدأين على النظام القانون للاتحاد الأوربي.

فهرس

مقدمة   .       .       .       .       .       .       .       .       .       .       .       1

1) المبحث الأول: الخلفية القانونية لنشوء مبدأ التأثير المباشر .      .      .      1

1.1) المطلب الأول: مصادر القانون في الإتحاد الأوروبي .       .       .       1

                        أ) المصادر الأولية:     .       .       .       .       .       .       2

ب) المصادر الثانوية:   .       .       .       .       .       .       2

1.2) المطلب الثاني: إلزامية مصادر القانون في الأنظمة الداخلية .       .       .       4

                       المعاهدات المنشأة- معاهدات دولية       .       .       .       .       4

1.3) المطلب الثالث: آلية تطبيق القانون التي وردت في المعاهدات       .       .       7

1.4) المطلب الرابع: مآخذ آلية تطبيق القانون الواردة في المعاهدات       .       .       8

2) المبحث الثاني: تبني مبدأَي التأثير المباشر وغير المباشر   .      .      .      11

2.1) المطلب الأول: مبدأ التأثير المباشر، قضية Van Gend en Loos .       .       11

2.2) المطلب الثاني: شروط تطبيق المبدأ        .       .       .       .       .       14

2.3) المطلب الثالث: توسيع نطاق تطبيق المبدأ  .       .       .       .       .       16

                        1) الأنظمة– Regulations   .       .       .       .       .       17

                        2) التوجيهات– Directives   .       .       .       .       .       17

3) القرارات- Decisions       .       .       .       .       .       18

4) اتفاقيات الاتحاد مع دول أخرى       .       .       .       .       18

2.4) المطلب الرابع: مبدأ التأثير غير المباشر- Indirect Effect       .       .       19

خاتمة   .       .       .       .       .       .       .       .       .       .       .       19

مقدمة:

يعالج هذا البحث، مبدأين يعتبران من أهم مبادئ قانون الاتحاد الأوروبي، وهما مبدأ التأثير المباشر (Direct Effect) ومبدأ التأثير غير المباشر ((Indirect Effect. ويعتبر هذين المبدأين من أهم المبادئ التي تبنتها محكمة العدل الأوروبية (European Court of Justice- ECJ) وكان لها تأثير جذري على النظام القانوني للاتحاد الأوروبي.

ويعالج هذين المبدأين مسألة تطبيق وتنفيذ قانون الاتحاد أو ما يسمى EC Law، داخل دول الإتحاد الأوروبي، ومدى مقدرة الفرد الاعتماد على هذا القانون أمام محاكمه الوطنية، أي داخل الدول الأعضاء. 

وقد قسمنا بحثنا إلى مبحثين. في المبحث الأول سنقف عند الخلفية القانونية لنشوء هاذين المبدأين. سنعرض خلاله، مكونات قانون الاتحاد الأوروبي. من ثم سنعرض آلية تنفيذ القانون التي وردت الاتفاقيات المنشأة، والمآخذ على هذه الآلية، والصعوبات التي تواجه تطبيقها.

أما في المبحث الثاني، فسنعرض اعتماد محكمة العدل الأوروبية مبدأ التأثير المباشر في قضية Van Gend الشهيرة. سنقف على حيثيات القضية وما عرض على المحكمة من ادعاءات ضد اعتماد المبدأ. سنقف على الشروط التي وضعتها المحكمة من أجل استخدام هذا المبدأ أمام المحاكم الوطنية. بعد ذلك سنعرض كيف تم توسيع هذا المبدأ ليحل على جميع  تشريعات الإتحاد الأوروبي. من ثم سقف عند مبدأ التأثير غير المباشر، والذي أعتمد كمبدأ مكمل للمبدأ الأول. وفي نهاية البحث سنعرض نتائج اعتماد هذين المبدأين على النظام القانون للاتحاد الأوربي.

1) المبحث الأول: الخلفية القانونية لنشوء مبدأ التأثير المباشر

1.1) المطلب الأول: مصادر القانون في الإتحاد الأوروبي

قبل أن نتطرق إلى كيفية تطبيق قانون الإتحاد الأوروبي، حسب الاتفاقيات والمبادئ موضوع بحثنا أعلاه، لا بد أن نقف أولا على مصادر القانون للاتحاد الأوروبي. وتنقسم مصادر القانون في الاتحاد الأوروبي إلى قسمين:

أ)  المصادر الأولية: وهي المعاهدات المنشأة للإتحاد.

ب) المصادر الثانوية:  وهي القواعد القانونية الصادرة عن مؤسسات الإتحاد، وفقا للمعاهدات.

أ) المصادر الأولية:

أول مصادر القانون في الإتحاد الأوروبي، هي مجموعة المعاهدات المنشأة للإتحاد والتي تم تعديها في مراحل مختلفة، منذ معاهدة باريس (European Coal and Steel Community) لسنة 1951[1]، مرورا بمعاهدة روما للسوق الأوروبية المشتركة (European Economic Community- EEC) لسنة 1957[2]، مرورا بمعاهدة الورقة البيضاء أو أوروبا الواحدة (Single European Act) لسنة 1986[3]، وصولا إلى معاهدة ماستريخت للأتحاد الأوروبي (Treaty on European Union- EU) لسنة 1992[4]. وقد أنشأت هذه المعاهدات سوق أوروبية مشتركة، ونظمت مواضيع مختلقة تتعلق بحقوق مواطني الإتحاد، منها حرية تنقل الأشخاص، البضائع، الخدمات، ورؤؤس الأموال، وقيود على فرض الجمارك. وعليه فقد انطوت هذه المعاهدات على حقوق مختلفة لمواطني الدول الأعضاء.

كما قامت هذه المعاهدات بإنشاء مؤسسات مختلفة للإتحاد، مثل المفوضية، البرلمان الأوروبي، المجلس الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية. وقد قامت الدول الأعضاء من خلال التوقيع على هذه الاتفاقيات، بتحديد صلاحياتها أو سيادتها في مواضيع معينه، ومنح الصلاحية في تلك المواضيع إلى مؤسسات الإتحاد. ولا تزال المعاهدات تشكل الأساس للنظام القانوني الأوروبي، والمصدر الأول لقانون الإتحاد، وهي تشبه بشكل معين “الدستور” في الأنظمة القانونية الداخلية.

ب) المصادر الثانوية:

من جهة أخرى، فقد خَولت المعاهدات مؤسسات الإتحاد، صلاحية إصدار التشريعات الثانوية، لكي تتمكن من تحقيق الأهداف التي من أجلها أنشا الإتحاد.  وقد جاء في المادة 249 من معاهدة الإتحاد[5]:

“Article 249:

In order to carry out their task and in accordance with the provisions of this Treaty, the European Parliament acting jointly with the Council, the Council and the Commission shall make regulations and issue directives, take decisions, make recommendations or deliver opinions.

A regulation shall have general application. It shall be binding in its entirety and directly applicable in all Member States.

A directive shall be binding, as to the result to be achieved, upon each Member State to which it is addressed, but shall leave to the national authorities the choice of form and methods.

A decision shall be binding in its entirety upon those to whom it is addressed. Recommendations and opinions shall have no binding force”[6].

وعليه، وبناءا على الصلاحية التي مُنحت في المادة أعلاه، تصدر عن الإتحاد الأوروبي مجموعة من التشريعات التي تختلف بعضها عن بعض، من حيث نوعية المخاطبين بها، نطاق تطبيقها، ودرجة الالتزام الملقاة على عاتقهم، كما يلي:

1) الأنظمة– Regulations: وهي عبارة عن تشريعات موجهة للدول الأعضاء، وملزمة لها، وقابلة للتطبيق عليها بشكل مباشر دونما حاجة إلى تحويلها إلى تشريعات محلية أو وطنية[7]. وقد أوضحت المادة 249 من معاهدة الإتحاد أعلاه، أن للأنظمة تطبيق مباشر داخل الدول الأعضاء، حيث نصت المادة المذكورة على أن:

“A regulation shall have general application. It shall be binding in its entirety and directly applicable in all Member States” (Emphasis added).

2) التوجيهات (التعليمات) – Directives: وهي عبارة عن نوع آخر من التشريعات الهامة لعمل الإتحاد، وتكون موجهة للدول الأعضاء، وملزمة لها من حيث الأهداف والنتائج التي تسعى لتحقيقها فقط، ولكنها غير ملزمة لها من حيث آليات ووسائل تحقيق الأهداف. حيث يُترك لكل دولة تحديد الوسائل والآليات التي تفضلها للوصول إلى الأهداف والنتائج المرجوة. وعليه، تحتاج التوجيهات، من حيث المبدأ، إلى أن تتحول أولا إلى تشريعات محلية وطنية كي تصبح قابلة للتطبيق من الناحية الفعلية[8].

3) القرارات- Decisions : وهي تشريعات ملزمة للأطراف المخاطبين بها، وقد تكون هيئة أو دولة أو مؤسسة أو مجموعة محددة من الأفراد[9]، وتوجه إليهم اتخاذ إجراء أو عمل معين أو الامتناع عنه.

4) توصيات – Recommendations: وهي غير ملزمة من الناحية القانونية، إذ يترك للدول حرية العمل أو عدم العمل بها، ولكن يتعين على الدول الأعضاء التقيد بها كلما كان ذلك ممكننا وضروريا لانتظام  العمل داخل الاتحاد وتأكيد حسن النية[10].

5) الآراء – Opinions: ويتم اللجوء إليها حين تظهر الحاجة إلى تفسير مسألة غامضة. وتعبر هذه الآراء عن وجهة نظر المؤسسة الصادرة عنها، وعليه فهي لا تلزم غيرها[11].

1.2) المطلب الثاني: إلزامية مصادر القانون في الأنظمة الداخلية للدول

من خلال عرضنا لمصادر القانون في الاتحاد أعلاه، تبين أنه حسب معاهدة الإتحاد، التشريعات الوحيدة التي تعتبر ذات تطبيق أو تأثير مباشر، هي الأنظمة (Regulations).

بالنسبة للتوجيهات، فهي ملزمة من حيث الأهداف المطلوب تحقيقها. أما بالنسبة للمصادر الأخرى للقانون، بالذات المصادر الأولية، وهي القواعد القانونية الواردة في  المعاهدات المنشأة للاتحاد،  فقد سكتت الاتفاقيات نهائيا ولم تتطرق إلى مدى إلزامية القواعد الناشئة عنها في الأنظمة القانونية الداخلية للدول الأعضاء. وعليه، فقد ظهر في بالمعاهدات بهذا الخصوص نوع من الفراغ القانوني (lacuna).

والسؤال الذي طُرح في السنوات الأولى من إنشاء السوق الأوروبية، هو مدى إلزامية قواعد المعاهدات، في الأنظمة القانونية الداخلية للدول الأعضاء، وهل يستطيع الأفراد الاعتماد على هذه القواعد القانونية أمام المحاكم الداخلية للدول الأعضاء؟.

المعاهدات المنشأة- معاهدات دولية

مما لا شك فيه، أن المعاهدات المنشأة للاتحاد الأوروبي هي معاهدات دولية, حيث وقعت بين دول مستقلة. وتعرف المعاهدة الدولية “كاتفاق يكون أطرافه الدول، أو غيرها من أشخاص القانون الدولي ممن يملكون أهلية إبرام المعاهدات، ويتضمن الاتفاق إنشاء حقوق والتزامات قانونية على عاتق أطرافه، كما يجب أن يكون موضوعه تنظيم علاقة من العلاقات التي يحكمها القانون الدولي”[12]. وقد عرفت معاهدة فيينا لقانون المعاهدات المعاهدة الدولية في المادة الثانية منها كما يلي:

“المعاهدة تعني اتفاق دولي يعقد بين دوليتين أو أكثر في شكل مكتوب ويخضع للقانون الدولي سواء تم هذا الاتفاق في وثيقة واحدة أو أكثر وأيا كنت التسمية”[13].

وعليه، تنطبق هذه التعريفات على الاتفاقيات المنشأة للإتحاد. وحسب القانون الدولي، يكون للمعاهدة “قوة القانون بين أطرافها، فهي تلزم جميع الدول التي صدقت عليها أو انضمت إليها تطبيقا لقاعدة أن المتعاقد عبد تعاقده”[14]. وإذا قصر أحد أطراف المعاهدة بالتزاماته وفق المعاهدة، أو أخل بشروطها، فتنعقد عندها المسؤولية الدولية[15]. وعليه، تترتب على الدول الأعضاء مسؤولية دولية في حال الإخلال بالاتفاقيات المنشأة للاتحاد.

إلا أن إلزامية هذه المعاهدات في إطار القانون الدولي، وانعقاد المسؤولية الدولية في حال الإخلال بها،  لا تعني بالضرورة إلزاميتها في إطار القانون الداخلي. إذ يجب الفصل بين الالتزامات أو القواعد القانونية التي تنشأ بين الدول في الساحة الدولية أو في إطار القانون الدولي وبين القواعد القانونية التي تنشا في أطار القانون الداخلي. وعليه، لا تصبح أي قاعدة قانونية تنشأ في إطار القانون الدولي، جزءا من القانون الداخلي للدول أطراف المعاهدة.

ويُعد موضوع تحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي للدول من الموضوعات ذات الأهمية الكبرى على الصعيد العملي والنظري، بالذات بسبب الاتفاقيات الدولية المختلفة التي توقع عليها الدول أو المنظمات الدولية. وتباينت المذاهب في تحديد العلاقة ورسم الحدود بين القانون الدولي والقانون الداخلي. إذ ذهب فريق من الفقهاء إلى القول بان قواعد القانون الدولي العام تعد من تلقاء نفسها جزءا لا يتجزأ من القانون الداخلي، وعُرف هذا الاتجاه بنظرية وحدة القانونين. بينما ذهب فريق آخر إلى القول بأن القانون الدولي والقانون الداخلي نظامان قانونيان مستقلان عن بعضهما بعضا، وعُرف هذا الاتجاه بنظرية ثنائية القوانين[16].

ويرى أنصار مذهب ثنائية القوانين (Dualist Approach)، “أن القانون الداخلي والقانون الدولي نظامان قانونيين متساويين، ينفصل كل منهما عن الآخر، ولا يخضع أي منهما لنظام أعلى منه”[17]. وحسب أنصار هذا المذهب “فان القانون الدولي لا يتمتع بصفة الإلزام في دائرة القانون الداخلي، وهو ما يعني من الناحية العملية أنه إذا تعارضت قاعدة داخلية مع قاعدة دولية فعلى القاضي أن يطبق قاعدة القانون الداخلي لأنه يستمد سلطه واختصاصه من قانونه الوطني وليس من القانون الدولي، وتتحمل لدولة على الصعيد الدولي المسؤولية الناجمة عن مخالفتها لإلتزاماتها الدولية في مثل هذه الحالة. ويترتب على ذلك أن قواعد  القانون الدولي لا تصبح ملزمة في النطاق الداخلي أيضا إلا إذا صدرت بصورة قواعد قانونية داخلية وفقا للإجراءات الشكلية المتبعة في إصدار هذه القواعد. وهكذا لا يملك القاضي الداخلي تطبيق معاهدة دولية ما لم تتحول إلى قانون داخلي، كما لا يمكن لمعاهدة تعديل أو إلغاء قانون داخلي لاحق”[18].

وعليه، فحسب هذا المذهب، فأن القواعد الناجمة عن المعاهدات المنشأة للإتحاد، لا تعتبر جزءا من القانون الداخلي للدول الأعضاء، ولا تستطيع المحاكم الوطنية تطبيقها ما دامت لم تتحول إلى قوانين في النظام القانوني الداخلي للدولة العضو.

أيضا المذهب الآخر، مذهب وحدة القوانين، على الرغم من اختلافه مع المذهب الأول، إلا أن أنصاره يقرون أنه في حالة التعارض بين القانون الدولي والقانون الداخلي، فتكون الأولوية لقواعد القانون الداخلي[19]. وكما عبرت عن الرأي السائد أعلاه الكاتبة Evelen Ellis:

“Classical International Law is concerned primarily with regulating the relations between states, rather than with creating rights directly for their subjects, …”[20]

وعليه، إذا تم إتباع القواعد القانونية العادية في القانون الدولي، فلما كان بالإمكان اعتبار قواعد المعاهدات المنشأة للإتحاد، أو التشريعات الصادرة بموجبها، جزءا من القانون الداخلي للدول، يمكن الاعتماد عليها أمام المحاكم الوطنية.

1.3) المطلب الثالث: آلية تطبيق القانون التي وردت في المعاهدات المنشأة

الجناب الآخر الذي يتعلق بتطبيق قانون الإتحاد، والذي يجب التطرق إليه بهذا الخصوص،  هو آلية تطبيق القانون التي وردت في المعاهدات المنشأة.

المعاهدات المنشأة للإتحاد لم تمنح المحاكم الوطنية، اختصاص أو صلاحية، للبت في قضايا تطبيق المعاهدات، أو منح علاجات قانونية في حال الإخلال بالمعاهدات. بالمقابل، منحت المعاهدات صلاحيات واختصاص خاص لمحكمة العدل الأوروبية (ECJ) للبت في قضايا مختلفة تتعلق بانصياع الدول الأعضاء للمعاهدات، واحترام قواعدها.

فقد منحت المادة 226 من معاهدة الإتحاد[21]، المفوضية، صلاحية رفع الدعاوى ضد أية دولة من دول الإتحاد تعتقد أنها أخلت بأي التزام حسب المعاهدات. كما تستطيع المفوضية رفع دعوى أيضا بسبب إخلال الدولة العضو بالأنظمة أو التوجيهات. ولكن، قبل رفع دعوى من هذا النوع، على المفوضية أن تتقدم لتلك الدولة بتقرير مفصل (Reasoned Opinion)  يُفصل لماذا تعتقد المفوضية أن الدولة العضو تخل بالتزاماتها. وإذا لم تعدل الدولة العضو عما ورد في التقرير خلال المدة التي تحددها المفوضية، تقدم ضدها حينها دعوى إلى المحكمة.

كما منحت المادة 227 من معاهدة الإتحاد[22]،  الدول الأعضاء صلاحية رفع دعوى ضد دولة عضو أخرى، إذا كانت تدعي لإخلال الأخيرة بالمعاهدة. إلا أنه على الدولة العضو، قبل أن ترفع دعوى ضد دولة عضو أخرى، أن تقدم شكوى أمام المفوضية. وعلى المفوضية سماع الأطراف وإصدار تقريرها، وفقط بعد إصدار التقرير، تستطيع الدولة العضو التوجه إلى المحكمة. 

الصلاحية المذكورة التي منحت للمحكمة، هي صلاحية دولية[23]، حيث أن طرفي القضية هم أشخاص القانون الدولي، وسبب الدعوى هو الإخلال بمعاهدة دولية. وإذا توصلت المحكمة إلى النتيجة أن الدولة قد أخلت بأحد التزاماتها حسب المعاهدات، فتستطيع أن تفرض على الدولة المخلة اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل تنفيذ التزاماتها[24]. كما خولت معاهدة ماسترخت محكمة العدل الأوروبية صلاحية فرض غرامات على الدولة المخلة، في حال لم تنفذ الدولة المخلة الإجراءات التي فرضتها عليها المحكمة، وتوجهت المفوضية إلى المحكمة بهذا الخصوص مرة أخرى[25].

إذا، وردت في المعاهدات المنشأة للإتحاد، آلية تطبيق مفصلة، من أجل فرض تنفيذ الالتزامات على الدول الأعضاء، وذلك عن طريق التوجه إلى المحكمة الأوروبية، التي تعتبر ذات الصلاحية للبت في هذا النوع من القضايا. من جهة أخرى، لم يرد في المعاهدات أي ذكر لصلاحية المحاكم الوطنية للبت بهذا النوع من القضايا، أو صلاحيتها بفرض قواعد المعاهدات على الدول التي تعمل داخلها. فهل، للمحاكم الوطنية، صلاحية موازية لصلاحية محكمة العدل الأوروبية بهذا الخصوص؟!.

هذا ما سنراه لاحقا، في السوابق القانونية التي تبنتها محكمة العدل الأوروبية. ولكن لا بد قبل ذلك أن نتطرق إلى مآخذ آلية تطبيق القانون التي وردت في المعاهدات، كما وقفنا عليها أعلاه. إذ أن فهم هذه المآخذ يوضح لنا، الخلفية القانونية، التي أدت بمحكمة العدل الأوروبية تبني سوابق قانونية جديدة لم يرد ذكرها بالمعاهدات، من أجل تقوية ودعم آلية تطبيق القانون في الاتحاد.

1.4) المطلب الرابع: مآخذ آلية تطبيق القانون الواردة في المعاهدات

تتبع الأنظمة القانونية آليتان أساسيتان من أجل تطبيق القواعد القانونية لنظامها. الأولى، هي الاعتماد على آلية التنفيذ العام للقانون (Public Enforcement)، أي عن طريق الدولة أو مؤسساتها. الثانية، هي السماح للأفراد، إضافة على صلاحية الدولة، التوجه للمحاكم بقضايا شخصية، أيضا من أجل حماية القواعد القانونية وفرض سلطة القانون.

كما عرضنا أعلاه، فقد انتهجت المعاهدات المنشأة للإتحاد، طريقة التنفيذ العام للمعاهدات (Public Enforcement)، حيث مُنحت المفوضية صلاحيات لملاحقة الدول الأعضاء، كما منحت الدول الأعضاء صلاحيات مشابه.  ولكن هنالك مآخذ عديدة على النهج المذكور لتطبيق القانون[26].

أول هذه المآخذ، هو تحميل عبئ فرض القانون للمفوضية بشكل مطلق، الأمر الذي يزيد من مسؤولياتها ويثقل عليها بشكل مفرط. إذ انه نادرا ما تتقدم دولة عضو بقضية ضد دولة عضو أخرى، وحتى لو حدث ذلك، فحسب المادة 227، تكون المفوضية مرتبطة بالموضوع، إذ أن عليها البت في الشكوى وتقديم تقريرها قبل أن تتمكن الدولة العضو من تقديم دعوى أمام المحكمة. ولكن للمفوضية أعباء عديدة أخرى غير تنفيذ دور “النائب العام” (Prosecutor). وعليه، إذا زاد عدد الشكاوي على الإخلال بالقانون بشكل كبير،  سيكون ذلك على حساب مهام هامة أخرى ملقاة على عاتق المفوضية، مثل تقديم اقتراحات قانون، التي تعتبر من أهم مهام المفوضية. من الجهة الأخرى، فأن الإدعاءات الشخصية من قبل الأفراد بشكل مباشر أمام المحاكم، تكمل عملية فرض القانون، وتخفف من العبء  الملقى على المفوضية[27].

مشكلة أخرى تواجه آلية تطبيق القانون العامة، هي مشكلة المعرفة أو الوعي بحقيقة وقوع الإخلال بقواعد الاتفاقيات. فشرط مسبق لكي تستطيع المفوضية القيام بدورها في تطبيق القانون بشكل فعال وملاحقة الدولة المخلة، هي معرفتها بوقوع الإخلال بالقاعدة القانونية. وفعلا، قد تستطيع المفوضية الحصول على المعلومات بشأن وقوع الإخلال، ولكن ذلك سيكون من خلال عملية بيروقراطية ومعقدة، إذا أخذنا بعين الاعتبار الحجم الضخم للاتفاقيات والأنظمة والتوجيهات، وحجم الدول الأعضاء نفسها التي هي في تزايد مستمر. هذا الواقع يحدث صعوبة في سهولة الوصول إلى المعلومات عن الإخلال، على الرغم من مقدرة الأفراد التوجه للمفوضية وعرض شكاويهم[28]. من جهة أخرى، مَنح الأفراد حق مقاضاة الدول الأعضاء بسبب الإخلال بالمعاهدات أمام المحاكم الوطنية، يسهل هذه العملية، لأن الفرد الذي يدعي لحدوث مخالفة أضرته، يعي أكثر من أي شخص آخر وقائع القضية، ويكون له دافع قوي بالإتيان بالقضية لتدقيق المحكمة وإصدار حكمها[29].

المأخذ الآخر على آلية تطبيق القانون، يتعلق بالقيود المفروضة على محكمة العدل الأوروبية بالنسبة للعلاجات التي تفرضها في حالة الإخلال بقواعد المعاهدات أو التشريعات الصادرة بموجبها. فكما رأينا أعلاه، لا تستطيع المحكمة الأوروبية فرض غرامات على الدولة المخلة من أول مرة ظهر أمامها الإخلال، بل عليها أن تفرض أولا على الدولة العضو اتخاذ الإجراءات اللازمة لتصليح الإخلال. فقط في حال لم تذعن الدولة العضو لقرار المحكمة، فقد عندها، وبعد توجه المفوضية مرة أخرى للمحكمة،  يمكن فرض غرامات على الدولة العضو. ولكن إذا استمرت الدولة العضو في الإخلال، فهناك حدود من الناحية الواقعية على ما يمكن فعله.

ويمكن التغلب على هذه المشكلة، في حال مُكن الأفراد من التوجه إلى محاكمهم الوطنية ضد الإخلال بالاتفاقيات. إذ كما هو معروف، فأن الحكومات تميل غالبا إلى احترام القرارات الصادرة عن محاكمها الوطنية، باعتبارها أحد مؤسسات الدولة[30]. كما أن للمحاكم الوطنية تجربة أكبر بموضوع العلاجات اللازمة ضد الإخلال بالقانون، وتستطيع أن تفرض على الحكومات أوامر مختلفة لتحول دون الإخلال[31].

المشكلة الأخيرة، التي تواجه هذا النوع من آلية تطبيق القانون هي مشكلة رمزية. إذا أن مقدمة الاتفاقية تتحدث عن إرساء الأسس من اجل خلق إتحاد اقرب بين شعوب القارة الأوروبية[32].  وتعمل جميع مؤسسات الاتحاد من أجل خلق تقارب سياسي واجتماعي بين جميع شعوب ودول الإتحاد. لذلك، فان رفع قضايا متكررة من قبل المفوضية ضد الدول الأعضاء، أو رفع دولة عضو قضية ضد دولة عضو آخر، لا يصب في خدمة هذه المصلحة والهدف[33]، بل انه يؤدي إلى خلق توتر وحساسية بين المفوضية والدول الأعضاء أو بين دولة عضو وأخرى[34].

بيد أن منح الفرد إمكانية التوجه إلى المحاكم الوطنية للدولة العضو، يعفي بشكل معين مؤسسات الإتحاد من الدخول في هذا التوتر، كما أن المشكلة تصبح بين الفرد والدولة، ويتم البت فيها في المحاكم الوطنية، الأمر الذي يخف كثيرا من شدة التوتر في القضايا البديلة وفق الآلية التي وردت في المعاهدات.

وعليه، ونظرا لهذه المآخذ، كان لا بد من التفكير، هل يجب أيجاد آلية بديلة وإضافية لتطبيق قانون الاتحاد وفرض قواعده غير تلك التي وردت في المعاهدات؟ أو هل يمكن أعطاء الأفراد حق الاعتماد على قواعد قانون الإتحاد أمام المحاكم الوطنية؟.

لقد طرح هذا السؤال على محكمة العدل الأوروبية في بدايات سنوات الإتحاد، في سنة 1962،  في القضية المشهورة، قضية Van Gend en Loos [35]، والتي تبنت فيها المحكمة الأوروبية مبدأ التأثير المباشر (Direct Effect). وعليه، سنقف فيما يلي على حيثيات هذه القضية، والمبدأ الهام الذي صدر عنها، والذي يعتبر سابقة قانونية ضخمة في تاريخ قانون الإتحاد الأوروبي، بل على صعيد قانون المعاهدات الدولية.

2) المبحث الثاني: تبني مبدأي التأثير المباشر وغير المباشر

2.1) المطلب الأول: مبدأ التأثير المباشر، قضية Van Gend en Loos

يقصد بمبدأ التأثير المباشر، هو مقدرة الإفراد الاعتماد على القواعد القانونية للنظام القانوني الجديد في الإتحاد، أمام المحاكم الوطنية. وكما جاء التعريف على لسان الكاتبة Josephine Steiner:

“Directly effective Community law is Community law which may be invoked by individuals before their national courts”[36].

من الواضح أن المعاهدات، تلزم الدول الأعضاء، وكذلك التشريعات الثانوية التي صدرت بموجبها. وكما رأينا، إذا أخلت الدولة العضو بواجبها، فيمكن مقاضاتها أمام محكمة العدل الأوروبية. ولكن، ما هي مكانة هذه القواعد القانونية، داخل الأنظمة القانونية الداخلية للدول الأعضاء؟. وهل يمكن الاعتماد عليها أمام المحاكم الوطنية؟

كما رأينا أعلاه، لم تتطرق المعاهدات لهذه المسألة، وعليه، أجابت عليها المحكمة الأوروبية، بمجموعة من القرارات أهمها قرار Van Gend.

كان المدعي في القضية المذكورة، مستورد هولندي لمواد كيماوية. وقد استورد من ألمانيا إلى هولندا في سنة 1960 مواد كيماوية معينة، وطُلب منه أن يدفع جمركا بما نسبته 8%. هذه النسبة تم فرضها عن طريق قانون هولندي من سنة 1959. فادعى المستورد الهولندي، أن هذا الجمرك يتعارض مع المادة 12 من معاهدة ال-EC، الذي يمنع فرض جمارك جديدة أو ضرائب ذات أثر مماثل على الاستيراد من الدول الأعضاء، أو على رفع قيمة الجمارك القائمة. وقد جاء فعلا في المادة 12 المذكورة أن على الدول الأعضاء:

“To refrain from introducing between themselves any new customs duties on imports or exports or any changes having equivalent effect”[37].

وعند دخول معاهدة السوق الأوروبية (EEC) حيز النفاذ في سنة 1957، كانj نسبة الجمرك المفروضة على استيراد البضائع المذكورة من ألمانيا هي 3%. مفوضية الضرائب الهولندية، وهي هيئة قانونية ذا صلاحيات قضائية، وجهت إلى محكمة العدل الأوروبية السؤال، “هل توجد للمادة 12 تأثير مباشر في داخل الدولة العضو، أو بكلمات أخرى، هل يستطيع أفراد الدولة، الاعتماد على هذه المادة والادعاء لحقوق شخصية يتوجب على المحاكم الوطنية حمايتها؟“.

كانت الخلفية للسؤال المذكور، أنه في دول كثيرة، يوجد فصل تام بين القانون الدولي التعاقدي وبين القانون المحلي، وتعتد هذه الدول بمبدأ ثنائية القوانين، بحيث أن المعاهدات الدولية لا تنشأ حقوق أو واجبات لمواطني الدولة في إطار القانون الداخلي.

سمعت المحكمة الأوروبية ادعاءات ثلاثة دول، هولندا، ألمانيا وبلجيكا، وكانت الإدعاءات متشابهة. وقد طرحت هذه الدول إدعاءين أساسيين. الأول، أن المعاهدات المنشأة للإتحاد قد نصت بشكل واضح على آلية تطبيق المعاهدات، وأن العلاج الوحيد المذكور في المعاهدات في حالة الإخلال بقواعدها، هو التوجه إلى محكمة العدل الأوروبية من قبل المفوضية أو من قبل الدولة العضو[38] حسب المواد 226 و- 227 لمعاهدة الإتحاد[39]. أما الإدعاء الثاني، فقد أضاف على الإدعاء الأول، أن المعاهدات المنشأة للاتحاد هي معاهدات دولية تنظم العلاقة بين الدول، ويتم تطبيقها وفق الطريقة التي نصت عليه المعاهدة، وعليه ليس للمحاكم الوطنية صلاحية النظر بهذه القضايا[40]. واستمر هذا الإدعاء ليقول، أن منح الأفراد حق الإدعاء أمام المحاكم الوطنية لم يكن المقصود من وراء توقيع الاتفاقيات، وعليه، فإن منح هذا الحق اليوم، يعني تغيير طبيعة الالتزامات التي قبلتها الدول الأعضاء عند توقيع الاتفاقية[41].

رفضت محكمة العدل الأوربية إدعاءات الدول أعلاه، وخاصة الإدعاء بحصرية آلية التطبيق وفق المواد 226 و- 227 للاتفاقيات. واعتبرت المحكمة الإدعاء المذكور بأنه ادعاء خاطئ، إذ أن وجود أمكانية للمفوضية وللدول الأعضاء للتوجه إلى المحكمة لا يعني أن الأفراد لا يستطيعون رفع دعاوي من قبلهم أيضا[42]. وفي قرار جريء، يعتبر من أهم السوابق القانونية في الإتحاد، أجابت المحكمة بالإيجاب على السؤال الذي وُجه إليها من قبل مفوضية الضرائب الهولندية. وقد اعتمدت محكمة العدل الأوروبية في قرارها على المبني العام للمعاهدة، على “روح المعاهدة” وأهدافها، وتوصلت إلى النتيجة أن الدول الأعضاء قد وافقوا أن يكون لقانون الاتحاد مكانة ملزمة داخل الدول الأعضاء، بحيث يستطيع الأفراد الاعتماد عليه أمام المحاكم الوطنية. واعتبرت المحكمة أن السوق الأوروبية عبارة عن نظام قانوني جديد في القانون الدولي قيدت الدول الأعضاء من أجله سيادتها، في مواضيع محددة، والحقوق الممنوحة وفقا له ليست للدول فقط، وإنما لمواطنيها أيضا، وأن قانون الاتحاد الأوروبي لا يفرض واجبات على الأفراد فقط، وإنما يمنحهم حقوق أصبحت جزء من تراثهم القانوني. وكما جاء في الفقرة المشهورة من القرار:

“The community constitute a new legal order of international law for the benefit of which the states had limited their sovereign rights,  albeit within limited fields, and the subject of which comprise not only the Member States but also their nationals. Independently of the legislation of a Member States Community law therefore not only imposes obligations on individuals but is also intended to confer on them rights which become rights of their legal heritage. These rights arise not only where they are expressly granted by the treaty, but also by reason of obligations which the treaty  imposes in a clearly defined way upon individuals as well upon Member States and upon institutions of the community”[43]

وقد اعتمدت المحكمة لوصولها إلى النتيجة أعلاه، على عدة ركائز. أول ركيزة، كانت استخدامها لطريقة التفسير الهادف (purposive approach) والتي أصبحت من مميزات المحكمة الأوروبية. ولهذا فقد بدأت المحكمة القرار بالإشارة إلى الأهداف العامة وروح المعاهدة. وبناء على طريقة التفسير هذه، توصلت المحكمة إلى أن معاهدة الإتحاد ليست فقط معاهدة تنظم العلاقة بين الدول، وأنما تُعني أيضا بالأفراد[44].  أما الركيزة الثانية، فكانت اعتبار المحكمة أنه يمكن أن يستدل من المادة 177 من المعاهدة، أن الدول الأعضاء اعترفت أن لقانون الاتحاد قوة وصلاحية يمكن الاعتماد عليها أمام المحاكم الوطنية[45]. أما الركيزة الثالثة لتعليل القرار، فكانت تركيز المحكمة على المادة 12 موضوع القضية التي عُرضت أمامها. واعتبرت المحكمة أن المادة 12 تعتبر مادة كلاسيكية لتطبيق هذا المبدأ. حيث شددت المحكمة على الجانب السلبي للالتزام الوارد بها، حقيقة كونه غير مشروط، وأن تطبيقه لا يعتمد على أية إجراءات إضافية من قبل الدولة العضو قبل اعتباره نافذا في القانون الداخلي[46].

2.2) المطلب الثاني: شروط تطبيق المبدأ

ولكن ليست كل المواد القانونية لتشريعات الاتحاد الأوروبي، تنخرط في القانون الوطني ويمكن الاعتماد عليها أمام المحاكم الوطنية، بل عليها تحقيق شروط معينة قبل ينطبق عليها هذا المبدأ. من اجل الاعتماد على المادة القانونية أمام المحكمة الوطنية واعتبارها Directly Effective يجب أن تتوفر بها الشروط الأساسية التالية[47]:

أ) الشرط الأول: أن تكون المادة موضوع القضية واضحة ودقيقة بشكل كافي من أجل تطبيقها قضائيا. لا تكفي عبارات عامه، أو كلمات مثل ”يحاولوا“، أو ”يفحصوا“ أو ”يعملوا لهدف“ وما شابه من هذه العبارات.

مثال على هذا الشرط، هي المادة 141 من معاهدة الإتحاد (المادة 119 سابقا)، حيث تحرم هذه المادة أي تمييز بين الرجل والمرأة في دفع أجرة العمل[48]. حيث جاء في الفقرة الأولى من المادة 141:

Article 141

1. Each Member State shall ensure that the principle of equal pay for male and female workers for equal work or work of equal value is applied”[49].

وفي قضية Defrenne v. Sabena [50]، اعتبرت محكمة العدل الأوروبية، أن المادة المذكورة دقيقة وواضحة بحيث تفي بالشرط المطلوب أعلاه.

مثال آخر، ورد في قضية Salgoil v. Italian Ministry for foriengn trade [51]، حيث كان موضوع القضية، رفع كميات الاستيراد، بشكل مَنح المفوضية صلاحية ورأي بالنسبة لطريقة التنفيذ. وعليه، قررت المحكمة أن المادة المطروحة لا يمكن أن تخلق تأثيرا مباشرا.

ب)  الشرط الثاني: أن  تَكون القاعدة القانونية واجب غير مشروط. أي أن لا تكون هنالك حاجة لاتخاذ إجراءات إضافية من أجل تطبيقها. وكما جاء على لسان الكاتب Fairhurst:

“Unconditional: A Community provision is ‘unconditional’ where it is not subject, in its implementation or effects, to any additional measure by either the Community institutions or Member States”[52].

مثال على تحقق هذا الشرط، هي المادة 12 لمعاهدة الاتحاد التي كانت موضوع قضية Van Gend. من جهة أخرى، وعلى سبيل المثال، ففي قضية Costa v. ENEL  [53]، فقد اعتبرت المحكمة أن المادة 97 من الاتفاقية (المادة 102 سابقا)، لا تفي بشرط الواجب غير المشروط. وكان جاء في المادة المذكورة، أنه في حال رغبت الدولة العضو بأجراء تعديل على قوانينها، بشكل قد يؤثر على ظروف التنافس في السوق المشتركة، فيتوجب عليها أجراء تشاور مسبق مع المفوضية[54]. وحيث أن هنالك حاجة لإجراءات إضافية (التشاور في هذه الحالة)، فلم ترى المحكمة أن المادة أعلاه تنطوي على واجب غير مشروط[55].

ج) الشرط الثالث: أن يكون الواجب تام وشامل من ناحية قضائية، واستعماله غير مرتبط بوسائل يجب على مؤسسات السوق او الدول اتخاذها مع إمكانية تفعيل صلاحيتها أو رأيها.

مثال على ذلك، هو ما جاء في قرار المحكمة الأوروبية في قضية Ministere Public Luxembourgeois v. Muller  [56]، حيث عرضت على المحكمة المادة 90(2) من معاهدة الإتحاد. واعتبرت المحكمة أن هذه المادة لا تفِ بالشرط المطلوب أعلاه، موضحة ما يلي:

“Its application involves an appraisal of requirements, on the one hand, of the  particular task entrusted to the undertaking concerned and, on the other hand, the protection of the interest of the community. This appraisal depends on the objectives of general economic policy pursued by States under the supervision of the Commission. Consequently …Article 90(2) cannot at the present stage create individual rights which the national courts must protect”[57] .  

وبعبارات أخرى الشرط أعلاه متعلق بالسلطة التقديرية والرقابية للمفوضية، وعليه لا يمكن أن يكون له تأثير مباشر أمام المحاكم الوطنية.

2.3) المطلب الثالث: توسيع نطاق تطبيق المبدأ على مصادر القانون الأخرى

كما رأينا أعلاه، فان قانون الاتحاد لا يقتصر فقط على القواعد الواردة في المعاهدات المنشأة للاتحاد، وإنما هنالك القواعد الثانوية، التي تشمل الأنظمة، والتوجيهات والقرارات، والتي تصدر عن مؤسسات الاتحاد بناء على الصلاحية المخولة لهن، في المعاهدات المنشأة. وقد فتح قرار المحكمة أعلاه، المجال لتطبيق قواعد قانون الاتحاد بأكمله داخل المحاكم الوطنية.

وقد كان الرأي السائد في بادئ الأمر، أنه حسب المادة 249 من معاهدة الإتحاد، يمكن أن يكون تأثيرا مباشرا للمعاهدات والأنظمة فقط. إلا أن المحكمة الأوروبية أوضحت في عدة قرارات انه، فيما عدا المعاهدات والأنظمة التي لا يوجد خلاف على تأثيرها المباشر،  يمكن أن يكون تأثيرا مباشرا للتوجيهات (Directives)، القرارات (Decisions) أيضا، وحتى قواعد معاهدات مع دول أخرى[58].

1) الأنظمة– Regulations:

لا يوجد خلاف على التطبيق أو التأثير المباشر للأنظمة داخل الدول الأعضاء[59]. فكما رأينا أعلاه، فقد عبرت عن ذلك صراحة المادة 249 من معاهدة الإتحاد، حين نصت المادة على أن:

“A regulation shall have general application. It shall be binding in its entirety and directly applicable in all Member States” (Emphasis added).

بل يمكن القول، أن المحكمة الأوروبية اعتمدت في الأساس في تبنيها مبدأ التأثير المباشر، على النص أعلاه، آخذة بمبدأ القياس. إذ من غير المعقول، أن يكون لقواعد الأنظمة الصادرة عن مؤسسات الإتحاد تأثيرا مباشرا داخل الدول الأعضاء، بينما لا يكون لقواعد المعاهدات المنشأة نفسها، والتي  خولت صلاحية إصدار الأنظمة، تأثيرا مباشرا.

2) التوجيهات (التعليمات) – Directives:

كما رأينا أعلاه، التوجيهات تكون موجهة للدول الأعضاء، لتحقيق أهداف معينة. وتترك لكل دولة تحديد الوسائل والآليات التي تفضلها للوصول إلى الأهداف والنتائج المرجوة. وكان من المتوقع أن لا يطبق مبدأ التأثير المباشر على التوجيهات نظرا لنص المادة 249[60].

ولكن، على الرغم من وجود فرق واضح بين الأنظمة والتوجيهات، إلا أنه مع مرور الوقت،  تلاشت الفروق بشكل كبير. إذ تم استخدام التوجيهات للتشريع بشكل كبير، ورويدا رويدا أصبح نص التوجيهات على شكل أوامر مفصلة، لا تختلف بشكل كبير عن الأنظمة.

وعليه، فاجأت محكمة العدل الأوروبية المراقبين، في  سنوات السبعين، عندما أقرت تطبيق هذا المبدأ على التوجيهات أيضا[61] في قضية Van Duyn v. Home Office [62]. حيث جاء في قرار المحكمة، بأنه يمكن الاعتماد على التوجيهات الموجهة للدول الأعضاء أمام المحاكم الوطنية، في حال مرور المدة المحددة لتطبيقها. وقد عللت محكمة العدل الأوروبية تطبيقها لهذا المبدأ على التوجيهات أيضا،  بأنه من غير المعقول أن تعتمد دولة لم تنفذ التوجيهات الموجة أليها خلال المدة المحددة لذلك، على تقصيرها في تنفيذ التوجيه، في قضية توجه ضدها مطالبة إياها بتنفيذ التوجيه[63].

3) القرارات- Decisions :

بخلاف الأنظمة والتوجيهات، القرارات ليست عبارة عن تشريع عام، وإنما تكون موجهة إلى شخص معين أو هيئة معينة أو لمجوعة معينة من الأشخاص أو الدول، وتلزم المخاطبين بها فقط. مثال على ذلك، هو قرار المفوضية، فرض غرامة على شركة معينة تبين أنها تخالف قواعد التنافس في الاتحاد.

ولكن المحكمة الأوروبية قررت في قضية Grad [64]، بأنه يمكن أن يكون لقرارات الإتحاد أيضا، تأثيرا مباشرا. وقد عللت المحكمة قرارها بنفس الطريقة التي عللت بها القرار المتعلق بالتوجيهات[65]. وكما جاء في قرار المحكمة:

“It would be incompatible  with the binding effect attributed to Decisions by Article 189 [now 249] to exclude in principal the possibility that persons affected may invoke the obligation imposed by a decision”[66]

4) اتفاقيات الإتحاد مع دول أخرى

كما هو معلوم، فإن للمفوضية حق الدخول في معاهدات دولية مع دول ثالثة غير الدول الأعضاء، في المجالات التي تنص عليها المعاهدات. وقد اعتمدت المحكمة الأوروبية هذا المبدأ أيضا بالنسبة لهذا النوع من المعاهدات[67].

وبناء على هذه القرارات، يستطيع تجار الدول الخارجية الذين يتعاملون مع الإتحاد، التوجه للمحاكم الوطنية في الإتحاد، إذا كانون يعتقدون أن مؤسسات الإتحاد أو الدول الأعضاء تضع العراقيل والصعوبات أمام تصديرهم لمنتجاتهم، بشكل مخالف لقواعد المعاهدة مع الإتحاد. وتقرر أيضا، أنه يمكن الاعتماد على  قواعد الاتفاقيات في المحاكم الوطنية، حتى وان لم تكن هنالك إمكانية مقابلة لتطبيق الاتفاق بهذا الشكل في الدولة المتعاقدة مع الإتحاد[68].

2.4) المطلب الرابع: مبدأ التأثير غير المباشر- Indirect Effect

بالإضافة إلى مبدأ التأثير المباشر، فقد اعتمدت محكمة العدل الأوروبية مبدأ التأثير الغير مباشر (Indirect Effect). وحسب هذا المبدأ، الذي جاء مكملا لمبدأ التأثير المباشر،  يتوجب على المحاكم الوطنية تفسير القوانين المحلية للدول الأعضاء، قدر الإمكان، بشكل يتماشى مع قانون الاتحاد، بما في ذلك، التوجيهات (directives)[69]. أي أنه إذا كانت هنالك إمكانيتان لتفسير نص القانون المحلي، الأولى تتعارض وتصطدم مع تشريعات الإتحاد، والثانية تتماشى معه، فيتوجب عندها على المحكمة تفضيل التفسير الثاني على الأول.

ويُطبق هذا المبدأ من قبل المحاكم خاصة قبل انتهاء الموعد الأخير لتنفيذ التوجيهات من قبل الدولة[70].  وهنا تكمن الفائدة في تبني مثل هذا المبدأ، وأفضليته في هذه المرحلة على مبدأ التأثير المباشر. إذ كما رأينا اعلاه، لا يمكن تطبيق مبدأ التأثير المباشر على التوجيهات، إلا بعد مرور المدة التي حددت للدولة من أجل تنفيذ التوجيه. وعليه، يواجه هذا المبدأ مشكلة، في الفترة التي تقع بين صدور التوجيه، وبين موعد تنفيذه الأخير. وجاء هذا المبدأ ليغطي على النقصان أو المشكلة التي يواجهها مبدأ التأثير المباشر في هذه الفترة[71].

خاتمة:

كان للسابقة القضائية في قضية Van Gend، تأثير كبير على النظام القانوني للاتحاد الأوروبي.  حيث اعتمد لأول مرة مبدأ التأثير المباشر، لاتفاقيات، هي في الأصل اتفاقيات بين دول، وأصبح من الممكن الاعتماد على القواعد القانونية التي تنطوي عليها هذه الاتفاقيات، والتشريعات الثانوية الصادرة  بموجبها، أمام المحاكم الوطنية.

)

صحيح أن هنالك جدل قانوني، حول صحة النهج القانوني الذي توصلت المحكمة من خلاله إلى النتيجة أعلاه، لا سيما استخدام المحكمة لنهج التفسير الواسع والهادف للمعاهدات. ولكن من الواضح أن المحكمة رغبت في الأساس، بتقوية النظام القانوني للإتحاد الأوروبي ورفع سلطة قانون الاتحاد، ليس فقط في الإطار الدولي بين الدول الأعضاء، وإنما في الإطار الداخلي أيضا[72]. إذ يمكن القول، أنه إذا لم تنحُ المحكمة هذا النحو في القضية المذكورة، لكانت إمكانية تطبيق قواعد المعاهدات ضعيفة، كما هو الحال في تطبيق المعاهدات الدولية بشكل عام. فكما هو معلوم، فأن هنالك الكثير من المعاهدات الدولية، التي تنطوي على قواعد قانونية جيدة، إلا أن انعدام آلية فعالة لتطبيقها، يحول دون الاستفادة منها. 

وعندما اعتمدت المحكمة هذا المبدأ، فقد رفعت بهذا من شان وقوة قانون الاتحاد داخل الدول الأعضاء. حيث أن معرفة الدول الأعضاء، أن الأفراد يستطيعون التوجه إلى المحاكم الوطنية، لمنع أي أخلال في قواعد المعاهدات، هي ذاتها رادع كبير للدول الأعضاء من الإخلال بالمعاهدات، وتدفعها إلى احترام المعاهدات وتطبيق قواعدها.

إلا أن النتيجة الأهم لاعتماد هذا المبدأ، كانت خلق نظام ثنائي في ملاحقة الإخلال بقوانين الاتحاد من قبل الدول الأعضاء. فكما أوضحنا أعلاه، هنالك  مآخذ عديدة، على آلية تطبيق المعاهدات وفق المواد 226 و- 227 للاتفاقية، بسبب الصعوبات التي فد تواجه المفوضية في تنفيذ مهامها، والبيروقراطية التي تنطوي عليها انتهاج هذه الآلية، والحساسية التي قد تخلقها هذه الملاحقة بين مؤسسات وأعضاء الإتحاد. وعليه, النتيجة الهامة لاعتماد هذا المبدأ، هو خلق نظام ثنائي في ملاحقة خرق قوانين الإتحاد، بشكل يخفف من العبء الملقى على عاتق المفوضية، ويمكن بواسطته التغلب من الصعوبات في انتهاج آلية التطبيق الأولى وفق المعاهدات. حيث خلق القرار، ثنائية في الإمكانيات،  لإلزام الدول في تطبيق قواعد النظام الجديد، إذ:

أ) يمكن ملاحقة الدول على المخالفات أمام المحكمة الأوروبية، وفق المواد 226 و- 227.

ب) يمكن ملاحقة الدول على المخالفات من قبل الأفراد أمام المحاكم الوطنية وفق القرار أعلاه.

الفائدة الهامة الإضافية لاعتماد هذا المبدأ هو إشراك المحاكم الوطنية بشكل كبير في عملية فرض قانون الإتحاد. فبعد قرار Van Gend، بدأت المحاكم الوطنية تأخذ دورا فعالا في تطبيق قانون  الإتحاد. ولم يعد يقتصر الأمر على محكمة العدل الأوروبية، والتوجه إليها بالطرق العادية والمعقدة.

هكذا هو الأمر بالنسبة لمبدأ التأثير غير المباشر. إذ جاء هذا المبدأ ليكمل المبدأ الأول وليخلق تقارب وتناغم بين القوانين الداخلية للدول الأعضاء وبين قانون الإتحاد، الأمر الذي يزيد من فرص تطبيق قانون الاتحاد داخل الدول الأعضاء.

                                                                        غياث ناصر

                                                                القدس، 10 يونيو، 2007.


[1] The Treaty Establishing the European Coal and Steel Community 261 UNTS 161.

[2] The Treaty Establishing the European Economic Community, 298 UNTS 11.

[3]  The Single European Act, done at Luxembourg, 17 February 1986 ant at Hague, 28 February 1986, reprinted in [1987] CMLR 741.

[4]  The Treaty on European Union, Official  Journal of  the European Community 1993 C 224 (Hereinafter “EU Treaty”).

[5] سيطلق كلمة معاهدة الإتحاد أيضا على معاهدة السوق الأوروبية المشتركة EEC.

[6] EUROPEAN UNION — CONSOLIDATED VERSIONS OF THE TREATY ON EUROPEAN UNION AND OF THE TREATY ESTABLISHING THE EUROPEAN COMMUNITY Official Journal C 321E of 29  December 2006.

[7] مركز دراسات الوحدة العربية، الأتحاد الأوروبي والدروس المستفادة عربيا، (بيروت، 2004) ص. 251.

[8] المصدر نفسه، ص. 251. وقد جاء في المادة 249، بخصوص إلزامية التوجيهات ما يلي:

“A directive shall be binding, as to the result to be achieved, upon each Member State to which it is addressed, but shall leave to the national authorities the choice of form and methods”.

[9] المصدر نفسه، ص. 251. وقد جاء في المادة 249، بخصوص إلزامية القرارات ما يلي:

“A decision shall be binding in its entirety upon those to whom it is addressed”.           

[10] المصدر نفسه، ص. 251. وقد جاء في المادة 249، بخصوص إلزامية التوصيات والآراء ما يلي:

 “Recommendations and opinions shall have no binding force”.

[11] المصدر نفسه، ص. 251. أنظر الملاحظة السابقة.

[12] عبد الكريم علوان، الوسيط في القانون الدولي العام، (مكتبة دار الثقافة للنشر واالتوزيع، عمان 1997) ص. 259.

[13] المصدر نفسه، ص. 337.

[14] المصدر نفسه، ص. 295.

[15] صلاح الدين عامر، مقدمة لدراسة القانون الدولي، (دار النهضة االعربية، القاهرة، 2003).  وتعني المسؤولية الدولية “مجموعة القواعد القانونية التي تحكم أي عمل أو واقعة تنسب إلى أحد أشخاص القانون الدولي، وينجم عنها ضرر لشخص آخر من أشخاص القانون الدولي، وما يترتب على ذلك من التزام الأول بالتعويض”.

[16] رشاد عارف السيد، القانون الدولي العام في ثوبه الجديد، (عمان، 2001) ص. 47.

[17] المصدر نفسه، ص. 47.

[18] المصدر نفسه، ص. 48.

[19] المصدر نفسه/ ص. 51-52.

[20] Evelen Ellis, “The Enforcement of EEC Law in the Courts of the Member States: What Direct Affect Really Mean?” (1989-1990) 14 Holdsworth L. Rev.  94.

[21] EU Treaty, consolidated version, Supra note 6, Article 226: “If the Commission considers that a Member State has failed to fulfill an obligation under this Treaty, it shall deliver a reasoned opinion on the matter after giving the State concerned the opportunity to submit its observations.

If the State concerned does not comply with the opinion within the period laid down by the Commission, the latter may bring the matter before the Court of Justice”.

[22] EU Treaty, consolidated version, Supra note 6, Article 227:

“A Member State which considers that another Member State has failed to fulfill an obligation under  this Treaty may bring the matter before the Court of Justice.

Before a Member State brings an action against another Member State for an alleged infringement of an obligation under this Treaty, it shall bring the matter before the Commission.

The Commission shall deliver a reasoned opinion after each of the States concerned has been given the opportunity to submit its own case and its observations on the other party’s case both orally and in writing.

If the Commission has not delivered an opinion within three months of the date on which the matter was brought before it, the absence of such opinion shall not prevent the matter from being brought before the Court of Justice”.

[23] Robbie Sabel, International Law, (The Harry and Michael Sacher Institute for legislative research and Comparative law, Hebrew University, Jerusalem, 2003) (In Hebrew) at 145.

[24]  EU Treaty, consolidated version, Supra note 6, Article 228(1): “1. If the Court of Justice finds that a Member State has failed to fulfill an obligation under this Treaty, the State shall be required to take the necessary measures to comply with the judgment of the Court of Justice”.

[25] EU Treaty, consolidated version, Supra note 6, Article 228(2):

“2. If the Commission considers that the Member State concerned has not taken such measures it shall, after giving that State the opportunity to submit its observations, issue a reasoned opinion specifying the points on which the Member State concerned has not complied with the judgment of the Court of Justice.

If the Member State concerned fails to take the necessary measures to comply with the Court’s judgment within the time limit laid down by the Commission, the latter may bring the case before the Court of Justice. In so doing it shall specify the amount of the lump sum or penalty payment to be paid by the Member State concerned which it considers appropriate in the circumstances.

If the Court of Justice finds that the Member State concerned has not complied with its judgment it may impose a lump sum or penalty payment on it. This procedure shall be without prejudice to Article 227”.

[26] D. Lasok, Law and institutions of the European Union, (London, 1994) at 322: “The Efficacy of the enforcement procedure has inherent limitations”

[27] P. P. Craig, “Once Upon a Time in the West: Direct Effect and the Federalization of EEC Law” (1992) 12 Oxford Journal of Legal Studies 253, at 254-255: “ Such a scheme of public enforcement therefore expenditure of Time on the part of the commission. This of particular importance within a system such as the EEC, in which the Commission has a plethora of other responsibilities quite separate from that of ‘prosecutor’. If the burden of pursuing claims becomes too great then the commission will have relatively less time to, for example, devise legislation, which is one of the main tasks under the Treaty. Private actions rendered possible by the concept of direct effect, complement the enforcement role of the commission by sanctioning claims brought by individuals in their own capacity. Another way of putting the same point that direct effect creates a large number of ‘private attorneys general’”.

[28] Ibid at 255: “The second difficulty with public enforcement is closely related to the first.  In order for such a system to be effective the Commission must be aware that a breach of the Treaty or legislation made pursuant thereto has occurred. Knowledge of the existence of a breach is clearly a condition precedent for the enforcement action. Such knowledge could be of course be acquired by the Commission itself, but this would be an extremely complex an protracted process given the size of the treaty and the volume regulations and directives which have been promulgated…Direct effect alleviates this problem. an individual  who believes himself to be wronged by Member Stare action which is contrary to the Treaty is in the optimal position to know the facts to which the alleged violation relates, and has a strong incentive to tale steps to have the matter tested.”

[29] Ibid at 255: “Direct effect alleviates this problem. an individual  who believes himself to be wronged by Member Stare action which is contrary to the Treaty is in the optimal position to know the facts to which the alleged violation relates, and has a strong incentive to tale steps to have the matter tested.”

[30]  Ibide at 256: “…national governments are more likely to adhere a judgment given directly from within their own system. This is much well known”.

[31]  Ibid.

[32] “of an ever closer union among the peoples of Europe”.  

[33] Ellis, supra note 20 , at 94: “prosecutions of Member States  by the Commission or by another Member States under the Articles 169 and 170 are time-consuming  and sometimes politically undesirable or non-feasible, so that enforcement through the ,medium of individuals protecting their own rights under community law provides a welcome short-circuiting procedure”.

[34]  Craig, supra note 27, at 257.

[35] Case 26/62 Van Gend en Loos v. Nederlandse Administratie der Belastingen [1963] ECR 1.

[36] Josephine Steiner, Enforcing EC Law, (Blackstone Press Limited, London, 1995) 14.  

[37] EEC Treaty, supra note 2, article 12.

[38] Craig, supra note 27, at 458.

[39] المواد المذكورة كانت تحمل سابقا عند البت في القضية الأرقام 169 و- 170.

[40] Craig, supra note 27, at 458: “This theme was complemented b second, the substance of which was that the treaty was simply a compact  between states, to be policed in the manner dictated  by the Treaty itself. If a Member State was in breach of the treaty then it should have to face the consequences at the hands of another state, or at the hands of the organ explicitly accorded the task of policing the treaty, the Commission.

[41] Ibid at 258-259.

[42] Van Gend case, supra note 35, at 12-13: “the argument based on articles 169 and 170 of the Treaty [now articles 226 and 227] put forward by the three governments…is misconceived.  The fact that these articles of the Treaty enable the Commission and the Member States to bring before the court a state which has not fulfilled its obligations does not mean that individuals cannot plead these obligations, should the occasion arise, before a national court”.

[43] Ibid , at 12-13.

[44] Craig, supra note 27, at 459: “The EEC is not simply to be viewed as a compact between nations. The ‘interested parties’ include the people, a fact which is affirmed by the preamble and by the existence of institutions charged with the duty of making provisions for, inter alia, those individuals”.

[45] Ibid at 460:”Thus the ECJ utilize Article 177 and asserts that this provision indicates that the states have acknowledged that ‘Community law has an authority which can be invoked by their nationals’ before national courts”. See also the decision, supra note 33, at 12.

[46] Ibid at 460: “Thus the ECJ stresses the negative nature of the obligation, the fact that it is unconditional, and that its implementation is not independent on any further measures before being  effective under national law. It is thereby able to conclude that the ‘very nature of this prohibition makes it ideally suited to produce direct effects in the legal relationship between Member States and their subjects’”.

[47] Steiner, supra note 36, at 15:”However, not all community law is directly effective. In order to be directly effective it must first satisfy the criteria for direct effects. It must be unconditional and sufficiently precise; it must leave no discretion in implementation to member state or Community institutions. It must be ‘legally perfect’ capable of application by national courts”.

[48]  John Fairhurst, Law of the European Community, (Pearson-Lomgman, Fourth Ed., London, 2003) at 188.

[49]  EU  Treaty, supra note 6, Article 141.

[50]   Case 43/75 Defrenne v. Sabena [1976] ECR 455.

[51]  Case 33/68 Salgoil v. Italian Ministry for foriengn trade [1968] ECR 453.

[52]  Fairhurst, supra note 48, at 188.

[53] Case 6/64 Costa v. Enel [1964] ECR 585.

[54] EU Treaty, supra note 6, Article 97: “Where there is a reason to fear that the adoption or amendment of a provision laid down by law, regulation or administrative action may cause distortion within the meaning of Article 96, a Member State desiring to proceed therewith shall consult the Commission. After consulting the Member States, the Commission shall recommend to the States concerned such measures as may be appropriate to avoid the distortion in question”.

[55] Fairhurst, supra note 47, at 188.

[56] Case 10/71 Ministere Public Luxembourgeois v. Muller [1971] ECR 723.  

[57] Ibid at 730.

[58] Steiner, supra  note 36, at 15.

[59] Case 43/71 Politi S.A.S v. Italain Ministry of finanace [1971] ECR 1039; [1973] CMLR 60.

[60] Christopher Vincemzi, Law of the European Community, (Manchester, 1996) at 74: “Its is clear from Art 189[now 249] that directives were not to be applicable in the same way as regulations”.

[61] Robert  Scarborough, “Directives and the Doctrine of Direct Effect: A Critique of  Marshal v. Southampton Area Health Authority” (1992) U. Chi. Legal F. 316. See also: Anthony Arnull, “The Direct Effect of Directives: Grasping the Nettle” (1986) 35  The International and comparative Law Quarterly at 939-946. See also: A. J. Easson, “The “Direct Effect” of EEC Directives” (1979) 28 The International and Comparative Law Quarterly at 319-353.

[62] Case 41/74 Van Duyn v. Home Office [1974] ECR 1337. [1975] CMLR 1.

[63] Case 148/78 Criminal Proceedings v. Tullio Ratti [1979] ECR 1629; [1980] CMLR 96.

[64] Case 9/70 Grad v. Finazamt Traunstien [1970] ECR 825.

[65] Stephen Weathrill and Paul Beaumint, EC Law, (Penguin Books, second Ed. 1995) at 358: “The court took the view that when people other than the addressees are effected by a decision they may be able to rely on the decision’s direct effects, invoking its binding nature and the need to make it effective”.

[66] Grad Case, supra note 64, at 837.

[67] Case 87/75 Conceria Daniele Brescianin v. Amminstrazione Italiana delle Finanza [1976] ECR 129;

[68] Case 104/81 Hauptzollmat Mainz v. C.A Kupferberg & Cie KG [1982] ECR 3641.

[69] Case 14/83 Sabine von Colson et. Al. Land Nordrhein-Wesfalen ECR 1891.

[70] Case 79/83 Dorit Harz v. Deusche Tradaks GmbH [1984] 1984 ECR 1921.

[71] Christopher Doksy, “The Duty of national Courts to Interpret  Provisions of National Law in Accordance with Community  Law”, (1991) 20 Indus. L.J. 114.

[72] Lenore Jones, “Opinions of the Court of the European Union in the National Courts” (1995-1996) 28 N.Y.U. J. Int’l L. & Pol. 276.



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *