يدور بحثنا هذا حول موقف المحكمة العليا الإسرائيلية، من تطبيق اتفاقيات جنيف ولاهاي، ومدى التزام هذه المحكمة بأحكام هذه الاتفاقيات. ولكن قبل أن نعالج هذا الموضوع مباشرة، لا بد من أن نتطرق إلى مواضيع وجوانب أخرى تؤثر على موقف المحكمة، منها مدى انطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية، وما هو موقف الحكومة الإسرائيلية من انطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية. ولذلك فقد قسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين. في المبحث الأول، نعالج مسألة انطباق القانون الدولي زمن الحرب على الأراضي الفلسطينية، نعالج الاتفاقيات التي تسري على الأراضي الفلسطينية، ونقف عند موقف الحكومة الإسرائيلية من هذه المسألة. أما في المبحث الثاني، فسنعالج موقف المحكمة العليا من تطبيق الاتفاقيات، بناء على الخلفية التي أوردناها في المبحث الأول. فيما بعد سنفحص مدى التزام المحكمة العليا بقواعد هذه الاتفاقيات، في مواضيع محددة، منها: قضايا تعديل القوانين القائمة عشية الاحتلال، قضايا الإبعاد، قضايا هدم البيوت، وأخيرا قضايا الاستيطان.
فهرس
مقدمة . . . . . . . . . . . 1
1) المبحث الأول: انطباق القانون الدولي على الأراضي الفلسطينية المحتلة . 1
1.1) المطلب الأول: تعريف الأراضي المحتلة . . . . . 1
1.2) المطلب الثاني: الاتفاقيات الدولية التي تسري على الأراضي المحتلة. . 3
1.3) المطلب الثالث: موقف إسرائيل من انطباق القانون الدولي . . . 5
أولا: اتفاقية جنيف الرابعة . . . . 5
ثانيا: اتفاقية لاهاي . . . . . 10
2) المبحث الثاني: موقف المحكمة العليا من تطبيق الاتفاقيات الدولية . . 11
2.1) المطلب الأول: نظرة المحكمة العليا للاتفاقيات الدولية . . . 11
2.2) المطلب الثاني: قرارات المحكمة العليا في قضايا مختلفة . . . 15
2.2.1) القرارات المتعلقة بتعديل القوانين القائمة أو الإضافة إليها . . . 16
2.2.2) قضايا إبعاد الأفراد والجماعات عن الأراضي الفلسطينية . . . 23
2.2.3) قضايا هدم البيوت كإجراء عقابي . . . . . 25
2.2.4) قضايا إقامة المستوطنات . . . . . . . 27
خاتمة . . . . . . . . . . . 31
مقدمة
يدور بحثنا هذا حول موقف المحكمة العليا الإسرائيلية، من تطبيق اتفاقيات جنيف ولاهاي، ومدى التزام هذه المحكمة بأحكام هذه الاتفاقيات. ولكن قبل أن نعالج هذا الموضوع مباشرة، لا بد من أن نتطرق إلى مواضيع وجوانب أخرى تؤثر على موقف المحكمة، منها مدى انطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية، وما هو موقف الحكومة الإسرائيلية من انطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية.
ولذلك فقد قسمنا بحثنا هذا إلى مبحثين. في المبحث الأول، نعالج مسألة انطباق القانون الدولي زمن الحرب على الأراضي الفلسطينية، نعالج الاتفاقيات التي تسري على الأراضي الفلسطينية، ونقف عند موقف الحكومة الإسرائيلية من هذه المسألة.
أما في المبحث الثاني، فسنعالج موقف المحكمة العليا من تطبيق الاتفاقيات، بناء على الخلفية التي أوردناها في المبحث الأول. فيما بعد سنفحص مدى التزام المحكمة العليا بقواعد هذه الاتفاقيات، في مواضيع محددة، منها: قضايا تعديل القوانين القائمة عشية الاحتلال، قضايا الإبعاد، قضايا هدم البيوت، وأخيرا قضايا الاستيطان.
1) المبحث الأول: انطباق القانون الدولي على الأراضي الفلسطينية المحتلة
سنعالج خلال هذا المبحث، مدى انطباق القانون الدولي زمن الحرب على الأراضي الفلسطينية المحتلة. في بداية الأمر سنقف عند تعريف الأراضي المحتلة. وفيما بعد سنقف عند النظام القانوني الخاص الذي ينطبق على الأراضي المحتلة حسب القانون الدولي. سنقف عند المعاهدات الأساسية التي تشكل هذا النظام القانوني الخاص، ونعني بهذا معاهدتَيْ لاهاي وجنيف. وثم سنعرض موقف الحكومة الإسرائيلية من تطبيق هذه الاتفاقيات على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو الموقف الذي عرضته على المحكمة العليا في القضايا التي رفعها السكان الفلسطينيون جراء إخلال الاحتلال بقواعد القانون الدولي.
1.1) المطلب الأول: تعريف الأراضي المحتلة
القانون الدولي الذي يحل زمن الحرب أو الاحتلال الحربي، وكما يسمى باللغة الانجليزية قوانين الحرب (Laws of War) أو قوانين النزاع المسلح (Laws of armed Conflict) هو جزء من القانون الدولي العام، يحل وينطبق زمن الحرب، كما ينطبق على الأقاليم المحتلة، في حال أسفرت الحرب عن احتلال دولة لإقليم دولة أخرى.
من الواضح، إذا، أن شرطا مسبقا لإنطباق هذا القانون على إقليم معين، هو وقوع هذا الإقليم تحت الاحتلال. وعليه، لا بد أن نتطرق بداية لانطباق هذا القانون على الأراضي الفلسطينية، على الرغم من أن حقيقة وقوع هذا الاحتلال أصبح من الأمور المسلم بها[1].
ويُعرف الاحتلال الحربي (Belligerent Occupation) حسب القانون الدولي كما يلي:
“إقليم دولة يعتبر تحت الاحتلال العسكري عندما تسيطر دولة عدو على الإقليم وتستطيع أن تُفعل فيه صلاحيات الحكم، وفي الوقت ذاته، يتعذر ذلك على الدولة ذات السيادة التي خرج الإقليم عن سيطرتها فلا تستطيع أن تُفعل صلاحياتها بسبب الاحتلال“[2].
كما ذكرنا، ففي تاريخ 7/6/1967 اجتاحت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، وأحكمت السيطرة عليهما، مدعيةً حق الدفاع عن النفس. وقد رفضت الأمم المتحدة هذا الادعاء، وطلبت من إسرائيل الانسحاب من الأراضي المحتلة[3].
وقد أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي، المناشير رقم (2) التي نشرت في الضفة الغربية وقطاع غزة، وفقا لها قام بتحويل جميع صلاحيات الحكم السابقة إلى نفسه، ليصبح صاحب الصلاحيات، وليبدأ بتفعيل الصلاحيات بنفسه[4]. بالمقابل، تعذر تفعيل هذه الصلاحيات على الأردن ومصر اللتين كانتا تسيطران على الضفة الغربية وقطاع غزة. ولذلك، ما من شك أن التعريف أعلاه ينطبق على الأراضي الفلسطينية، ولذلك تُعتبر هذه الأراضي أراضي محتلة[5].
القانون الدولي يَعترف بقانونية الحكم العسكري خلال النزاع المسلح. ولكنه يضع قيودًا على إدارة الأراضي المحتلة[6]. أول هذه القيود والقواعد، هو أن الاحتلال الناتج عن الحرب، هو احتلال مؤقت، وأن على القوة المحتلة إعادة الأرض المحتلة في أول فرصة يتسنى لها ذلك[7].
وقد اعترفت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، بطبيعة السيطرة الحربية على الضفة الغربية وقطاع غزة، وأقرت بالصبغة المؤقتة لهذه السيطرة. وكما جاء على لسان القاضي شمغار في قضية أبو عيطه:
“صلاحية الحاكم العسكري كما هو معروف، مؤقتة، حيث يكون امتدادها وقوتها كإمتداد ومدة وجود السيطرة على الأرض، وكمدة وجود الحكم العسكري. ولكن منذ استيلائه على الصلاحيات، وكل الوقت الذي يستمر فيه الحكم العسكري، يتزيَّا الحاكم العسكري بِزِيّ السلطة المركزية التي كانت مسؤولة عن المنطقة قبل إقامة الحكم العسكري”[8].
1.2) المطلب الثاني: الاتفاقيات الدولية التي تسري على الأراضي المحتلة
حيث توصلنا أعلاه إلى أن الأراضي الفلسطينية وقعت تحت الاحتلال في يونيو 1967، تنطبق عليها إذا قوانين الحرب المعروفة في القانون الدولي. المصادر الأساسية للقوانين، وردت في اتفاقيتين دوليتين:
الأولى: اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لسنة 1907[9].
الثانية: اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لسنة 1949[10].
ما من شك، في أن هذه الاتفاقيات تنطبق على الأراضي الفلسطينية[11]. وتعتبر اتفاقية لاهاي، من القانون الدولي العرفي (Customary Law) الذي يلزم كل الدول، حيث ثبتت له هذه الصفة[12]. بينما يوجد خلاف فيما يتعلق باعتبار اتفاقية جنيف بأسرها جزءًا من القانون الدولي العرفي. وتمثل هذه الاتفاقيات اهتمام المجتمع الدولي بحماية سكان الأراضي المحتلة إزاء القوة المحتلة[13]. ولذلك وردت فيها قواعد مختلفة، يهدف أكثرها إلى حماية الأشخاص الذين يقعون تحت الاحتلال، وفرض قيود على معاملتهم من قبل الدولة المحتلة. وقد جاءت اتفاقية جنيف لتعزز بعض الفجوات التي وردت في اتفاقية لاهاي بالنسبة لحماية المدنيين[14]. ويمكن تلخيص هذه الاتفاقيات، أنها تتمحور حول أربع نقاط أو مبادئ أساسية:
الأول، ينبع من المادة 43 من اتفاقية لاهاي، التي وفقا لها فإن سلطة القوة المحتلة هي ذات طابع فعلي (De facto Nature)، وإن الاحتلال العسكري لا يعطي السيادة للقوة المحتلة[15].
المبدأ الثاني، يُلزِم القوة المحتلة، إدارة الأرض المحتلة خلال فترة الاحتلال[16]. وتفرض اتفاقية جنيف على القوة المحتلة التزامات محددة، بما في ذلك: التعليم، التزويد بالطعام والاحتياجات الطبية، صيانة المستشفيات[17].
المبدأ الثالث[18]، ينبع من القسم الثاني للمادة 43 من اتفاقية لاهاي، والذي يفرض على القوة المحتلة، احترام القوانين القائمة، إلا في حالات الضرورة القصوى (Unless absolutely prevented)[19]. والفكرة الأساسية من وراء هذه القاعدة، هي أن القانون الدولي لا يعترف بالصلاحية التشريعية للقوة المحتلة، إلا في حالات الضرورة القصوى[20].
المبدأ الرابع، يفرض على القوة المحتلة قيود معينة، تعتبر بمثابة الحد الأدنى للتعامل الإنساني مع السكان المحليين[21]. وعلى سبيل المثال، تحظر المادة 49 من اتفاقية جنيف إبعاد الأفراد والجماعات عن الأراضي المحتلة[22]. وتحظر هذه المادة أيضا توطين سكان الدولة المحتلة داخل الأراضي المحتلة. كما تحظر المادة 53 من اتفاقية جنيف تدمير الممتلكات الخاصة[23]. وبالمقابل تطالب المادة 46 من اتفاقية لاهاي باحترام حقوق الأسرة، بما في ذلك احترام الأملاك الخاصة وتمنع مصادرتها[24]. وتكرَّر منع تدمير الممتلكات في المادة 23(ز) من اتفاقية لاهاي، باستثناء ضرورات الحرب[25]. وتحظر المادة 33 من اتفاقية جنيف معاقبة شخص على جريمة لم يقترفها شخصيا، كما تمنع العقاب الجماعي[26]. وكانت اتفاقية لاهاي قد منعت سابقا العقوبة الجماعية[27]. وتمنع المادة 76 من اتفاقية جنيف اعتقال الأسرى خارج الأراضي المحتلة[28].
1.3) المطلب الثالث: موقف إسرائيل من انطباق القانون الدولي
أولا: اتفاقية جنيف الرابعة
اسرائيل لم تعترف اعترافا واضحا بانطباق اتفاقيات جنيف على الأراضي المحتلة. موقف اسرائيل كان يترنّح خلال السنوات بين موقفين:
أ) الأول: التشكيك في انطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة.
ب) الثاني: اعلان صريح أن اتفاقية جنيف لا تنطبق على الأراضي المحتلة.
كما هو معروف، فقد أعلنت إسرائيل في مراحل عديدة، أنه دون علاقة بموقفها المبدإي من انطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة، فإنها ستستمر في تطبيف القواعد الإنسانية لهذه الاتفاقية. فيما يلي سنعرض موقف إسرائيل في مراحل شتّى، كما جاء على لسان ممثليها الرسميين.
اول من عبّر عن رأي الحكومة بهذا الخصوص كان المستشار القضائي للحكومة مئير شمغار، الذي اصبح فيما بعد رئيسًا لمحكمة العدل العليا[29]. حسب رأيه، لا توجد قاعدة في القانون الدولي، وفقا لها تنطبق اتفاقية جنيف الرابعة على كل نزاع مسلح، ولا تعتبر كل أرض احتلت أرضا محتلة (Occupied Territories) تنطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة. وتطرق شمغار لاتفاقية جنيف قائلا:
“In my view, de lege lata, the automatic applicability of the Fourth Convention to the territories administered by Israel is at least Extremely doubtful, to use understatement, and automatic application would raise complicated juridical and political problems”[30].
إسرائيل تمسكت بما ورد في المادة 2 من اتفاقية جنيف أن الاتفاقية تنطبق “أيضاً في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي لإقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة”. وحسب هذا الادعاء فإن المعاهدة تنطبق فقط عند احتلال إقليم دولة أخرى. وكان الادعاء الإسرائيلي، أن الأراضي المحتلة لم تكن، قبل الاحتلال، جزءا من أية دولة أخرى من الأطراف المتعاقدة. حيث لم يُعترف بأن الضفة الغربية هي جزء من الأردن[31]. أما بالنسبة لقطاع غزة، فإن مصر لم تدَّعِ السيادة على القطاع في أية مرحلة. وبناء على ذلك ادعت إسرائيل أن الأراضي المذكورة ليست “أراضي دولة” أخرى، وعليه هنالك شك فيما يتعلق بسريان هذه الاتفاقية على الأراضي الفلسطينية[32].
ولكن الإدعاء الوارد أعلاه، رُفض في أوساط القانونيين الدوليين، ورفض من قبل لجنة الصليب الأحمر الدولي ومن الدول المختلفة، بما في ذلك الولايات المتحدة[33]. إذ أن المادة 2 أعلاه، جاءت موسعة بهذا الشكل، لتزيل أي التباس بالنسبة لانطباق اتفاقية جنيف، حتى في الحالات التي لا تعترف فيها الدولة المحتلة بشرعية وجود الدولة السابقة في الإقليم المحتل، كإدعاء إسرائيل بالنسبة للأردن. إذ أن ذلك غير مهم لمسألة انطباق الاتفاقية، وتنطبق الاتفاقية على الرغم من الخلاف القائم بين الإطراف[34]. كما أن المادة 4 من الاتفاقية تعرّف المحميين بأنهم الأشخاص الذين وقعوا تحت احتلال دولة هم ليسوا من مواطنيها[35].
ولكن شمغار كرر موقف الحكومة أعلاه. حيث اعتبر أن مصر والأردن لم تحوزا السيادةَ في الضفة الغربية والقطاع، وعليه، حاولت اسرائيل أن تفصل بين المشاكل السياسية والقانونية المتعلقة بهذه النقطة، وبين التطبيق الفعلي للقواعد الانسانية لمعاهدة جنيف، وقررت ان تطبق de facto القواعد الانسانية للمعاهدة. شمغار اعتبر أن سيادة القانون في الضفة الغربية وغزة تعني، التطبيق الفعلي لقواعد معاهدتي لاهاي وجنيف[36].
وخلال عرضه لموقف الحكومة، عبر شمغار عن رأيه بأن اتفاقية جنيف لا تنطبق على الاراضي المحتلة[37]. وبهذا نقض شمغار الرأي الذي عرضه سابقا[38].
شمغار اعتبر أن عدم قبول إسرائيل لانطباق معاهدة جنيق كان من المسائل الاساسية في الموقف الأسرائيلي[39]. إذ تحرَّزت اسرائيل، حسب رأيه، من أن قبول انطباق اتفاقية جنيف على الضفة والقطاع قد يؤدي، من دون قصد، لتغيير الوضع السياسي القائم (Status quo)، والاعتراف بسيادة مصر والأردن على الضفة والقطاع، فيكون على اسرائيل عندها احترام هذه السيادة[40].
الحكومة الأسرائيلية، تبنت موقف المستشار القضائي للحكومة مئير شمغار الرافض لانطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة، على الاقل في الفترة ما بين سنة 1967 حتى سنة 1985[41]. ويظهر ذلك جليًّا في الأعلان الذي توجهت به الحكومة في شهر يوليو سنة 1985 إلى الصليب الأحمر الدولي، حيث عادت وعبرت عن الموقف المذكور كما ورد في مقال شمغار موجهة إليه[42].
وقد عبر عن الموقف المذكور أيضا، وزير الخارجية موشي ديان، في خطابه أمام الجمعية العامة سنة 1977، الذي أعتبر أن ضم الأردن للضفة الغربية لم يكن قانونيا، قائلا:
“In view of this [Jordan’s] illegal annexation of the West Bank, the Fourth Geneva Convention is not applicable”[43].
وفي نفس السنة، عندما طرحت قضية المستوطنات، وإخلال اسرائيل بالمادة 49 من اتفاقية جنيف التي تمنع الدولة المحتلة من توطين مواطنيها داخل الأراضي المحتلة، اعتبر ممثل اسرائيل في الامم المتحدة حايم هرتسوج، أن الاردن لا تعتبر دولة ذات سيادة قانونية على الضفة الغربية، وَمِنْ ثَمَّ إن اتفاقية جنايف، بما في ذلك المادة 49 منها، لا تنطبق على الضفة الغربية[44]. وكرر هذا الموقف ممثل إسرائيل أمام مجلس الأمن سنة 1979[45].
إلا أن موقف إسرائيل تغيّر عن حاله، وقد بدأ يظهر هذا التغيير سنة 1986، من خلال خطاب ممثل اسرائيل، يوئيل زينجر، في المؤتمر الخامس والعشرين للصليب الأحمر الدولي في سنة 1986. حيث اعتبر ممثل اسرائيل، أن إسرائيل فُهِمَت على غير ما قَصَدت، وتم التركيز على موقفها النظري (de jure)، وفقا له مشكوك في أمر انطباق الاتفاقيات على الأراضي المحتلة، والتغاضي عن موقفها الفعلي حيث قامت بتطبيق قواعد الاتفاقية على أرض الواقع (de facto)[46]. إذا بدل الرفض التام لانطباق الاتفاقيات، كما عبرت عنه اسرائيل في مواقف سابقة، عادت لتقول إن أمر انطباق الاتفاقيات “مشكوك فيه”، أي لا يوجد رفض قطعي لانطباق الاتفاقيات.
ونتيجة التباين في المواقف، جرت في سنة 1987 مشاورات بين المؤسسات الحكومية المختلفة، وضعت على أثرها صيغة جديدة لموقف اسرائيل بالنسبة لانطباق الاتفاقيات، وأرسلت الصيغة الجديدة لممثل الصليب الاحمر للشرق الاوسط. وكما جاء في الصيغة الجديدة:
“I should like to restate the official Israeli position on the applicability of the Fourth Geneva Convention in the areas administrated by Israel since 1967, as follows:
“Israel maintains in the view of the sui generic of Judea ,Samaria and the Gaza District, the de jure applicability of the Fourth Geneva Convention to these areas is doubtful. Israel prefers to leave aside the legal question of the status of these areas and has decided, since 1967, to act de facto in accordance with the humanitarian provisions of that Convention”[47].
تجدر الأشارة هنا ايضا، أن هذا الموقف، اي قبول اسرائيل التطبيق الفعلي (de facto) للقواعد الانسانية في اتفاقية جنيف، – والذي عبرت عنه اسرائيل عدة مرات امام محكمة العدل العليا الاسرائيلة ايضا – ، غير واضح بما فيه الكفاية. “غير واضح ما هي القواعد الانسانية التي تعنيها حكومة اسرائيل. في اتفاقية جنيف الرابعة يوجد 159 مادة، وتشتمل على مواد طويلة، تحتوي على أحكام مختلفة، مثلا، المادة 49 المعروفة، الذي تعالج الابعاد من الارض المحتلة، كما تعالج نقل سكان الدولة المحتلة إلى داخل الارض المحتلة”[48].
على أية حال، إن موقف اسرائيل من انطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة، غير مقبول على الامم المتحدة كما أنه غير مقبول على اللجنة الدولية للصليب الاحمر، الذين يعتبرون ان اتفاقية جنيف تنطبق على الارضي المحتلة دون اي تحفظ[49].
ثانيا: اتفاقية لاهاي
بخلاف الحال بخصوص اتفاقية جنيف، لم يصدر من قبل حكومة اسرائيل تصريح رسمي معروف بالنسبة لانطباق اتفاقية لاهاي على الأراضي المحتلة. ولكن يرى المراقبون، أن الموقف الذي عبرت عنه اسرائيل بالنسبة لاتفاقية جنيف، هو موقفها ايضا بالنسبة لاتفاقية لاهاي، إذ أن الاخيرة ايضا تعالج القواعد التي يجب اتباعها في الاقاليم المحتلة[50].
وحيث أن رفض اسرائيل الاعتراف بأنطباق اتفاقية جنيف على الاراضي المحتلة، ينبع من خوفها من أن يفسَّر ذلك اعترافا بسيادة مصر والأردن على الاراضي المحتلة، فإن هذا الخوف يحل ايضا على الاعتراف بانطباق اتفاقية لاهاي. حيث ان قواعد هذه الاتفاقية جاءت هي ايضا لتنظم عمل الدولة المحتلة في الاقليم الذي احتل من دولة أخرى. وعليه، فإن اعتراف اسرائيل بانطباق هذه الاتفاقية يعني اعترافها بانطباق اتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي، اعترافها بسيادة مصر والاردن حسب موقف اسرائيل الذي ورد أعلاه.
إلا أن هذا الموقف لا يميز بين القانون الدولي العرفي، وبين القانون الدولي التعاقدي. “وحسب رأي حكومة اسرائيل، ايضا القواعد العرفية الواردة في اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف، لا تنطبق أو يوجد شك في انطباقها”[51]. ولكن كما هو معروف، فإن اتفاقيات لاهاي هي جزء من القانون الدولي العرفي، وعليه لا تستطيع أية دولة التنكر لهذه القواعد العرفية، بل تعتبر هذه القواعد جزءا من القانون الداخلي لأية دولة. هو كذلك بالنسبة لإتقاقية جنيف الرابعة، حيث يعتبر بعض الفقهاء أن الاتفاقية بأكملها هي اتفاقية ذات أحكام عرفية، ويعتبر البعض أن أغلبية قواعدها هي قواعد عرفية.
2) المبحث الثاني: موقف المحكمة العليا من تطبيق الاتفاقيات الدولية
2.1) المطلب الاول: نظرة المحكمة العليا للاتفاقيات الدولية
اختلف موقف المحكمة العليا، عن الموقف الرسمي لإسرائيل بالنسبة لانطباق اتفاقيات جنيف ولاهاي على الأراضي المحتلة. فكما رأينا أعلاه، فإن اسرائيل لم تعترف بشكل رسمي بانطباق هذا الاتفاقيات على الاراضي المحتلة، إذ أنها لم تعترف أو شككت في كون الاراضي الفلسطينية أراض محتلة. وعليه، لم توافق رسميا على انطباق هذه الاتفاقيات على الأراضي المحتلة.
موقف المحكمة العليا كان مغايرا لموقف الحكومة، مع أن هذا الموقف لم يكن ليُعَدّ سابقة قانونية، أو تقدما قضائيا كبيرا[52]. وقد ميزت المحكمة بين اتفاقية لاهاي وبين اتفاقية جنيف. واعتبرت المحكمة، أن أحكام اتفاقية لاهاي هي قواعد عرفية للقانون الدولي[53]، وعليه فهي تلزم الحكم العسكري[54]، بينما لم تعترف بهذه الصفة لاتفاقية جنيف، ولم تعتبر أحكامها قواعد عرفية، وعليه لم توافق على تطبيقها، إلا إذا وافقت الحكومة على ذلك أمام المحكمة.
وبموافقتها على اعتماد اتفاقية لاهاي من جهة واحدة، وعدم اعتماد اتفاقية جنيف من جهة أخرى، اعتمدت المحكمة على مبدَأيْن أساسيين من مبادئ القانون الإسرائيلي:
المبدأ الأول، هو المبدأ المعتمد في اسرائيل -وفي بعض الدول الأخرى- لتحديد العلاقة بين القانون الدولي والقانون الداخلي، مبدأ ثنائية القوانين ((Dualist Approach[55]، الموروث عن النظام الانجلو-سكسوني.
المبدأ الثاني الذي تم الاعتماد عليه، للتمييز بين الاتفاقيات، هو مبدأ الفصل بين السلطات.
وحسب المبدأ الأول، أي مبدأ ثنائية القوانين، “فإن القانون الداخلي والقانون الدولي نظامان قانونيان متساويان، ينفصل كل منهما عن الآخر، ولا يخضع أي منهما لنظام أعلى منه”[56]. وحسب أنصار هذا المذهب “فإن القانون الدولي لا يتمتع بصفة الإلزام في دائرة القانون الداخلي، وهو ما يعني من الناحية العملية أنه إذا تعارضت قاعدة داخلية مع قاعدة دولية فعلى القاضي أن يطبق قاعدة القانون الداخلي لأنه يستمد سلطه واختصاصه من قانونه الوطني لا من القانون الدولي، وتتحمل الدولة على الصعيد الدولي المسؤولية الناجمة عن مخالفتها لالتزاماتها الدولية في مثل هذه الحالة. ويترتب على ذلك أن قواعد القانون الدولي لا تصبح ملزمة في النطاق الداخلي أيضا إلا إذا صدرت بصورة قواعد قانونية داخلية وفقا للإجراءات الشكلية المتبعة في إصدار هذه القواعد. وهكذا لا يملك القاضي الداخلي تطبيق معاهدة دولية ما لم تتحول إلى قانون داخلي، كما لا يمكن لمعاهدة تعديل أو إلغاء قانون داخلي لاحق”[57].
وعليه، فحسب هذا المذهب، فإن القواعد الناجمة عن المعاهدات، لا تعتبر جزءا من القانون الداخلي للدول الأعضاء، ولا تستطيع المحاكم الوطنية تطبيقها ما دامت لم تتحول إلى قوانين في النظام القانوني الداخلي للدولة العضو.
من هذا المبدأ تستثني الاحكام أو القواعد العرفية للقانون الدولي. حيث تعتبر هذه القواعد، جزءا من القانون الاسرائيلي الداخلي، دون الحاجة إلى إدخالها للقانون الاسرائلي عن طريق سن قانون خاص لذلك[58]. ولكن هذا المبدأ العام بالنسبة للقواعد العرفية، مقيد بشرط آخر، وهو أن لا تتعارض القاعدة العرفية مع القانون الأسرائيلي الداخلي[59]. وإذا تعارضت مع الاخير، تكون الغلبة للقانون الداخلي، حيث يفضل على القانون الدولي في مثل هذه الحالة، معللين ذلك بمبدأ سيادة الدولة.
أما المبدأ الثاني الذي اعتمد عليه للتوصل إلى النتائج اعلاه، فهو مبدأ الفصل بين السلطات[60]. ويعرض الادعاء الذي يعتمد هذا المبدأ بداية، أن صلاحية التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات الدولية، هي من اختصاص الحكومة الإسرائيلية[61]. وعليه، وحسب هذا الادعاء، فإن إعطاء قوة القانون للاتفاقيات التي توقع عليها الحكومة، سيؤدي إلى إضافة قواعد قانونية جديدة (Norms) على النظام القانون الإسرائيلي، دون اللجوء إلى البرلمان صاحب الصلاحية في سن القوانين وإضافة القواعد القانونية الجديدة، الامر الذي يُسيء لمبدأ الفصل بين السلطات[62].
ولكن الفقيه الإسرائيلي بنبنيستي، يرى أن اعتماد هذا المبدأ يؤدي إلى نتائج عكسية. لأن عدم اعتبار قواعد الاتفاقيات التي توقّع عليها الحكومة جزءا من القانون الاسرائيلي، يمنع المحاكم الاسرائيلية من أجراء الرقابة القانونية على اعمال الحكومة بخصوص هذه الاتفاقيات. وبهذا تكون الحكومة، على الرغم من توقيعها على هذه الاتفاقيات مصونة من أي رقابة قانونية[63].
وعليه، فيما يلي سنقف على موقف المحكمة بالنسبة لكل واحدة من المعاهدات.
المحكمة العليا لم تعترف بأن اتفاقية جنيف هي جزء من القانون الدولي العرفي، بل اعتبرتها جزءا من القانون الدولي التعاقدي. وعليه، وحسب مبدأي ثنائية القوانين والفصل بين السلطات المتَّبعين في إسرائيل أعلاه، اعتبرت المحكمة أنه طالما لم تشرّع اسرائيل قانون يدخل الاتفاقية إلى القانون الإسرائيلي الداخلي، فلا تعتبر الاتفاقية جزءا من القانون الاسرائيلي. وعليه، اعتبرت المحكمة في عدة قرارات أنها لا تستطيع الاعتماد على قواعد اتفاقية جنيف دون موافقة الدولة الطوعية على تطبيق الاتفاقية[64].
إلا أن موقف المحكمة العليا المذكور من اتفاقية جنيف، هو موقف مستغرب. إذ أنه، حتى لو كانت المحكمة مضطرة إلى انتهاج هذا النهج، بسبب مبادئ القانون الاسرائيلي، فهذا لا يعني بالضرورة أنه كان عليها التوصل إلى النتيجة اعلاه. إذ أن الفرضية التي بُني عليها هذا النهج، وهي أن اتفاقية جنيف هي اتفاقية تعاقدية بأكملها، وليست عرفية، هي فرضية خاطئة[65]. إذ انه ليست كل الاحكام التي وردت في اتفاقية جنيف هي احكام تعاقدية. بل على العكس، غالبية الاحكام التي وردت في هذه الاتفاقية هي أحكام عرفية، تم تقنينها من خلال اتفاقية جنيف[66]. وقد عبر عن هذا الرأي فقهاء القانون الدولي المشهورون، أمثال Lauterpacht، إذ اعتبر أن المواد 47 إلى 78 التي تعالج “الاشخاص المحميين” تعتبر أحكام عرفية[67]. ايضا القاضي شمغار، اعترف أن جزءا من المواد المذكورة تحتوي على قواعد عرفية[68]. وعليه، لم يكن هنالك اساس متين للحكم أن اتفاقية جنيف بأكملها هي اتفاقية تعاقدية. وقد عبر عن هذا الرأي القاضي حايم كوهين، ب في قضية قواسمه، عندما تطرق للمادة 49 من اتفاقية جنيف، قائلا:
“حسب رأيي يجب النظر إلى كل مادة في المعاهدة على حدة، والفحص فيما لو كانت تكرر قاعدة عرفية معروفة ومقبولة في القانون الدولي، أم أنها تحدث قانونا دوليا لم يكن معروفا او متبعا بين الشعوب سابقا…”[69].
ويعتبر هذا النهج نهجا مقبولا، إذ يحاول التحقق من الاحكام العرفية في اتفاقية جنيف، وفي حال ثبوت هذه الصفة لها، يكون على المحكمة عندها تطبيقها. ولكن، الرأي المذكور للقاضي حاييم كوهين، كان رأيا فرديا وبقي كذلك، إذ لم تنتهج المحكمة العليا هذا النهج في قضايا لاحقة. بل استمرت في اعتبار اتفاقية جنيف اتفاقية تعاقدية، دون تمييز بين احكامها المختلفة، فيما إذا كانت عرفية أم تعاقدية. وعليه، كانت توافق على اعتماد قواعد الاتفاقية، فقط في حال وافقت الدولة في القضية المعروضة على المحكمة، ان تطبق المحكمة القواعد “الانسانية” من الاتفاقية.
ولكن تجدر الإشارة هنا، أنه حتى هذا النهج الاخير لم يكن واضحا بما فيه الكفاية. إذ لم توضح الحكومة في عرض موقفها أمام المحكمة العليا، ما هي الاحكام في اتفاقية جنيف التي تعتبرها الحكومة ضمن فئة “القواعد الانسانية”، وما هي القواعد التي تنكر عليها الحكومة هذه الصفة.
وقد اصطدمت المحكمة العليا نفسها بعدم الوضوح هذا في الموقف الاسرائيلي. وقد عبر القاضي فيتكون، عن رأيه في قضية ألون موريه قائلا:
“…ما كنت لأقول إن القواعد “الأنسانية” في هذه المعاهدة، يقصد بها فقط تلك التي جاءت للدفاع عن حياة الأنسان، صحته، حريته واحترامه، وليس للدفاع عن الملك”[70].
في قضية لاحقة، ولكي يحل هذه المشكلة، وضع القاضي باخ معيارا بهذا الخصوص، لفحص فيما إذا كانت القاعدة موضوع البحث من فئة القواعد “الانسانية” أم أنها ليست كذلك. وحسب هذا المعيار يجب الفحص فيما إذا كان العامل الإنساني هو الذي يطغى على المادة بشكل واضح، وإذا ثبت ذلك، فعندها تعتبر القاعدة من فئة القواعد الانسانية التي يمكن تطبيقها، والعكس صحيح[71].
أما بالنسبة للرقابة على أعمال الجيش، فإن القانون الدولي لا يلزم الحكم العسكري بقبول رقابة قضائية على أعمال الجيش. إلا أن نيابة الدولة لم تعترض أبدا على هذه الرقابة[72]. ولكن كان لا بد من منح هذه الرقابة، بعد أن أبطلت صلاحيات المحكمة العليا الفلسطينية في الرقابة على أعمال الحكم العسكري. من جهة أخرى، فإن منح الرقابة، قد يعطي نوع من الحصانة لقانونية أعمال الحكم العسكري.
وعليه، فقد قررت محكمة العدل العليا، أن لها الصلاحية في الرقابة على أعمال الحكم العسكري في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب قوانين الحرب في الضفة الغربية وقطاع غزة، حسب القواعد العرفية لقوانين الحرب، وحسب قواعد القانون الإداري الإسرائيلي (Administrative Law)، التي تحل على أي جهاز إداري يقوم بوظيفة من قبل الدولة، بما في ذلك الجيش[73].
ولكن اعتماد مبدأ صلاحية الرقابة القضائية أمر، بينما الرقابة الحقيقية على أعمال الجيش هي أمر آخر. وكما سنرى فيما يلي، في الأمثلة التي سنعرضها عن قضايا مختلقة عرضت أمام المحكمة العليا، فإن الرقابة التي فعلتها المحكمة كانت ضئيلة جدا، الأمر الذي أدى إلى خروق لقواعد القانون الدولي، دون أن يكون للجيش حسيب ورقيب حقيقي.
2.2) المطلب الثاني: قرارات المحكمة العليا في قضايا مختلفة
من خلال هذا المطلب سنرى مدى تطبيق المحكمة العليا، لقواعد القانون الدولي في قضايا مختلفة. سنقف عند قرارات مفصلية، في مواضيع مختلفة، والتي أصبحت، الأساس لقرارات لاحقة للمحكمة. إذ أنه بسبب مبدأ السابقة القضائية المتبع في إسرائيل، قد كان لهذا السوابق تأثير كبير على الوضع القانوني لاحقا. وبالرغم من أن المحكمة العليا، غير ملزمة قانونيا بسوابقها، إلا انه قليلا ما تتحوّل المحكمة عن سوابقها.
2.2.1) القرارات المتعلقة بتعديل القوانين القائمة أو الإضافة إليها
هل يستطيع الحاكم العسكري، تغيير القوانين من أجل تطوير القوانين القائمة؟. كما رأينا فإن المادة 43 من اتفاقية لاهاي، تفرض على القوة المحتلة احترام القوانين القائمة، إلا في حالات الضرورة القصوى (Unless absolutely prevented). إلا أن الواقع كان شيئا آخر. فقد أدخل الحاكم العسكري العديد من التعديلات على القوانين التي كانت قائمة قبل الاحتلال، من خلال إصدار أوامر عسكرية. وخلال قرابة 40 سنة من الاحتلال، فقد تعدّى عدد التشريعات العسكرية ال- 2500 تشريع في الضفة الغربية، وال- 2400 تشريع في قطاع غزة[74]. هكذا جرت تعديلات عديدة على قوانين الأراضي كانت تطمح إلى إحكام قبضة الحاكم العسكري على الأراضي الفلسطينية[75]. كما جرت تعديلات على القوانين التجارية والاقتصادية، وفرض ضرائب جديدة[76]. وكانت تهدف هذه التعديلات إلى ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي. من جهة أخرى، وضعت تشريعات مفيدة، منها العسكرية المتعلقة بالمسؤولية بسبب حوادث السير، تأمين حوادث العمل، إعطاء حق التصويت للنساء في السلطات المحلية.
والسؤال الذي يطرح هو، كيف نجح الحاكم العسكري، في وضع هذه الكمية الهائلة من التشريعات، على الرغم من الحظر الصريح الوارد في المادة 43 من اتفاقية لاهاي، دون أن يعترض طريقه أحد؟!. وكما سنرى فيما يلي، فقد حدث ذلك في الأساس، بعد أن أعطي الحاكم العسكري “الضوء الأخضر” لعملية التشريع، في إحدى القضايا المفصلية التي عرضت على محكمة العدل العليا في موضوع التشريع، ألا وهي قضية الجمعية المسيحية للأراضي المقدسة ضد وزير الدفاع[77]. فيما يلي سنقف عند حيثيات القضية، لنرى كيف تعاملت المحكمة العليا معها.
الجمعية المذكورة كانت تُفعل مستشفى في بيت لحم وبيت أيتام ومؤسسات أخرى. وقد نشأ خلاف بين الجمعية وبين عمال المستشفى، الأمر الذي أدى ب- 75 عاملا من أصل 119 من عمال المستشفى، أن يقدموا سجّلا لمطالبهم إلى إدارة المستشفى يطالبون به إدارة المستشفى بأمور مختلفة منها دفع الأجور في الوقت المحدد، تعيين لجنة عمال، حقوق وأيام مرضية. وفي نهاية السجل، أوضح العمال أنه إذا لم يتم الاستجابة إلى مطالبهم سيباشرون الإضراب.
المطالب لم تُستجب خلال 14 يوما، والجمعية أعلمت العمال أنها ترى وقف العمل كاستقالة وأوقفت دفع معاشات العمال المضربين. نتيجة لذلك، تراجع بعض العمال عن الإضراب، إلا أن الأغلبية العظمى من العمال توقفوا عن العمل منذ ذلك الحين.
حسب قانون العمل الأردني، وهو قانون العمل المؤقت رقم (21) لسنة 1960 هنالك ثلاث مراحل لمعالجة نزاع عمالي:
أولا: تعيين مندوب توقيف حسب المادة 91 [78].
ثانيا: تعيين مجلس توقيف حسب المادة92 [79].
ثالثا: تحويل القضية إلى المحكمة الصناعية التي تأسست حسب المادة 93 [80].
حسب المادة 96، المراحل أعلاه متتالية[81]، وإذا فشل مندوب التوفيق في حل النزاع، يحق لوزير الشؤون الاجتماعية أن يحيل النزاع إلى مجلس توقيف لتسويته ودّيا. وإذا فشل مجلس التوقيف في حل النزاع يمكن إحالته إلى محكمة صناعية للبت فيه.
في تاريخ 71/3/12، أي بعد قرابة سنة من نشوب النزاع قام ضابط القيادة لشؤون العمل بتعيين شخص معين كمندوب توقيف. المندوب قدم تقريرا للحاكم العسكري ذاكرًا فيه أنه لم ينجح في حل النزاع بالطرق السلمية. وهكذا انتهت المرحلة الأولى من إجراءات حل الخلاف العمالي.
وكما ذكرنا، حسب المادة 96 إذا لم يتم حل النزاع من قبل مندوب التوقيف يمكن إحالته إلى مجلس التوقيف لتسويته وديا. ولكن، حسب الفقرة الثانية من المادة 92:
“يتألف المجلس من رئيس لا علاقة له بمنظمات العمال الأعمال موضوع النزاع يعينه وزير الشؤون الاجتماعية ومن عضوين أو أكثر يمثلون صاحب العمل والعمال بأعداد متساوية ينتخبهم ممثلو منظمات الأعمال والعمال“.
في تاريخ 71/6/14 طلب الحاكم العسكري من الأطراف تعيين ممثلين عنهم في مجلس التوقيف. الإجراء المذكور لم يكن قانونيا، إذ أن المنظمات العمالية هي التي تعين. إلا أنه في الوضع القائم قبل الاحتلال لم يكن هنالك منظمات عمالية أو أرباب عمل في الأردن وعليه لم يستطع الحاكم العسكري تفعيل الإجراء حسب المادة 96 وتحويل القضية إلى مجلس التوقيف.
في ظل هذا الوضع، أصدر الحاكم العسكري في تاريخ 71/8/5 الأمر العسكري رقم 439 لتعديل قانون العمل الأردني، المادة 92 منه[82].
حسب التعديل في غياب منظمات عمالية، على أطراف الخلاف تعيين مندوبين عنهما خلال 15 يوما. وفي حال عدم التعيين كما ذكر يقوم الحاكم العسكري بالتعيين.
نتيجة التعديل المذكور على القانون الأردني، توجهت الجمعية إلى محكمة العدل العليا ضد قانونية التعديل وادعت أنه الحاكم العسكري تعدى صلاحياته في تعديل القوانين القائمة عندما وضع هذا التعديل. الجمعية اعتمدت في التماسها على اتفاقية لاهاي وعلى اتفاقية جنيف.
السؤال الأول الذي تطرحه المحكمة، خلال بتها في القضية، كان، هو هل أحكام المعاهدات المذكورة هي بمثابة قانون تحكم حسبه هذه المحكمة؟.
النائب العام أعلن أمام المحكمة أنه لا يرغب بوضع هذا السؤال للفصل في المحكمة. بل كان جوهر دفاعه أن الحاكم العسكري لم يخل بهذه المعاهدات، بل أنه يطبقها على أرض الواقع بشكل صحيح وقانوني. بناءً على هذا الاعلان للمحكمة، تعتبر المحكمة نفسها معفية من البت في هذا السؤال وينبغي لها أن تدخل صلب الموضوع حسب أحكام المعاهدات.
الجمعية ادعت أن الأمر العسكري يتناقض مع المادة 43 من اتفاقية لاهاي لسنة 1907. وقد، انقسمت الآراء في المحكمة العليا بخصوص صلاحية الحاكم العسكري في تغيير القانون في هذه الحالة.
القاضي زوسمان، اعتبر أنه يترتب على احتلال منطقة أمران:
الأول: يحق لدول الاحتلال عمل كل ما يلزم من اجل أهداف الحرب وسلامة قواتها، صلاحيتها بهذا الخصوص مغلقة تقريبا.
الثاني: بجانب صلاحيتها، عليها واجب أيضا الاهتمام بسلامة الجمهور.
معتمدا على هذين المبدأين، اعتبر القاضي زوسمان، أن واجب الحاكم العسكري تجاه السكان المحليين قد يلزمه أحيانا تعديل القوانين القائمة، لأن احتياجات المجتمع تتغير مع مرور الوقت[83]. وقد أيد هذا النهج الكاتب دينشتاين[84].
ثم استمر قائلا، “لكي نفحص إذا كان تشريع جديد يتماشى مع المادة 43 من اتفاقية لاهاي يجب الإجابة عن السؤال ما هو الهدف من القانون الجديد؟ هل القانون سن من أجل دفع مصالح المحتل، أو انه من أجل مصلحة السكان المدنيين؟. الكل متفقون أن القانون الذي يهتم بمصلحة السكان، هو غير قانوني، ويتعدى صلاحية قائد المنطقة. ولكن بتفسير العبارة “في حالات الضرورة القصوى” يجب الأخذ بعين الاعتبار واجب القوة المحتلة الاهتمام بمصلحة السكان المحلية”[85].
وعليه، يقول القاضي زوسمان، إنه عندما لا تُمكّن القوانين القائمة الحاكم العسكري من القيام بواجبه تجاه السكان المحليين، فهذه بمثابة “الضرورة القصوى” التي تخوله صلاحية تعديل القوانين[86]. وعليه، اعتبر القاضي زوسمان، أن الحاكم العسكري لم يتعدَّ صلاحياته عندما عدل القانون الأردني. إذ أنه لولا التعديل المذكور، لما كان يمكن تفعيل القانون.
القاضي حاييم كوهين، خالف القاضي زوسمان في رأيه. واعتبر أن “الصلاحية لإعادة النظام لسابق عهده، لا تعني إدخال نظام جديد لم يكن فعالا قبل الاحتلال”[87]. واعتبر أن احترام القانون القائم، لا يعني تفعيل القانون أكثر من فاعليته السابقة. وحيث أنه لم يكن في الأردن قبل الاحتلال منظمات عمل وعمال، وعليه، النظام المنصوص عليه في المادة 92، لم يكن فعالا أصلا زمن الأردن. وليست وظيفة الحاكم العسكري حسب المادة 43، خلق نظام حياة مثالي. صلاحيته، تقتصر على إعادة النظام الذي كان قائما سابقا والحفاظ عليه.
إلا أن الرأي المذكور، للقاضي حاييم كوهين، بقي رأيا فرديا، ورفضت المحكمة العليا الالتماس المقدم لها مصادقة بذلك على الأمر العسكري الذي صدر بتعديل القانون الأردني، الأمر الذي أدى إلى تفعيل نظام لم يكن فعالا أصلا زمن الأردن.
وقد لقي هذا القرار الانتقاد من القانونيين الإسرائيليين أنفسهم. ففي مقال تعليقي على القرار، فضل خبير القانون الدولي الاسرائيلي يورام دينشتاين، النتيجة التي توصل إليها القاضي حاييم كوهين، ولكنه أقترح معيارا آخر[88]. على الرغم من أن دينشتاين، يوافق على صلاحية الحاكم العسكري بتعديل القوانين بما فيه مصلحة السكان، إلا أنه اقترح معيارا أو امتحانا آخر لفصح مدى صدق اهتمام الحاكم العسكري بمصلحة السكان. فقد اقترح دينشتاين، أن يكون الفحص، هو بالإجابة عن السؤال: هل يوجد قانون مشابه للقانون المنوي تشريعه ، في الدولة المحتلة؟. لأنه إذا وافقت الدولة المحتلة على تطبيق هذا القانون على مواطنيها قبل تطبيقه على مواطني الإقليم المحتل، فان ذلك يزيل الشك عن أية نية مبيتة من وراء التشريع، والعكس صحيح. من جهة أخرى، يرى كاتب آخر، أنه لا يمكن الاعتماد على المعيار المذكور دائما[89].
وإذا طبقنا هذا المعيار، على الأمر العسكري الذي عرض على المحكمة، كان يجب قبول الالتماس وإلغاء الأمر العسكري. إذ لم يكن حينها في إسرائيل أي قانون موازي يفرض التحكيم الإجباري في الخلافات العمالية. وعليه، فقد رغب الحاكم العسكري بتفعيل إجراء غير قائم حتى في القانون الاسرائيلي[90].
على أية حال، فقد أتاح القرار في هذه قضية الجمعية المسيحية المجال أمام الحاكم العسكري لإجراء تعديلات ضخمة على القوانين الأردنية. إذ عندما ربح الحاكم العسكري القضية، لتعديل قانون مدني بحت، لم يعد يهاب على الإطلاق الحظر الوارد في المادة 43 لاتفاقية لاهاي، على تعديل القوانين القائمة عشية الاحتلال، بل على العكس، كسب ثقة كبيرة بصلاحياته بعد هذا القرار، وأصبح يعتبر نفسه كأنه المشرع الشرعي في الأراضي الفلسطينية. وكما رأينا أعلاه، فقد قام الحاكم العسكري خلال 40 سنة من الاحتلال بوضع مئات التشريعات، دون أن تعترض المحكمة العليا طريقه.
وفي قضايا لاحقة، بخصوص تعديل قوانين قائمة، إضافة لأنّ المحكمة العليا رفضت هذه القضايا، فقد فسحت المجال للحاكم العسكري لتعديل القوانين القائمة أكثر.
فعلى سبيل المثال، في قضية طبيب[91]، صادقت المحكمة العليا أيضا على تعديلات في قانون الأراضي (استملاك من أجل الجمهور) لسنة 1953، بخصوص طريقة تسليم أمر الاستملاك.
وقد بدأت المحكمة بتطوير نظرية الاحتلال طويل الأمد Prolonged Occupation))[92] من خلال هذه القضية ومن خلال القضية التي سبقتها[93]. حيث بدأت تتحدث عن العامل الزمني، أي الوقت الذي مر منذ بدأ الاحتلال، كعامل مؤثر على صلاحيات الحاكم العسكري والتزاماته تجاه السكان المحليين. وكما جاء على لسان القاضي شيلا في هذه القضية:
“عندما نطبق حكم المادة 43، اليوم، بعد مرور أربعة عشر عاما على الاحتلال، فلا سبيل إلى للتحدث بعد الآن عن “إعادة” النظام والحياة الاجتماعية، إذ تم إعادتها منذ وقت طويل، وإنما الحديث عن “ضمانها”. وما المقصود “بضمان” النظام والحياة الاجتماعية؟. الجواب المفروض هو: تفعيل نظام حكم صحيح، على أذرعه المختلفة، التي تعمل في الدول المتطورة، بما في ذلك الأمن، الصحة، التعليم، الشؤون، وأيضا جودة المعيشة والسير…”[94].
وفي مقطع آخر من نفس القرار، أردف على هذا النهج، قائلا بصراحة:
“في الحقيقة، ليس “الحظر” المذكور في المادة 43، “جازما” على الإطلاق، والسؤال هو سؤال أفضلية وسهولة طرق تحقيق الهدف المذكور في الفقرة الأولى، أي “ضمان الحياة الاجتماعية”، تعبير أقترح تفسيره، كوجود حكم، يحافظ على حقوق المواطن، ويهتم لرفاهية غالبية السكان. وإذا كان تحقيق هذا الهدف، يتطلب عدم الالتزام بقوانين قائمة، مسموح، بل هو واجب عدم الالتزام بها“[95].
من الواضح، أنه بعد هذه القرارات، لم تعد أمام الحاكم العسكري أية معيقات أو حواجز في عملية تعديل القوانين، بل منحته المحكمة العليا صلاحيات واسعة لم يرد ذكرها على الإطلاق في اتفاقية لاهاي وجنيف معتمدة على نظرية الاحتلال طويل الأمد لتبرير قراراتها. الأمر الذي سهّل بشكل كبير على الحاكم العسكري في عملية التشريع، وأدى إلى تسارعها.
هكذا على سبيل المثال، قام الجيش الإسرائيلي من خلال الأمر العسكري رقم 658 لسنة 1976، بفرض ضريبة جديدة في الأراضي الفلسطينية، ألا وهي ضريبة القيمة المضافة[96]. وحسب المادة 48 من اتفاقية لاهاي، يستطيع المحتل الاستمرار بجباية الضرائب التي كانت تجبيها الدولة ذات السيادة، حسب نفس القواعد السابقة[97].
وقد ادعى الجيش، أنه يوجد ضريبة مشابهة في إسرائيل، وعليه كان يجب وضع ضريبة مقابلة في الضفة لتمكين استمرار التجارة مع إسرائيل. أي أن لإسرائيل مصلحة واضحة في فرض هذه الضريبة.
وقد عرض الأمر العسكري المذكور أمام المحكمة العليا في قضية أبو عيطه[98]. وقد رفضت المحكمة الالتماس المذكور أيضا، معللة ذلك بالصلاحية الواسعة للحاكم العسكري حسب المادة 43. كما اعتبرت في قرارها، أنه “لا توجد قاعدة عرفية في القانون الدولي تمنع في كل الحالات تغيير قوانين الضرائب القائمة”[99]. وقد تعرض هذا القرار للنقد أيضا[100].
2.2.2) قضايا إبعاد الأفراد والجماعات عن الأراضي الفلسطينية
يعتبر إبعاد أو طرد الأشخاص المحميين عن الأراضي المحتلة، مخالفة واضحة للمادة 49 من معاهدة جنيف الرابعة، التي تحظر إبعاد الأشخاص المحميين إلى الدولة المحتلة أو إلى أية دولة أخرى. وكما جاء في نص المادة 49 المذكورة:
“يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أية دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه”.
على الرغم من الحظر الواضح في المادة، إلا أن الحاكم العسكري استخدم وسيلة الأبعاد بشكل كبير في الأراضي الفلسطينية، ضد أشخاص وضد مجموعات، منذ بداية الاحتلال، وبعد الانتفاضة الأولى[101]. وكان اللجوء إلى المحكمة العليا في مثل هذه القضايا غير مُجْدٍ على الإطلاق، إذ كانت المحكمة العليا ترفض هذه القضايا الواحدة تلو الأخرى[102]، تاركةً الحاكم العسكري يفعل ما يشاء في هذا المجال.
وقد عللت المحكمة قرارها في قضية فهد القواسمي[103]، بأن المادة 49 صيغت بعد الحرب العالمية الثانية، على إثر الطرد الجماعي للسكان من قبل النازيين، وعليه لا يحل الحظر الوارد في المادة على الأفراد. وكما جاء على لسان القاضي شمغار، فإن الحظر المقصود كان:
“لهدف عمل تعسفي أو غير إنساني. أمام أعين صائغي المعاهدة، كان الطرد الجماعي من أجل الإبادة، نقل جماعي للسكان من أسباب دولية أو طائفية أو من أجل الاستغلال في أعمال العبودية”[104].
وعليه، اعتبرت المحكمة أنه هذا هو “هدف التشريع” وهذا هو الفهم الموضوعي له[105]. وعليه، قررت المحكمة أن هذه المادة لا تمنع طرد الأفراد بعد إجراء قانوني.
وقد أثار نهج المحكمة هذا دهشة المراقبين. وخاصة تجنُّب المحكمة النصوص الواضحة والجازمة للمادة، والتوجه إلى المصادر التاريخية للتشريع، دون أي سند قانوني أو وقائعي. ووجهت انتقادات عديدة لهذه القرارات.
وقام القانوني دافيد كرتشمير، بفحص تعليل المحكمة لقرارها أعلاه، لا سيما الخلفية لصياغة المادة 49 لمعاهدة جنيف الرابعة. وتوصل إلى أن المادة المذكورة، اعتمدت على نص سابق في مسودة وضعت سنة 1934، أي قبل نشوب الحرب العالمية الثانية. وعليه، لم تكن الخلفية لوضع المادة، أعمال النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، بل إن هذا النص قد وُضِعَ سابقا.
وقد انتقد القاضي حاييم كوهين، نهج المحكمة أعلاه، قضية عفو أعلاه. إذ اعتبر أن نص المادة 49 واضح وصريح، وعليه ما من حاجة إلى فحص خلفية القاعدة من أجل تفسيرها. كما واعتبر القاضي حاييم كوهين، في قضية القواسمي، أن المادة 49 تعتبر عرف دولي وعليه فإن المحكمة ملزمة بتطبيقها.
بسبب النقد العارم الذي وجهه إلى المحكمة، حاولت المحكمة التخفيف من وطأة النقد وما توصلت إليه سابقا، حيث قررت في قرارات لاحقة، أنه يجب إعطاء المتضرّر (أي المنوي إبعاده) حق ادعاء ادعاءاته شخصيا ضد الأبعاد، قبل الإبعاد، وأنه يجب أن تتوفر أدلة كافية من اجل إصدار أمر الإبعاد. ومع ذلك، فقد قررت المحكمة أن قرار الإبعاد، لا يعتبر غير قانوني، بسبب عدم إعطاء هذا الحق قبل تنفيذ الإبعاد. وهذا ما قررته المحكمة في قضية المبعدين إلى لبنان[106].
حيث قام الحاكم العسكري في يوم 92/12/17 بإصدار أوامر إبعاد ضد 415 فلسطينيا، من حركتي الجهاد الإسلامي وحماس، وتنفيذ القرارات على الفور، من خلال إبعادهم إلى الحدود اللبنانية. بعض المبعدين وعائلاتهم، تقدموا بالتماسات لمحكمة العدل العليا. العليا، اعتبرت أن للحاكم العسكري صلاحية إصدار أوامر إبعاد حسب المادة 112 من نظام الدفاع (الطوارئ) لسنة 1945[107]. وأما بالنسبة لعدم منح أي حق استماع قبل تنفيذ الإبعاد، فاعتبرت العليا، أن ذلك لا يلغي أمر الإبعاد أو ينتقض من قانونيته. مع ذلك، فقد أمرت سلطات الجيش، بمنح “حق استماع متأخر” لكل شخص يتقدم بطلب استماع عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي.
إذا في موضوع الأبعاد أيضا، تغاضت المحكمة، عن قاعدة واضحة في اتفاقية جنيف، وسمحت للجيش الإخلال بها، ولم تقم بالدور المرجو منها.
2.2.3) قضايا هدم البيوت كإجراء عقابي
الجيش الإسرائيلي، استحدث طريقة جديدة لمعاقبة المتمردين أو أعضاء الحركات الجهادية، وهي هدم بيت المطلوب. وغالبا يكون ذلك بعد قيامه بعملية عسكرية ضد الجيش أو مواطنين في إسرائيل كإجراء عقابي. ونفذت أعمال الهدم ضد بيوت الانتحاريين الذين كانوا يفجرون أنفسهم ضد أهداف إسرائيلية.
إن هذا الإجراء الذي اتخذه الجيش الإسرائيلي، لقي نقدا شديدا وخلافا كبيرا في الوسط القانوني داخل البلاد وخارجها[108]. حتى القانوني الإسرائيلي دينشتاين، اعتبر أن الدواعي الأمنية التي تسمح بهدم البيوت حسب القانون الدولي، تتطرق فقط لعمل خلال العمليات العسكرية، وليس كعمل عقابي في الأرض المحتلة[109]. وقد اعتبر، أنه يمكن استخلاص هذا الرأي أيضا في قرارات القاضي براك في قضية يوسف جوسين[110] وفي قضية نهيل عامر[111].
الجيش الإسرائيلي، محاولا إضفاء الصبغة القانونية على عمله، ادعى أنه يعتمد على المادة 119 من أنظمة الطوارئ الانجليزية، والتي كانت جزءا من القانون الأردني[112]، وأن الدواعي الأمنية تسمح بهذه الإجراءات. كان الادعاء بأن هذه الأنظمة أبطلت في فترة الحكم الأردني، إلا أن المحكمة العليا رفضت هذا الادعاء.
وفي قضية رمز جابر[113]، رفضت المحكمة التطرق للمادة 64 من اتفاقية جنيف أو الاعتماد عليها[114]. وحسب هذه المادة، يستطيع الحاكم العسكري، تعديل القوانين بحيث يتمكن من الوفاء بالتزاماته وفق هذه الاتفاقية. وعلى الرغم من أن المادة 119، تصطدم بشكل مباشر مع أحكام المادة 53 من اتفاقية جنيف، إلا أن الحاكم العسكري لم يُلغِ هذه المادة، مخلا بذلك بواجبه بملائمة القوانين القائمة لاتفاقية جنيف، بل واعتمدها على هذه المادة في ادعاءاته.
وقد قبلت المحكمة أن المادة 119، هي جزء من القانون القائم الذي يخوّل صلاحيات للحاكم العسكري. وكما جاء على لسان القاضي شمغار:
“السؤال المطروح أمامنا، ليس تفسيرا للمادة 53 من مادة اتفاقية جنيف الرابعة. المادة 119 من نظام الطوارئ هي جزء من القانون الذي كان ساريا في يهودا والسامرة عشية إقامة الحكم العسكري”[115].
وقد وجهت انتقادات شديدة للمحكمة بسبب موقفها المذكور، بما في ذلك من قبل القانوني الاسرائيلي المعروف داود كريتشمر[116].
2.2.4) قضايا إقامة المستوطنات
أداء المحكمة العليا لم يرقَ إلى المستوى المطلوب أيضا في قضايا بناء المستوطنات. بل على العكس، فقد كانت لقرارات المحكمة في هذا المجال، نتائج عكسية، واستمر بناء المستوطنات في الضفة الغربية على قدم وساق. ويشهد على أداء المحكمة هذا واقع المستوطنات اليوم في الضفة الغربية.
وكما هو الحال في مجالات أخرى، كان للقرارات المفصلية للحاكم في هذا المجال، التأثير الكبير على العلاج القانوني لهذه القضية لاحقا. وأهم القضايا في هذا المجال، كانتا قضية مستوطنة بيت إيل وقضية مستوطنة إيلون موريه. وعليه سنقف فيما يلي عند كل واحدة من هذه القضايا، محاولين فهم نهج المحكمة في كل واحدة من القضايا.
القضية الأولى، هي القضية المعروفة بقضية مستوطنة بيت إيل[117]، والتي قُدمت من قبل مواطنين فلسطينيين ضد إقامة مستوطنتي بيت إيل ومستوطنة روعي شومرون. الملتمسون أصحاب أراضي في قضاء رام-لله وفي قضاء نابلس، توجهوا إلى المحكمة العليا، بعد أن أصدر الحاكم العسكري أوامر وضع اليد على الأراضي المذكورة بهدف إقامة مستوطنات يهودية، وادعوا أن الأوامر المذكورة تنطوي على إخلال مُجحِف بقواعد القانون الدولي.
وقد وقفت عقبتان أمام المحكمة للمصادقة على قانونية المستوطنات:
العقبة الأولى، تنبع من النص الصريح للمادة 49(6) من اتفاقية جنيف، والتي نصت على أنه “لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحّل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”[118].
العقبة الثانية، تنبع من المادة 46 من اتفاقية لاهاي، والتي تفرض على القوة المحتلة، حماية الملكية الخاصة[119].
المحكمة العليا، تعمدّت التعامل مع كل واحدة من العقبتين على حدة.
وتجدر الإشارة هنا، أنه خلافا لقضايا أخرى، لم توافق النيابة في هذه القضية، أو في قضايا المستوطنات المشابهة، أن تحكم المحكمة في القضية، وفق أحكام اتفاقية جنيف[120]، بسبب خوفها من النتيجة كما يبدو. ولكن ذلك يعتبر من أشد المآخذ على المحكمة العليا نفسها، التي كانت تقرر في كل قضية، حسب الأحكام التي توافق النيابة على الحكم حسبها. إذ من غير المعقول، أن تكون مصادر القانون التي حسبها يجب على المحكمة الفصل في القضية، موضع قرار أحد أطراف القضية، وهو الذي يقرر للمحكمة ما هي القواعد التي تستطيع المحكمة اعتمادها للفصل في القضية وما هي القواعد التي لا تستطيع اعتمادها، حسب أهوائه. وتعود جذور هذه المشكلة، إلى عدم اعتراف إسرائيل بانطباق اتفاقية جنيف على الأراضي المحتلة.
وبسبب موقف النيابة هذا، تفصل المحكمة في بداية الأمر بين قواعد اتفاقية جنيف، وقواعد اتفاقية لاهاي.
أما اتفاقية جنيف، فهي في رأي المحكمة لا تعتبر جزءا من القانون العرفي، وإنما جاءت لوضع قواعد جديدة، قواعد منشأة، وعليه، فهي لا تعتبر جزءا من القانون الإسرائيلي، ما لم تُدخل إليه بواسطة تشريع برلماني. وبهذه السهولة، تملصت المحكمة من تطبيق قاعدة صريحة وواضحة، تعالج هذه القضية في اتفاقية جنيف.
أما بالنسبة لاتفاقية لاهاي، فقد اعتبرتها المحكمة أنها جزء من القانون الدولي العرفي، ولذلك، حسب مبادئ القانون الإسرائيلي، فإنها تعتبر جزءا من هذا القانون. وعليه، القاعدة الوحيدة التي كان عليها تخطّيها، هي القاعدة الواردة في المادة 46 أعلاه من اتفاقية لاهاي.
المحكمة “تلتف” على المادة 46 بطريقتين:
أولا: أن المادة 46 تعالج مصادرة الأراضي. ويعرّف القاضي فيتكون المصادرة، بأنها “مصادرة أرض دون مقابل لهدف غير قانوني”. وههنا، حسب المحكمة، هذه ليست مصادرة، إذ لم يتم إلغاء ملكية أصحاب الأراضي، بل بقوا المالكين لأرضهم، وإنما تم “وضع اليد” على الأرض مع عرض مقابل مادي لاستعمالها.
ثانيا: أما كون الهدف من أوامر وضع اليد، هدفا عسكريا، على الرغم من أننا نتحدث عن إقامة مستوطنة مدنية، فيقول القاضي فيتكون، إن الجيش تقدم للمحكمة بتصاريح مشفوعة بالقسم يرد بها ما يلي:
- إن للمستوطنات أهمية كبرى، إذ أنها تعتبر جزءا من جهاز الدفاع للجيش الإسرائيلي.
- إن الهدف من أقامة هذه المستوطنات، هو السيطرة على مناطق حساسة.
- إنه في حالات الطوارئ، وعندما تنتقل القوات إلى الجبهة، يكون للمستوطنة دور عسكري واضح في السيطرة على المناطق التي تحيطها.
وعليه، فإن وضع اليد على الأراضي لإقامة المستوطنات كان من دواعي أمنية. وقبلت المحكمة بناءً على ذلك، ادعاء الجيش المذكور، فرفضت الالتماسات، وصادقت على إقامة المستوطنات. ويبدو من القرار، كأن المحكمة “تغسل يديها” من القضية، حين اعتمدت على التصاريح المشفوعة بالقسم التي تقدم بها الجيش، والتي لا يمكن أن يقبلها المنطق السليم لأي قاض، إذ من الواضح أن الجيش استعمل الدواعي الأمنية ستارا يخفي بواسطته سياسة الحكومة في الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وكان للنتيجة السلبية في هذه القضية، تأثير كبير في مسألة الاستيطان في الضفة الغربية. إذ أن المحكمة قبلت مبدئيا أنه يمكن إقامة مستوطنات من دواع أمنية، على الرغم من الصفة المدنية لهذه المستوطنات. وبذلك أتاحت المحكمة المجال لعملية استيطان واسعة في الضفة الغربية. وهذا ما حدث فعلا في نهاية الأمر، حيث زرعت المستوطنات في كل أرجاء الضفة الغربية وقطاع غزة، وأصبحت هذه المستوطنات تشكل عقبة أمام عملية السلام في المنطقة[121].
القضية الهامة الثانية، هي قضية أيلون موريه[122]. حيث عرضت على المحكمة قضية إقامة المستوطنة المذكورة ضمن حدود قرية روجيب، شرقي طريق القدس-نابلس، من قبل جماعة “غوش ايمونيم” وهي حركة صهيونية متطرفة. الملتمسون في القضية، هم مواطنون فلسطينيون أصحاب أراضٍ خاصة، تفاجأوا بشروع الجرافات الإسرائيلية العمل في أراضيهم لإقامة مستوطنة، وتوجهوا إلى محكمة العدل العليا.
المحكمة اتبعت نفس النهج الذي اتبعته في قرارها بقضية مستوطنة بيت أيل، بالنسبة للقانون الواجب التطبيق على القضية. أي أن اتفاقية جنيف لا تحل على القضية، كونها اتفاقية تعاقدية، بينما يمكن تطبيق اتفاقية لاهاي، كونها اتفاقية عرفية.
من ثم انتقلت المحكمة لتفحص، فيما إذا كانت إقامة المستوطنة نابعة من دواع أمنية؟. المحكمة قبلت الالتماس في نهاية الأمر، بسبب عدم اقتناعها في الدواعي الأمنية من وراء إقامة المستوطنة. وهنالك عدة عوامل أدت إلى وصول المحكمة لهذه النتيجة:
أولا: الخلاف الذي نشب بين أعضاء الحكومة بالنسبة لإقامة المستوطنة. إذ أن وزير الدفاع اعتبر أنه ما من دواع أمنية تدعو إلى إقامة المستوطنة.
ثانيا: أن الجيش لم يكن المبادر لإقامة المستوطنة، وإنما جاءت المبادرة من الإطار السياسي-للحكومة، الأمر الذي يثير الشك في حقيقة الدواعي الأمنية.
ثالثا: ثبت وجود وعد مسبق من قبل الحكومة لمجموعة “غوش ايمونيم” لإقامة المستوطنة. المجموعة المذكورة قامت بالسيطرة على موقع آخر في منطقة نابلس، وتم إخلاؤها منه. ولكن بالمقابل، تم وعدها بإقامة مستوطنة يهودية في المنطقة تسمى “إيلون موريه” حسب موقع يتم اختياره. وبعد ذلك، توجهت الحكومة إلى الجيش لاقتراح موقع لإقامة المستوطنة، وهذا ما حدث بالفعل.
رابعا: وقع خلاف في المحكمة بين المستوطنين والحكومة بالنسبة لطريقة عرض دواعي إقامة المستوطنة وأسبابها. ففي حين ادعت الحكومة أن المستوطنة تقام لدواع أمنية بحتة، رفض المستوطنين هذه الحجة، وطالبوا بحق الاستيطان على أسس عقائدية دينية.
أمام هذه التناقضات، لم يكن أمام المحكمة مجال إلا أن تتوصل إلى النتيجة، أن دواعي إقامة المستوطنة ليست أمنية.
بالمقابل، فقد مهد هذا القرار الطريق أمام المزيد من عمليات الاستيطان. إذ أن قرار المحكمة بقبول الالتماس تطرق فقط لما مساحة 125 دونما من الأراضي الخاصة. أما الأراضي التي تعتبر حكومية أو يعلن بأنها حكومية، فقد أوضحت المحكمة أنها لا تتدخل بمثل هذا النوع من الأراضي. وهكذا أسدت المحكمة للجيش، نصيحة قانونية دون مقابل، وفعلا، بسبب هذا القرار، أصبحت عملية إعلان الأراضي كأراضي حكومية أو أراضي دولة، الوسيلة الأساسية في عملية الاستيطان.
خاتمة
وقفنا خلال بحثنا أعلاه، على القانون الدولي الواجب التطبيق على الأراضي الفلسطينية. وقفنا عند موقف الحكومة الإسرائيلية من انطباق هذا القانون على الأراضي المحتلة. ومن ثم، بحثنا مدى تطبيق محكمة العدل العليا لقواعد هذا القانون. وكانت نتائج البحث سلبية للغاية. من بين هذه النتائج، يمكن أن نجمل ما يلي:
أولا: المحكمة لم تواجه الحكومة الإسرائيلية بالنسبة للقانون الدولي الواجب التطبيق على الأراضي الفلسطينية، ولم تتخذ موقفا مستقلا بهذا الموضوع الجوهري. بل تماشت مع موقف الحكومة الرافض لانطباق اتفاقيات جنيف، وسمحت للحكومة أن تحدد لها مصادر القانون التي يمكن أن تعتمد عليها من اتفاقية جنيف في كل قضية وقضية. وبذلك تجاهلت المحكمة أيضا، موقف المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، مثل الصليب الأحمر من القانون الواجب التطبيق على الأراضي المحتلة.
ثانيا: المحكمة ميزت عشوائيا بين اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف، إذ اعتبرت الأولى عرفية، بينما اعتبرت الثانية، تعاقدية، بشكل شمولي، ودونما أن تقف عند كل قاعدة، لتتأكد من كونها تعاقدية أو عرفية. وتجاهلت المحكمة بذلك، آراء فقهاء القانون الدولي، الذين اعتبروا أن غالبية قواعد اتفاقية جنيف، هي قواعد عرفية مقننة، جاءت لتوضيح وتوسيع قواعد، وردت أصلا في اتفاقية لاهاي.
ثالثا: في تطبيقها لأحكام المعاهدات، اتبعت المحكمة نهج التفسير الواسع، وخرجت عن النصوص الدقيقة والواضحة لأحكام المعاهدات، الأمر الذي أدى إلى منح الحاكم العسكري صلاحيات واسعة لا يرد ذكرها في الاتفاقيات.
رابعا: طورت المحكمة نظرية الاحتلال طويل الأمد (Prolonged Occupation)، كأساس تعتمد عليه، لمنح الحاكم العسكري صلاحيات أوسع، بسبب مرور الزمن.
خامسا: في القضايا المفصلية، مثل قضايا تعديل القوانين، قضايا الإبعاد، قضايا هدم البيوت، وقضايا الاستيطان كانت قرارات المحكمة مخيبة للآمال، ولم ترق إلى المستوى المطلوب، وإلى الحيادية المطلوبة. الأمر الذي منح الحاكم العسكري صلاحيات غير محدودة، تمكنه من تغيير الوضع القائم في الأراضي المحتلة عشية الاحتلال، بشكل جذري، وهذا ما حصل فعلا.
وقد أدى النهج المذكور للمحكمة، على مكوناته المختلفة إلى مزيد من الانتهاكات للحقوق الفلسطينية، وإلى مزيد من الخروق لقواعد القانون الدولي. وبدل أن تكون المحكمة هي الرادع الأساسي للجيش من انتهاك القانون الدولي أو تقويضه، كانت المحكمة تُسهل للجيش تسيير أعماله داخل الأراضي المحتلة. وما زالت الانتهاكات للحقوق الفلسطينية حسب القانون الدولي مستمرة إلى يومنا هذا[123].
غياث ناصر
قائمة المراجع
أ) مصادر أولية– معاهدات وقرارات دولية:
– اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949.
– اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، الموقعة في لاهاي / 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907.
– Resolution No. 242 of 1967, United Nation Security Council Resolution, S/RES/242 of 22 November 1967.
ب) مصادر ثانوية:
1) كتب باللغة العربية:
– السيد، رشاد عارف ، القانون الدولي العام في ثوبه الجديد، (عمان، 2001) ص. 47.
2) كتب ومقالات باللغة العبرية:
– بار-يعكوف، نسيم، “انطباق قوانين الحرب على المناطق المسيطر عليها” (1990) 19 مشباتيم ي.ط (4) 831.
– دينشتاين، يورام، “صلاحية التشريع في الأراضي المسيطر عليها” (1972) عيوني مشبات ب(1) ص. 505.
– دينشتاين، يورام، “المستوطنات والإبعاد في الأراضي المسيطر عليها” (1979) عيوني مشبات ز(1) 188.
– نجبي، موشيه، كوابح العدالة، محكمة العدل العليا مقابل الحكم العسكري في المناطق (1981) 22. [1]
– Sabel, Robbie, International Law, (Hebrew University, Jerusalem, 2003) (In Hebrew) at 455.
3) كتب ومقالات باللغة الانجليزية:
– Benvenesti, Eyal, “The Applicability of Human Rights Conventions to Israel And to The Occupied Territories” (1992) 26 Israel Law Review 24.
– Berliner, Marilyn, “Palestinian Arab Self-Determination and Israeli Settlement on the West Bank: An Analysis of Their Legality Under International Law” (1985) 8 Loy. L.A. Int’l & Comp. L.J. 551.
– Carroll, Martin B., “The Israeli Demolition of Palestinian Houses in the Occupied Territories : An Analysis of its Legality in International Law”, (1990) 11 Mich. J. Int’l L. 1195.
– Dinstein, Yoram, “The Israel Supreme Court and the Law of Belligerent Occupation: Article 43 of the Hague Regulations”, (1995) 25 Israel Yearbook on Human Rights 1.
-Dinstien, Yoram, “The Israel Supreme court and the Law of Belligerent Occupation: Demolitions and Sealing off of Houses”, (1999) 29 Israel Yearbook on Human Rights 285.
– Darcy, Shane, “Punitive House Demolitions, the Prohibition of Collective Punishment, and the Supreme Court of Israel” (2002-2003) 21 Penn. St. Int’l L. Rev. 447.
– El-Hindi, Jamal, “Note, the West Bank Aquifer and Conventions Regarding Laws of Belligerent Occupation” (1989-1990) 11 Michigan Journal Of International Law 1400.
– Fahrenkopf, Allison M., “A Legal Analaysis of Israel’s Deportation of Palestinians From The Occupied Territories” (1990) 8 B.U. Int’l L.J. 125.
– Falk, Richard A., “The Israeli-Occupied Territories, International Law, and Boundaries of the Scholarly Discourse: A Reply to Michael Curtis”, (1992) 33 Harvard International Law Journal 191.
– Falk, Richard, “Some Legal Reflections on Prolonged Israeli Occupation of Gaza Strip and the West Bank” (1989) 2 J. Refugee Stud. 40.
– Glahn, Gerhard Von, “Taxation under Belligerent Occupation”, International Law and the Administration of the Occupied Territories, Two Decades of Israeli Occupation of the West Bank and Gaza Strip (Emma playfair ed. 1992).
– Howlett, Stacy “Palestinian Private Property Rights in Israel and the Occupied Territories”, (2001) 34 Vand. J. Transnatl. L. 117.
– I.C.R.C Annual Report (1987).
– Kretzmer, David, The Occupation of Justice, the Supreme Court of Israel and the Occupied Territories (Jerusalem, 2002).
– Kuttner, Thumas, “Israel and the West Bank: Aspects of the Law of Belligerent Occupation”, (1977) 7 Israel Yearbook on Human Rights 166.
– Lapitdoth, Routh, “International Law within the Israel Legal System”, (1990) 24 Israel Law Review 451.
– Melhem, Feras, The Origins and Evaluation of the Palestinians Sources of Law, Thesis Submitted to Obtain a Degree of Doctor of Law (Brussels, 2004).
– Meron, Thedor, “Applicability of Multilateral Conventions to Occupied Territories” (1978) The American Journal of International Law 542.
– Meron, Theodor, “The Geneva Convention as Customary law” (1987) 81 American Journal of International Law, 348, at 364.
– Nathan, E., “The Power of Supervision of the High Court of justice over the Military Government”, in: M. Shamgar ed. Military Government in the Territories Administered by Israel, 1967-1980, Vol. 1: The Legal Aspects (Jerusalem, 1982) at 137-141.
– Opphnheim-Lauterpacht, International Law, Vol. II, Disputes War and Neutrality, H. Hauterpacht ed. (7th ed. 1952).
– Roberts, Adam, “Prolonged Military Occupation: The Israeli-Occupied Territories Since 1967” (1990) 84 American Journal of International Law 44.
– Rosenne, Shabti, “A Communication to the Editor” (1980) 15 Israel Law review 463-465.
– Shah, Samirah, “On The Road to Apartheid: The Bypass Road Network in the West Bank”, (1997-1998) 29 Columbia Human Rights Law Review 221.
– Shamgar, Meir, “The Observance of the International Law in the Administered Territories” (1971) 1 Israel Yearbook on Human Rights 262.
– Shamgar, Meir, “Legal Concepts and Problems of the Israeli Military Government- The Initial Stage” in: (M.
Shamgar ed.), Military Government in the Territories Administered by Israel, 1967-1980, vol. I: The Legal Aspects (Jerusalem,1982) 13.
– Simon, Dan, “The Demolition of homes in the Israeli Occupied Territories” (1994) 19 Yale J. Int’l L. 1.
– Halabi, Usama R., “Demolition and Sealing of Houses in the Israeli Occupied Territories: A Critical Legal Analysis”, (1991) 5 Temp. Int’l & comp. L.J. 251.
– United Nations, The Question of the Observance of the Fourth Geneva Convention of 1949 in Gaza and the West Bank, including Jerusalem, Occupied by Israel in June 1967 (1979) 3-14.
4) قرارات محاكم
– التماس عدل عليا 81/69 أبو عيطه وآخرون ضد حاكم منطقة الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (2) 197، ص. 230.
– التماس عدل عليا 78/606 ايوب وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرون، قرارات ل.ج. (2) 113.
– التماس عدل عليا 82/393 جمعية إسكان المعلمين التعاونية المحدودة المسؤولية ضد قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (4) 785.
– التماس عدل عليا 85/785 عفو وآخرون ضد قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات م.ب. (2) 4.
– التماس عدل عليا 80/351 شركة كهرباء شرقي القدس ضد وزير الطاقة وآخرين، قرارات ل.هـ. (2) 673، 688.
– التماس عدل عليا 80/698 قواسمه وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.هـ. (1) 617، ص. 638.
– التماس عدل عليا 79/390 دويكات وآخرون ضد حكومة اسرائيل، قرارات ل.د. (1) 29.
– إلتماس عدل عليا 88/253 سجدية وآخرون ضد وزير الدفاع، قرارات م.ب. (3) 801.
– التماس عدل عليا رقم 71/337 الجمعية المسيحية للأراضي المقدسة ضد وزير الدفاع، قرارات ك.و.(1) 574.
– التماس عدل عليا 81/202 سعيد محمود طبيب ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.و.(2) 622.
– التماس عدل عليا 81/69 باسل أبو عيطة ضد الحاكم العسكري في الضفة الغربية، قرارات ل.ز (2) 197.
– التماس عدل عليا 80/698 فهد داود القواسمي ضد وزير الدفاع، قرارت ل.هـ.(1) 617.
– التماس عدل عليا 87/845 عبد الناصر عبد العزيز عبد عفو ضد قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات م.ب.(2) 28.
– التماس عدل عليا 92/5973 جمعية حقوق المواطن في اسرائيل ضد وزير الدفاع، قرارات م.ز.(1) 268، ص. 289.
– التماس عدل عليا 02/4219 يوسف محمد جوسين ضد قائد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة (لم ينشر).
– التماس عدل عليا 02/6692 نهيل عادل سعدو عامر ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (لم ينشر).
– التماس عدل عليا 78/606 سليمان توفيق أيوب وآخرون ضد وزير الدفاع.
– التماس عدل عليا 79/390 عزت محمد مصطفى دويكات ضد حكومة إسرائيل وآخرين، قرارات ل.د.(1)1.
[1] على الرغم من اعتراض إسرائيل، كما سنرى لاحقا، على اعتبار الأراضي الفلسطينية أراضيَ محتلة، إلا انه يوجد إجماع دولي اليوم أن هذه الأراضي هي أراضٍ محتلة. حتى رئيس الحكومة السابق أريئيل شارون اعترف في أحد خطاباته بكون الأراضي الفلسطينية أراضي محتلة.
[2] Robbie Sabel, International Law, (Hebrew University, Jerusalem, 2003) (In Hebrew) at 455. See also: Oppenheimes, International Law, Vol. II, Disputes War and Neutrality, H. Hauterpacht ed. (7th ed. 1952) at 435.
كما جاء تعريف “الأرض المحتلة” المذكور، في المادة 42 من الفصل الثالث للائحة المرفقة باتفاقية لاهاي، الذي يتعلق في “السلطة العسكرية في أرض دولة العدو” بان: “تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها”.
[3] Resolution No. 242 of 1967, United Nation Security Council Resolution, S/RES/242 of 22 November 1967.
[4] Feras Melhem, The Origins and Evaluation of the Palestinians Sources of Law, Thesis Submitted to Obtain a Degree of Doctor of Law (Brussels, 2004) 127-128.
[5] Samirah Shah, “On The Road to Apartheid: The Bypass Road Network in the West Bank”, 1997-1998) 29 Columbia Human Rights Law Review 221, at 244: “Since the authority over the West bank, Gaza strip, and East Jerusalem has in fact passed into the hands of Israel and the Israeli Military actually exercises its authority in these territories, the territories can be considered occupied within the meaning of the Hague Regulations and the Fourth Geneva Convention. Since Israel, Jordan and Egypt are all parties to to the 1949 Geneva Convention IV, the Convention applies to the territories occupies by Israel”.
[6] التماس عدل عليا 82/393 جمعية إسكان المعلمين التعاونية المحدودة المسؤولية ضد قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (4) 785، ص. 793.
[7] Richard Falk, “Some Legal Reflections on Prolonged Israeli Occupation of Gaza Strip and the West Bank” (1989) 2 J. Refugee Stud. 40, at 44: “The existing customs and treaty rules of international law are dominated by the idea that an occupation of territory that arises as an incident of war should be dealt with as a matter that is temporary and subject to a return of the territories to the rightful sovereign at the earliest feasible date”.
[8] التماس عدل عليا 81/69 أبو عيطه وآخرون ضد حاكم منطقة الضفة الغربية، قرارات ل.ز. (2) 197، ص. 230.
[9] الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية، الموقعة في لاهاي / 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907.
[10] اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949.
[11] Thedor Meron, “Applicability of Multilateral Conventions to Occupied Territories” (1978) The American Journal of International Law 542, at 542-543.
[12] Shah, supra note 5, at 239-240: “…the regulations annexed to the Hague Conventions are declaratory of customary international Law and are thus binding on all the states, including those that are not parties to the conventions and regulations”.
[13] Eyal Benvenesti, “The Applicability of Human Rights Conventions to Israel And to The Occupied Territories” (1992) 26 Israel Law Review 24, at 27-28: “These norms reflect a concern of the humane treatment of the occupied populations/ In fact’ concern for the humane treatment of enemy combatants and civilians has always been one of the scales that the laws of war had always sough to balance”.
[14] Jamal El-Hindi, “Note, the West Bank Aquifer and Conventions Regarding Laws of Belligerent Occupation” (1989-1990) 11 Michigan Journal Of International Law 1400, at 1404: “The Geneva Conventions attempted to fill Gaps in the humanitarian protections outlined in the Hague rules. Protocols to the Geneva Conventions have called for the further restrictions on the powers of a belligerent occupier”.
[15] Stacy Howlett, “Palestinian Private Property Rights in Israel and the Occupied Territories”, (2001) 34 Vand. J. Transnatl. L. 117, at 136: “Occupier’s Law, as provided by the Hague and Geneva Conventions, can be summarized into four key points. The First, comes from article 43, of the Hague Regulations and states that the occupant’s power is of de facto nature. Military occupation does not give sovereignty to the occupying power”.
[16] Howlett, supra note 15, at 137.
[17] Ibid.
[18] Ibid.
[19] المادة 43 من اتفاقية لاهاي: “إذا انتقلت سلطة القوة الشرعية بصورة فعلية إلى قبضة قوة الاحتلال، يتعين على الأخيرة، قدر الإمكان، تحقيق الأمن والنظام العام وضمانه، مع احترام القوانين السارية في البلاد، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحول دون ذلك”.
[20] Howlett, supra note 15, at 137.
[21] Ibid.
[22] المادة 49 من اتفاقية جنيف: “يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة كانت أو غير محتلة، دون مراعاة أية دواع ٍ لذلك.
ومع ذلك، يجوز لدولة الاحتلال أن تقوم بإخلاء كلي أو جزئي لمنطقة محتلة معينة، إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. ولا يجوز أن تتسبب عمليات الإخلاء بنزوح الأشخاص المحميين إلا في إطار حدود الأراضي المحتلة، ما لم يتعذر ذلك من الناحية المادية. ويجب إعادة السكان المنقولين على هذا النحو إلى مواطنهم بمجرد توقف الأعمال العدائية في هذا القطاع.
وعلى دولة الاحتلال التي تقوم بعمليات النقل أو الإخلاء أن تتحقق إلى أقصى حد ممكن من توفير أماكن الإقامة المناسبة لاستقبال الأشخاص المحميين، ومن أن الانتقالات تجري في ظروف مُرضِيَة من حيث السلامة والشروط الصحية والأمن والتغذية، ومن عدم تفريق أفراد العائلة الواحدة. ويجب إخطار الدولة الحامية بعمليات النقل والإخلاء بمجرد حدوثها. لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين في منطقة معرضة بشكل خاص لأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية. لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”.
[23] المادة 53 من اتفاقية جنيف: “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أية ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات، أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية، إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتماً هذا التدمير”.
[24] المادة 46 من اتفاقية لاهاي: “ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة”.
[25] “( ز) تدمير ممتلكات العدو أو حجزها, إلا إذا كانت ضرورات الحرب تقتضي حتماً هذا التدمير أو الحجز”.
[26] المادة 33 من اتفاقية جنيف : “لا يجوز معاقبة أي شخص محمي على مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب. تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم”.
[27] المــادة 50 من اتفاقية لاهاي: “لا ينبغي إصدار أية عقوبة جماعية، مالية أو غيرها، ضد السكان بسبب أعمال ارتكبها أفراد لا يمكن أن يكون هؤلاء السكان مسئولين بصفة جماعية”.
[28] المــادة 76 من اتفاقية جنيف، “يحتجز الأشخاص المحميون المتهمون في البلد المحتل، ويقضون فيه عقوبتهم إذا أدينوا. ويفصلون إذا أمكن عن بقية المحتجزين، ويخضعون لنظام غذائي وصحي يكفل المحافظة على صحتهم ويناظر على الأقل النظام المتبع في سجون البلد المحتل. وتقدم لهم الرعاية الطبية التي تتطلبها حالتهم الصحية. ويكون لهم الحق أيضاً في تلقي المعاونة الروحية التي قد يحتاجون إليها.
تحجز النساء في أماكن منفصلة عن الرجال ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء”.
[29] Meir Shamgar, “The Observance of the International Law in the Administered Territories” (1971) 1 Israel Yearbook on Human Rights 262.
[30] Ibid at 263.
[31] فقط بريطانيا والباكستان اعترفتا بضم الضفة الغربية للأردن.
[32] المحكمة العليا الإسرائيلية لم تتطرق إلى هذا الإدعاء ولم تفصل فيه في أية مرحلة، بل حاولت التهرب منه، معتمدة على موافقة الحكمة على تطبيق القواعد الإنسانية لاتفاقية جنيف. وبناء على هذه الموافقة، لم تكن هنالك حاجة حسب رأي المحكمة في الفصل في هذا الأدعاء.
[33] El-Hindi, supra note 14, at 1405: “The official Israeli stance has been criticizes by a number of commentators, and the applicability of the Fourth Geneva convention to the occupied territories has been asserted by the International Committee of the Red Cross, various United Nations bodies including the Security Council and the General Assembly, and most governments including the United States”.
[34] Shah, supra note 5, at 241-242: “According to the ICRC Commentary on the Fourth Geneva Convention, this Article [Article 2 of Geneva] attempted to remove any question of the applicability of the convention in times of war, other armed conflict, or partial or total occupation. The Article was meant to address situations in which a state refuses to recognize the existence of a state of war or refuses to observe humanitarian conventions, because it “consest[s] the legitimacy of the enemy government” or because the enemy sovereign temporarily disappears as a result of the of the annexation or capitulation”.
[35] المــادة 4 من اتفاقية جنيف: “الأشخاص الذين تحميهم الاتفاقية هم أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان، في حالة قيام نزاع أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها”.
[36] Shamgar, supra note 29, at 266: “de facto observance of the humanitarian rules of the Hague and of the Fourth Geneva Convention”.
[37] Ibid.
[38] نسيم بار-يعكوف، “انطباق قوانين الحرب على المناطق المسيطر عليها” (1990) 19 مشباتيم ي.ط (4) 831، ص. 832: “بهذا شذ مئير شمغار عن رأيه السابق الذي وفقا له يوجد شك بالنسبة لانطباق اتفاقية جنيف، وعبر عن رأي حازم أن المعاهدة لا تنطبق على الاراضي المحتلة”.
[39] Meir Shamgar, “Legal Concepts and Problems of the Israeli Military Government- The Initial Stage” in: (M. Shamgar ed.), Military Government in the Territories Administered by Israel, 1967-1980, vol. I: The Legal Aspects (Jerusalem,1982) 13, at 33: “…the non- admission of the applicability of the Fourth Geneva Convention expressed one of the fundamental standpoints of the Israeli authorities”.
[40] نبع هذه الموقف من المادة 2 لاتفاقية جنيف، التي نصت على ما يلي:
“2. … تنطبق الاتفاقية أيضاً في جميع حالات الاحتلال الجزئي أو الكلي على إقليم أحد الأطراف السامية المتعاقدة، حتى لو لم يواجه هذا الاحتلال مقاومة مسلحة….”. وكان كل من اسرائيل ومصر والاردن أطرافا بهذه الاتفاقية.
[41] بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص. 833.
[42] وقد جاء في أعلان الحكومة، الذي ورد في مقالة بار-يعكوف ملاحظة 26 أعلاه، ص 833 كما يلي:
“….the territorial position is thus sui generis and the Israel Government tried therefore to distinguish between theoretical juridical and political problems on the one hand, and observance of the humanitarian provisions of the fourth Geneva Convention on the other hand. Accordingly, the Government of Israel distinguished between the legal problems of the applicability of the Fourth Geneva Convention to the territories under consideration which, as stated, does not in my opinion apply to these territories, and decided to act de facto, in accordance with humanitarian provisions of the Convention (Israel Yearbook on Human Rights, Vol. 1 (1971) p. 266)”.
[43] A/32/PV 27, 10 October 1977.
[44] A/32/PV 47, 26 October 1977: “Since Jordan never was a ‘legitimate sovereign’ in Judea and Samaria, the provisions of the Fourth Geneva Convention- including those of article 49, which were intended to protect the rights of the ‘legitimate sovereign’ – do not apply in respect of Jordan. Therefore, Israel is not affected by these provisions, and need not consider itself restricted by them. In other word, Israel cannot be considered an ‘occupying power’, within the meaning of the convention, in any part of the former Palestine Mandate, including Judea and Samaria … Israel position is that Fourth Geneva Convention is not applicable to the territories. The Fourth Geneva Convention, where it applied – and to our knowledge it has never formally been applied anywhere in the world- is intended for short-term military occupation and is not relevant to the sui generis situation in this area. Moreover, even where the laws of belligerent occupancy applicable, these rules, including the 1907 Hague regulations, contain no restriction on the freedom of persons to take up residence in the areas involved”.
[45] ورد في مقالة بار-يعكوف أعلاه، ملاحظة 26 أعلاه، ص. 834:
“Suffice it for me to say here that the terms ‘ occupying power’ and ‘ occupied territory’, in fact have a well-defined meaning in international law and refer to seizure by one Power of territory under the sovereignty of another Power. Since … Jordan in no way constituted a legitimate sovereign in Judea and Samaria, the Fourth Geneva Convention cannot be said to apply to Israel’s present administration of Judea, Samaria and Gaza District.
[46] تم نشر الخطاب في التقرير السنوي للصليب الاحمر الدولي عن المؤتمر الخامس والعشرين. كما ورد في مقال بار-يعكوف ملاحظة 38 أعلاه، ص. 834 كما يلي:
“Unfortunately much undo emphasis has been put on that part of Israel’s position regarding the applicability of the Fourth Geneva Convention which was only meant to reserve its position concerning the final political status of the areas. Thus, the whole Israeli attitude on this question has been completely distorted. Israel has stated that in the view of the sui generic circumstances of the conflict, the de jure applicability of the Fourth Convention is doubtful. This position us based on the legal aspects of the legal aspects if the history of the Arab-Israeli conflict’ the details which are well known and have been stated by us on the numerous occasions, including in previous Red Cross Conferences. But, as I have said before, until the status of the areas is settled through direct negotiations, Israel applies on a de facto basis of the Fourth Geneva Convention”.
[47] ورد في مقالة بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص 835.
[48] بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص. 838. ويكمل الكاتب قائلا: “من المفضل أن توضح حكومة اسرائيل ما هي القواعد التي وافقت على تطبيقها”.
[49] بار-يعكوف ، ملاحظة 38 أعلاه، ص. 836 يوجه إلى قرار الجمعية العامة رقم 58\43 من تاريخ 6\9\1988. أنظر أيضا:
United Nations, The Question of the Observance of the Fourth Geneva Convention of 1949 in Gaza and the West Bank, including Jerusalem, Occupied by Israel in June 1967 (1979) 3-14.
See also: I.C.R.C Annual Report (1987) at 83: “…in the conflict between Israel and the Arab countries, the ICRC considers that the conditions for the application of the Fourth Geneva Convention are fulfilled in all the occupied territories, namely the West Bank, the Gaza Strip, Golan and East Jerusalem, whatever status the Israeli authorities ascribe to those territories…”.
[50] بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص. 836.
[51] بار-يعكوف، ملاحظة 38 أعلاه، ص 836 – 837.
[52] على الرغم من أن الموقف الرسمي للمحكمة كان مغايرا لموقف الحكومة، فإن هذا الموقف لا يعد سابقة أو تقدما قضائيا ملحوظا. بل على العكس فان المحكمة كانت مضطرة إلى اتخاذ هذا الموقف، حيث انه ما من شك اليوم، لا في القضاء ولا في الفقه في أن أحكام اتفاقيات لاهاي تعتبر قواعد عرفية في القانون الدولي، وعليه تعتبر هي جزءا من القانون الداخلي لكل دولة. وبما أن هذا هو الوضع القانوني لهذه الاتفاقيات، فإن ذهاب المحكمة إلى موقف مغاير سيؤدي إلى توجيه انتقادات لاذعة للمحكمة بعدم احترام القانون الدولي، وهو ما جرى بالنسبة لتطبيق اتفاقية جنيف الرابعة.
[53] Thumas Kuttner, “Israel and the West Bank: Aspects of the Law of Belligerent Occupation”, (1977) 7 Israel Yearbook on Human Rights 166, 1972.
[54] التماس عدل عليا 78/606 ايوب وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرون، قرارات ل.ج. (2) 113.
[55] رشاد عارف السيد، القانون الدولي العام في ثوبه الجديد، (عمان، 2001) ص. 47.
[56] المصدر نفسه، ص. 47.
[57] المصدر نفسه، ص. 48.
[58] Routh Lapitdoth, “International Law within the Israel Legal System”, (1990) 24 Israel Law Review 451.
[59] Benvenisti, supra note 13, at 25: “Customary Law… is considered part of the domestic law. It is binding, unless overpowered by statute. Treaties have no legal effects as such. To take effect they must be incorporated by a statute”.
[60] التماس عدل عليا 85/785 عفو وآخرون ضد قائد قوات جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات م.ب. (2) 4.
[61] متبع أن تعرض الحكومة هذه الاتفاقيات على البرلمان الاسرائيلي (الكنيست)، ولكن ذلك لا ينتقص من اختصاصها في التوقيع والمصادقة على الاتفاقيات.
[62] Benvenisti, supra note 13, at 25: “The rationale for this distinction relies on the separation of powers doctrine. Since in Israel the government is empowered to conclude and ratify treaties, the claim goes that the automatic incorporation of treaties would grant the government the power to introduce norms into the Israeli system thereby bypassing the legislature”.
[63] Ibid at 26: “The reliance on this doctrine does not protect the Israeli democracy from abuse of governmental powers, but quite the opposite: it effectively insulates the government from judicial enforcement of its international undertakings. When viewed in the context of treaties dealing with protection of human rights against governmental interference, that protection of human rights against governmental interference, that doctrine is all the more questionable”.
[64] وقد عبرت المحكمة عن هذا الموقف في عدة قرارات، منها:
– التماس عدل عليا 78/606 ايوب وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.ج. (2) 113، 119-122؛
– التماس عدل عليا 80/351 شركة كهرباء شرقي القدس ضد وزير الطاقة وآخرين، قرارات ل.هـ. (2) 673، 688.
[65] الكاتب شبتاي روزين، عبر عن استغرابه موقفَ المحكمة الإسرائيلية، التي اعتبرت اتفاقية لاهاي اتفاقية عرفية بينما اعتبرت اتفاقية جنيف اتفاقية تعاقدية. وأوضح الكاتب أن لجنة القانون الدولي في الأمم المتحدة، تُدخِل إلى مسودة المعاهدة دائما، ملاحظة أن عملها في موضوع معين يمثل تقنينا وتطويرا للقانون الدولي. أنظر:
Shabti Rosenne, “A Communication to the Editor” (1980) 15 Israel Law review 463-465.
E. Nathan, “The Power of Supervision of the High Court of justice over the Military Government”, in: M. Shamgar ed. Military Government in the Territories Administered by Israel, 1967-1980, Vol. 1: The Legal Aspects (Jerusalem, 1982) at 137-141.
[66] Theodor Meron, “The Geneva Convention as Customary law” (1987) 81 American Journal of International Law, 348, at 364.
[67] Opphnheim-Lauterpacht,International Law, (7th. Ed., 1952) II 451: “…are to large extent declamatory of existing International Law- thought in some ways they go beyond the provisions of the Hague Regulations and supersede them as between the Contracting Parties”.
[68] Shamgar, supra note 29, at 32.
[69] التماس عدل عليا 80/698 قواسمه وآخرون ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.هـ. (1) 617، ص. 638.
[70] التماس عدل عليا 79/390 دويكات وآخرون ضد حكومة اسرائيل، قرارات ل.د. (1) 29.
[71] إلتماس عدل عليا 88/253 سجدية وآخرون ضد وزير الدفاع، قرارات م.ب. (3) 801.
[72] موشيه نجبي، كوابح العدالة، محكمة العدل العليا مقابل الحكم العسكري في المناطق (1981) 22.
[73] قضية جمعية إسكان المعلمين، ملاحظة رقم 6 أعلاه، ص. 785.
[74] Melhem, supra note 4. at 136: “In 35 years of occupation, the estimated number of “legislation” is exceeding 2500 in the WB and 2400 in GS. Out of this number around 1500 and 1200 Orders were issued in the WB and GS respectively”.
[75] Ibid at 139-142.
[76] Ibid at 142-144.
[77] التماس عدل عليا رقم 71/337 الجمعية المسيحية للأراضي المقدسة ضد وزير الدفاع، قرارات ك.و.(1) 574.
[78] المادة 91 “مندوب التوفيق” : يجوز لوزير الشؤون الاجتماعية أن يعين الأشخاص الذين يراهم ملائمين ليكونوا مندوبي توفيق يضطلعون بمهمة الوساطة في تسوية المنازعات العمالية. يجوز تعيين مندوب التوفيق لمنطقة معينة أو لصناعات معينة في منطقة معينة ويجوز تعيينه إما بصفة دائمة أو لمدة محدودة”.
[79] المادة 92 “مجلس التوفيق”: “يجوز لوزير الشؤون الاجتماعية أن يعين كلما دعت الظروف إلى ذلك مجلساً للتوفيق يعمل على تسوية المنازعات العمالية. يتألف المجلس من رئيس لا علاقة له بمنظمات العمال الأعمال موضوع النزاع يعينه وزير الشؤون الاجتماعية ومن عضوين أو أكثر يمثلون صاحب العمل والعمال بأعداد متساوية ينتخبهم ممثلو منظمات أصحاب الأعمال والعمال”.
[80] المادة 93 “المحاكم الصناعية“: لمجلس الوزراء أن يؤلف محكمة صناعية أو أكثر للفصل في المنازعات العمالية. تؤلف المحكمة الصناعية من ثلاثة أعضاء يعينون من أعضاء المحاكم الأردنية أو ممن هم أهل لأن يتولوا منصب القضاء. تكون مدة العضوية في لمحكمة الصناعية سنتين ويجوز تجديدها. يمنح أعضاء المحاكم الصناعية مكافأة بمقتضى الأنظمة التي يقررها مجلس الوزراء”.
[81] المادة 96، “إحالة النزاعات إلى مجالس توفيق أو محاكم صناعية“: “إذا لم تتم تسوية نزاع عمالي بالمفاوضة الاختيارية وفشلت إجراءات التوفيق التي قام بها المندوب المختص كان لوزير الشؤون الاجتماعية إما بموافقة الفريقين المختصين أو إذا رأى ضرورة لذلك، أن يحيل النزاع إلى مجلس توفيق لتسويته ودياً. إذا فشل مجلس التوفيق في حل النزاع فيترتب على الوزير أن يحيله إلى محكمة صناعية للبت فيه. إذا أحيل النزاع العمالي إلى مجلس توفيق أو محكمة صناعية بمقتضى هذه المادة وجب على الفريقين المختصين أن يوقفا أي إضراب أو إغلاق يتعلق بذلك النزاع”.
[82] النص المعدل للمادة 92 (مجلس التوفيق) حسب الأمر العسكري 439:
(1) يجوز لوزير الشؤون الاجتماعية أن يعين كلما دعت الظروف إلى ذلك مجلساً للتوفيق يعمل على تسوية المنازعات العمالية.
(2) يتألف المجلس من رئيس لا علاقة له بمنظمات العمال الأعمال موضوع النزاع يعينه وزير الشؤون الاجتماعية ومن عضوين أو أكثر يمثلون صاحب العمل والعمال بأعداد متساوية ينتخبهم ممثلو منظمات أصحاب الأعمال والعمال، خلال خمسة عشر يوماً من تعيين الرئيس.
(3) وإذا لم ينتخب ممثلو منظمات أصحاب الأعمال والعمال أعضاء في المجلس في الموعد المحدد في الفقرة (2)، فيجوز لكل من صاحب العمل والعمال طرفي النزاع تعيين عضو في المجلس خلال خمسة عشر يوماً من انقضاء الموعد المذكور أعلاه.
(4) إذا لم ينتخب صاحب العمل والعمال طرفا النزاع عضوين في المجلس كما ذكر في الفقرة (3) فيتم تأليف المجلس من رئيس وعضوين يعينهم المسؤول.
(5) في حالة عدم وجود منظمات أصحاب الأعمال أو منظمات العمال فيجوز لكل من صاحب العمل والعمال طرفي النزاع تعيين عضو في المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تعيين الرئيس.
[83] قضية الجمعية المسيحية، ملاحظة 77 أعلاه، ص. 582: “الحياة لا تقف مكانها وكل حكم ان كان سلطة احتلال أو غيرها، لا يقوم بشكل معقول تجاه السكان اذا جمد القوانين القائمة وامتنع عن مواكبتها بتطورات الزمن”.
[84] يورام دينشتاين، “صلاحية التشريع في الأراضي المسيطر عليها” (1972) عيوني مشبات ب(1) ص. 505، ص. 511. حيث اعتبر أن احتياجات السكان المحليين تتطور، عندما يصبح الاحتلال طويل الأمد. وعليه، لا يمكن تجميد تطور التشريع في هذه الحالة.
[85] قضية الجمعية المسيحية، ملاحظة 77 أعلاه ، ص. 582.
[86] المصدر نفسه، ص. 585.
[87] المصدر نفسه، ص. 586.
[88] دينشتاين، ملاحظة 84 أعلاه، ص. 512.
[89] Meron, supra note 11, at 550 :”One should, however, be wary of carrying such a test, inconclusive as it is, beyond this point. In practice the standard implicit in the test may be abused by an occupant interested in a gradual extension of its laws to the occupied territory under a strategy of creeping annexation. Except in cases of occupation of a country where a system of racial, religious, or political discrimination prevailed, an occupant has the duty to respect the institutions of the occupied territory, especially when they reflect an enlightened regime. It may not introduce changes simply on the ground that it is “upgrading” the local institutions to the level obtaining in the occupant’s own country and that it is in the interest of the local population”.
[90] دينشتاين، ملاحظة 84 أعلاه، ص. 511-512.
[91] التماس عدل عليا 81/202 سعيد محمود طبيب ضد وزير الدفاع وآخرين، قرارات ل.و.(2) 622.
[92] Adam Roberts, “Prolonged Military Occupation: The Israeli-Occupied Territories Since 1967” (1990) 84 American Journal of International Law 44, at 47: “The precise definition of “prolonged occupation’ is likely to be point-less quest. …Its taken to be an occupation that lasts more than 5 years and extends into a period when hostilities are sharply reduced- i.e., a period at least approximating peacetime”.
[93] Yoram Dinstein, “The Israel Supreme Court and the Law of Belligerent Occupation: Article 43 of the Hague Regulations”, (1995) 25 Israel Yearbook on Human Rights 1, at 8: “The majority opinion developed a “powerful” argument concerning the special circumstances of the prolonged occupation, in the course of which the changing needs of the civilians population become ever more compelling. When occupation endures for many years, conditions cannot be frozen: tempora mutantur and the occupying power must be given some latitude in modifying the legislation in force”. See also: Roberts, supra note 92, at 94-95. See also Meron, supra note 11, at 548: “The court emphasized that an occupying was duty bound to be concerned with the welfare of the local population. Especially in cases of prolonged military occupation, when important changes occur in the economic and social conditions of the occupied territory, new legislative measures may be essential to adapt the law to the changing needs of the population.
[94] قضية طبيب، ملاحظة 91 أعلاه، ص. 629.
[95] قضية طبيب أعلاه، ص. 631-632..
[96] Melhem, supra note 4, at 144.
[97] المــادة 48 من لاهاي: “إذا قامت قوة الاحتلال بتحصيل الضرائب والرسوم وضرائب المرور التي تفرض لفائدة الدولة، ينبغي أن تراعي في ذلك، قدر الإمكان، القواعد المطبقة في تقييم وتوزيع الضرائب، وأن تتحمل قوة الاحتلال النفقات الإدارية في الأراضي المحتلة كما فعلت الحكومة الشرعية”.
[98] التماس عدل عليا 81/69 باسل أبو عيطة ضد الحاكم العسكري في الضفة الغربية، قرارات ل.ز (2) 197.
[99] قضية أبو عيطة أعلاه، ص. 323.
[100] Gerhard Von Glahn, “Taxation under Belligerent Occupation”, International Law and the Administration of the Occupied Territories, Two Decades of Israeli Occupation of the West Bank and Gaza Strip (Emma playfair ed. 1992) at 372.
[101] Allison M. Fahrenkopf, “A Legal Analaysis of Israel’s Deportation of Palestinians From The Occupied Territories” (1990) 8 B.U. Int’l L.J. 125: “Israel has been deporting Palestinians since the occupation began in 1967, although the number of deportations began tp drop in 1978 due to international protests, including these made by the united states. Israel resume the practice as part of its effort to quell the Palestinian uprising in the occupied territories that began December 9, 1987”.
[102] Ibid at 127: “Although the Israeli Justice system provides a reviewing process for ordered deportations, its courts have reversed very few orders since 1967”.
[103] التماس عدل عليا 80/698 فهد داود القواسمي ضد وزير الدفاع، قرارت ل.هـ.(1) 617.
[104] المصدر نفسه.
[105] التماس عدل عليا 87/845 عبد الناصر عبد العزيز عبد عفو ضد قائد قوات جيش الدفاع الاسرائيلي في الضفة الغربية، قرارات م.ب.(2) 28.
[106] التماس عدل عليا 92/5973 جمعية حقوق المواطن في اسرائيل ضد وزير الدفاع، قرارات م.ز.(1) 268، ص. 289.
[107] المادة 112 من نظام الدفاع (الطوارئ) لسنة 1945: “الإبعاد
(1) تناط بالمندوب السامي صلاحية إصدار أمر بتوقيعه (يشار إليه فيما يلي من هذا النظام بأمر الإبعاد) يكلف فيه أي شخص بمغادرة فلسطين والبقاء خارجها.
(2) تناط بالمندوب السامي صلاحية إصدار أمر بتوقيعه يكلف فيه أي شخص موجود خارج فلسطين أن يبقى خارجها، ويترتب على الشخص الذي يصدر بحقه أمر كهذا أن يبقى خارج فلسطين ما دام ذلك الأمر نافذ المفعول ويجوز أن يتضمن الأمر الصادر بمقتضى هذه المادة أية شروط يستصوبها المندوب السامي.
(3) يجب على الشخص الذي صدر أمر بإبعاده أن يغادر فلسطين بمقتضى منطوق الأمر وأن يبقى خارج فلسطين طيلة العمل بذلك الأمر.
(4) إن الشخص الذي صدر أمر بإبعاده يجوز توقيفه ريثما يتم إبعاده أو نقله إلى أية سفينة أو طائرة أو مركبة في فلسطين، بالصورة التي يقررها المندوب السامي في أمر الإبعاد أو بأية صورة أخرى، ويعتبر ذلك الشخص وهو تحت الحفظ أنه موقف بصورة مشروعة.
(5) يجب على ربان أية سفينة أو سائق أية طائرة على وشك القيام إلى أي مرفأ أو مكان خارج فلسطين أن يتسلم الشخص الذي صدر أمر بإبعاده على ظهر سفينته أو طائرته وأن ينقله إلى ذلك المرفأ أو المكان وأن يقدم له المكان والطعام اللائق في أثناء السفر إذا ما أمر المندوب السامي بذلك”.
[108] Shane Darcy, “Punitive House Demolitions, the Prohibition of Collective Punishment, and the Supreme Court of Israel” (2002-2003) 21 Penn. St. Int’l L. Rev. 447. See also: Dan Simon, “The Demolition of homes in the Israeli Occupied Territories” (1994) 19 Yale J. Int’l L. 1. See also: Usama R. Halabi, “Demolition and Sealing of Houses in the Israeli Occupied Territories: A Critical Legal Analysis”, (1991) 5 Temp. Int’l & comp. L.J. 251. See also: Martin B. Carroll, “The Israeli Demolition of Palestinian Houses in the Occupied Territories : An Analysis of its Legality in International Law”, (1990) 11 Mich. J. Int’l L. 1195.
[109] Yoram Dinstien, “The Israel Supreme court and the Law of Belligerent Occupation: Demolitions and Sealing off of Houses”, (1999) 29 Israel Yearbook on Human Rights 285, at 294.
[110] التماس عدل عليا 02/4219 يوسف محمد جوسين ضد قائد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة (لم ينشر).
[111] التماس عدل عليا 02/6692 نهيل عادل سعدو عامر ضد قائد قوات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (لم ينشر).
[112] المادة 119 من نظام الدفاع (الطوارئ) لسنة 1945 “مصادرة الأملاك وهدمها“:
“(1) يجوز لأي قائد عسكري أن يصدر أمراً يقضي فيه أن تصادر لحكومة فلسطين أية دار أو بناية أو أرض إذا كان لديه ما يحمله على الاشتباه بأن عياراً نارياً أطلق منها بصورة غير قانونية أو أن قنبلة أو قذيفة أو مادة متفجرة أخرى أو مادة محرقة ألقيت منها بصورة غير قانونية، أو أية دار أو بناية أو أرض واقعة في منطقة، أو مدينة، أو قرية، أو محلة، أو شارع، إذا اقتنع بأن سكان تلك المنطقة أو المدينة أو القرية أو المحلة أو ذلك الشارع أو بعضاً منهم قد ارتكبوا أو حاولوا ارتكاب أي جرم من الجرائم التي تستوجب المحاكمة أمام محكمة عسكرية أو أعانوا أو ساعدوا على ارتكابه أو كانوا شركاء في ارتكابه بعد وقوعه، وإذا صودرت الدار أو البناية أو الأرض على الوجه المذكور أعلاه يجوز لأي قائد عسكري أن يهدم الدار أو البناية أو يتلف أي شيء مزروع أو نام في الأرض.
(2) يجوز لأفراد قوات جلالته أو أفراد قوة البوليس وهم يعملون بتفويض من القائد العسكري أن يضبطوا ويشغلوا دون تعويض أية أملاك واقعة في أية منطقة أو مدينة أو قرية أو محلة أو شارع مما أشير إليه في الفقرة (1) من هذه المادة بعد أن يخلوها من مشغليها، دون تعويض”.
[113] التماس عدل عليا 86/897 رمزي حنا جابر ضد قائد قوات المركز، قرارات م.أ. (2) 522.
[114] المادة 64 من جنيف: “تبقى التشريعات الجزائية الخاصة بالأراضي المحتلة نافذة، ما لم تلغها دولة الاحتلال أو تعطلها إذا كان فيها ما يهدد أمنها أو يمثل عقبة في تطبيق هذه الاتفاقية. ومع مراعاة الاعتبار الأخير، ولضرورة ضمان تطبيق العدالة على نحو فعال، تواصل محاكم الأراضي المحتلة عملها فيما يتعلق بجميع المخالفات المنصوص عنها في هذه التشريعات.
على أنه يجوز لدولة الاحتلال إخضاع سكان الأراضي المحتلة للقوانين التي تراها لازمة لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية، وتأمين الإدارة المنتظمة للإقليم وضمان أمن دولة الاحتلال وأمن أفراد وممتلكات قوات أو إدارة الاحتلال وكذلك المنشآت وخطوط المواصلات التي تستخدمها”.
[115] قضية جابر، ملاحظة – أعلاه، ص. 525.
[116] David Kretzmer, The Occupation of Justice, the Supreme Court of Israel and the Occupied Territories (Jerusalem, 2002) at 125.
[117] التماس عدل عليا 78/606 سليمان توفيق أيوب وآخرون ضد وزير الدفاع.
[118] المادة 49 من اتفاقية جنيف.
[119] المادة 46 من اتفاقية لاهاي: ” ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها، وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة”.
[120] يورام دينشتاين، “المستوطنات والإبعاد في الأراضي المسيطر عليها” (1979) عيوني مشبات ز(1) 188، ص. 190 يقول الكاتب إنه “بخلاف المرات السابقة، لم تبدِ النيابة هذه المرة استعدادا بالسماح لمحكمة العدل العليا فحص قانونية أعمال الحكم العسكري حسب اتفاقية جنيف”.
[121] Marilyn Berliner , “Palestinian Arab Self-Determination and Israeli Settlement on the West Bank: An Analysis of Their Legality Under International Law” (1985) 8 Loy. L.A. Int’l & Comp. L.J. 551.
[122] التماس عدل عليا 79/390 عزت محمد مصطفى دويكات ضد حكومة إسرائيل وآخرين، قرارات ل.د.(1)1.
[123] Richard A. Falk, “The Israeli-Occupied Territories, International Law, and Boundaries of the Scholarly Discourse: A Reply to Michael Curtis”, (1992) 33 Harvard International Law Journal 191: “the Palestinian people living under Israeli occupation in the West Bank and Gaza…have been and continue to be severely victimized by systemic and gross violations of their fundamental rights under international humanitarian law”.