مقدمة
لا زال مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، يشغل الكثيرين من رجال القانون[1]. على الرغم من ذلك، لا يوجد خلاف على أن للشركة شخصية معنوية منفصلة عن الأفراد المشاركين فيها. وتترتب على هذه الشخصية المنفصلة عدة محاسن أو ميزات للشركة والأفراد، اهمها الذمة المالية المنفصلة للشركة، والتي سنقف عندها خلال هذه الدراسة. وقد شاع القول لوصف الفصل بين الشركة أو الأسهم، بأن هنالك ستار عازل او فاصل، يفصل بين الشركة والشركاء، ولا يجوز إختراق هذا الستار للوصول إلى الشركاء.
إلا أن هذه المحاسن لمنح الشخصية المعنوية للشركة تقابلها مساوئ أيضا. إذ أن اعتراف القانون بالشخصية المنفصلة للشركة، يفتح المجال، في المقابل، لإساءة استخدام الشخصية المعنوية للشركة، من قبل اشخاص قد يختبئوا وراء ستار الشركة من أجل التخلص من التزامات أخذوها على عاتقهم أو من أجل غش وخداع الجمهور مستخدمين الشركة كوسيلة لتسيير أعمالهم[2]. وحين تظهر الأضرار والمساوئ الناتجة عن أعمالهم، فأنهم يتسترون وراء ستار الشركة لمنع الوصول إليهم.
وحيث أن مصدر الشخصية المعنوية للشركة هو القانون، فلا مانع أيضا، أن يقوم القانون بصرف النظر عن هذه الشخصية أو التغاضي عنها في الحالات المناسبة[3]. وعليه، مع تطور مبدأ الشخصية المعنوية للشركة، تطور أيضا استثناء على هذا المبدأ- مبدأ إزالة الستار- اذ خولت المحكمة في حالات معينة, ان تتغاضى أو تصرف النظر عن الستار القائم بين الشركة وبين أصحاب الأسهم, فتطالب وقتئذ أصحاب الأسهم بالتزامات الشركة. وتعتبر هذه الصلاحية استثناء للمبدأ العام القاضي باحترام الشخصية المعنوية للشركة.
وتختلف التشريعات والأحكام بين دولة وأخرى فيما يتعلق بالحالات التي يمكن فيها إزالة ستار الشركة ومقاضاة أصحاب الأسهم او القيمين على أعمال الشركة. فبالرغم من وجود مبدأ احترام الشخصية المعنوية في كافة التشريعات إلا أن الخلافات تتراوح بين موقفين: الأول، يدعو إلى التشدد في عملية إزالة الستار بحيث يتم إزالة الستار ومقاضاة أصحاب الأسهم فقط في حالات نادرة تثبت فيها عمليات غش واحتيال. وينبع هذا الموقف من الرغبة بخلق اكبر قدر ممكن من الاستقرار والأمان لأصحاب الأسهم لتشجيعهم على الاستثمار دون أن تكون لديهم مخاوف جدية من إزالة الستار ومقاضاتهم شخصياً إلا في حالات نادرة. اما الموقف الثاني، فيدعو إلى تسهيل الشروط والظروف لعملية إزالة الستار إذ انه في نهاية الأمر الشركة هي جسم وهمي يقف وراءها أشخاص عاديون، يديرون أعمالها لخدمة مصالحهم الشخصية وعليه من غير المعقول أن يمنع المتعاملين مع الشركة مقاضاة أصحاب الأسهم فيما لو تبين أنهم قاموا بخروقات قانونية وفضّلوا مصلحتهم الشخصية على مصلحة الشركة الأمر الذي سبب أضرار جسيمة لأطراف ثالثة. تخبط الأنظمة القضائية بين الموقفين، الموقف المتشدد والموقف المتسهل، يعبر عن تصادم مبدأين هامين في النظام القانوي[4]: يقف من جهة واحدة، مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، والذي يعبر عن رغبة النظام القانوني في تشجيع المستثمرين على خوض مخاطرات الأعمال التجارية. ويقف من الجهة الأخرى، المبدأ الآخر، ان العقد شريعة المتعاقدين وانه يجب الوفاء بالعقود. وعليه تحاول المحكمة من خلال استثناء إزالة الستار منع حدوث حالات يستغل فيها المساهمين الفصل القائم بين ذمتهم المالية وبين الذمة المالية للشركة، من أجل التخلص من إلتزامات كانوا أخذوها على عاتقهم تحت اسم الشركة. وحيث لا يمكن التنازل عن أي من المبدأين، فأن توجه النظام القانوني نحو أي من المبدأين، يكون عادة على حساب المبدأ الثاني.
تدور هذه الدراسة في مسالة إزالة ستار الشركة حول الحوار بين هذين القطبين. وعليه سنقسم هذه الدراسة إلى مبحثين أساسيين:
في المبحث الأول سنتناول أهمية مبدأ الشخصية المعنوية للشركة وكون عملية إزالة الستار هي الاستثناء على المبدأ العام باعتماد الشخصية المعنوية للشركة. في المبحث الثاني سنتناول الحالات التي يمكن بها قبول الاستثناء وإزالة ستار الشركة، مع التركيز على دراسة مقارنة تأخذ بعين الاعتبار قرارات المحاكم في دول مختلفة. في القسم الثاني من المبحث الثاني، ومن خلال الدراسة المقارنة، سنحاول التوصل إلى نقطة التوازن المقبولة بين القطبين المتنازعين أعلاه بخصوص الحالات التي يتوجب اعتمادها لقبول استثناء لإزالة الستار. أما في القسم الثالث من المبحث الثاني سنعاين التشريعات القائمة في فلسطين ومشاريع تعديلها بضوء النتائج التي توصلنا إليها في القسم السابق ونعالج أوجه القصور في هذه التشريعات.
1) المبحث الأول: الشخصية المعنوية للشركة
1.1) المطلب الأول: تطور مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة
يعتبر مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، من أهم المبادئ القانونية لقانون الشركات. وفقا لهذا المبدأ، يكون للشركة بعد تسجيلها، شخصية معنوية منفصلة تماما عن شخصية الأفراد المشاركين فيها. وقد شغل هذا المبدأ الكثير من رجال القانون، حتى وصل الأمر باحدهم القول، أنه يمكن تقسيم رجال القانون إلى قسمين، أولئك الذين كتبوا عن هذا المبدأ وأولئك الذين لم يكتبوا بعد[5]. ومبدأ الشخصية المعنوية ليس قائما بجميع المؤسسات القانونية. فمثلا، الوقف، يدار بواسطة متولين، ولا يوجد في الشريعة الاسلامية مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة[6]. وعليه، يدار الوقف بواسطة المتولي، بشخصيته المعنوية كأنسان، ويظهر أمام المحاكم كمدعي ومدعى عليه، ولا يستخدم الشخصية المعنوية للوقف، التي ليست قائمة اصلا.
وقد تطورت ثلاث نظريات حول الشخصية المعنوية للشركة: النظرية الوهمية, نظرية الحق الممنوح والنظرية الواقعية.
النظرية الوهمية هي نظرية قديمة، تنسب إلى البابا انوسنت الرابع، ولكن قام بنصها القانوني الألماني المعروف سابيني[7]. وفقا لهذه النظرية:
“كل انسان، والانسان الفرد فقط، هو صاحب الأهلية القانونية. ولكن باستطاعة النظام القانوني تغيير هذه القاعدة بواسطة سلب أو إبطال الأهلية القانونية من الأشخاص، كما كان الأمر بالنسبة للعبيد، أو عن طريق توسيع نطاق سريان الأهلية القانونية على اجسام ليسوا اناسا، كما هو الأمر في الشركات. الأهلية القانونية يمكن أن تتوسع على أمور خلقت بشكل وهمي، بواسطة وهم بسيط، ولكن هذه الاهلية الوهمية خلقت لأهداف مادية فقط. وعليه، فإن الشركة هي كل جسم خلق بشكل وهمي بواسطة القانون من أجل حمل الأموال أو الممتلكات. هذه الاجسام، بسب كونها وهم قانوني انتجه القانون، تفتقد القدرة على الرغبة او العمل، وعليه تحتاج إلى تمثيل دائم مثل فاقدي الأهلية”[8].
إلا أن هذه النظرية لاقت النقد أيضا. فصحيح أن غالبية الأنظمة القانونية تعترف بالشخصية المعنوية للأنسان، كسياسة دستورية وقانونية صحيحة، ولكن لا ينتج عن ذلك أن الأنسان ذو شخصية معنوية منفصلة، حتى دون الاعتراف له بذلك من قبل النظام قانوني. وعليه يجب الفصل بين الشخصية المعنوية وبين السياسة القانونية للنظام القانوني. وتسائل في هذا الكاتب بوكهارد:
“هل أنت كأنسان eo ipso تحمل الحقوق، ام أنك أهل على حمل الحقوق فقط بسب كون النظام القانوني قرر ذلك؟ إذا كان الأمر كذلك، النظام القانوني هو الذي يقرر فيما لو كنت تستطيع حمل الحقوق أم لا، ويستطيع رفعك من شخص عادي لحامل حقوق”[9].
وقد أيّد هذا النهج الكاتب للويد، قائلا:
“A human being is not, any more than a group is, possessed of legal personality by nature”[10].
ولخص ذلك كلسن، أن الانسان والشخصية المعنوية أمران منفصلان:
“That man and person are two entirely different concepts may be regarded is a generally accepted result of the analytical jurisprudence”[11].
وعليه، أهمية نظرية الوهمية، بإعتبارها أن القانون هو الذي يخلق ويمنح الشخصية المعنوية. ولكن خطئها، حسب الكاتب بروكاتشه، بأن أعتبرت، أن الشخصية المعنوية هي وهم. الشخصية المعنوية، وعلى الرغم من ان القانون هو الذي خلقها، ليست وهم، وأنما شكل قانوني. ذلك ان الشحصية القانونية للشركة هو مصطلح عام, لا يؤدي ذلك بالضرورة إلى اعتباره غير موجود في عالم القانون.
النقد الآخر الذي وجه إلى نظرية الوهمية، هي أنها تمنع تحميل الشركة مسؤولية جنائية أو مسؤولية في حقل الأضرار. ولكن المحاكم في انجلترا رفضت هذا الأمر وأكدت على مسؤولية الشركات في حقل الاضرار وفي الحقل الجنائي. وكما جاء على لسان سلموند:
“The existence and extent of the liability of a corporation in actions of torts were at one time a matter of doubt, due partly to technical difficulties of procedure and partly to the theoretical difficulty of imputing wrongful acts or intentions to factious persons. It is now well settled, however, that the liability of a corporation for the torts committed by its agents or servants is governed by the same rules as those which determine the liability of any other principal or employer”[12].
وتنبع مسؤولية الشركة من أفعال الاشخاص الذي يمثلونها، والذين يكونون بمثابة ال- Alter ego للشركة. وتنسب رغبات المديرين أو القيمين على الشركة، إلى الشركة نفسها، وبهذه الطريقة تحمل الشركة مسؤولية تقصيرية أو مسؤولية جنائية. وقد جاء في أحد القرارت الهامة بهذا الخصوص، على لسان اللورد هلدين:
“A corporation is an abstraction. It has no mind of its own any more that has a body of its own. Its active directing will must consequently be sought in the person of somebody who for some purpose may be called an agent, but who is really the directing mind and will of the corporation, the very ego and centre of the personality of the corporation”[13].
أما نظرية الحق الممنوح (Concession Theory)، فهي تدعي ان الشخصية المعنوية تخلق عن طريق منحها من قبل الدولة، وتكون شخصية معنوية فقط لتلك الأجسام التي منحتها الدولة هذه الشخصية. وكما جاء على لسان للويد، بخصوص هذه النظرية:
“As corollary to this, exists the Concession theory, which lays down that the legal personality of a group can come int being only by concession of the State”[14].
وعليه، وفقا لهذه النظرية، إعتراف الدولة بالشخصية المعنوية لهذه الأجسام، هو أمر منشىء. ويكتب Ferrara بهذا الخصوص:
“الشخصية هي نتيجة للنظام القانوني، هي منشأة مستقلة من قبل الدولة. لن يستطيعوا الاشخاص، عن طريق العقود أو ترتيب رغباتهم، انشاء شركة. هنالك حاجة دائمة لتدخل الدولة، بواسطة أذرعتها وصلاحيتها. الأعتراف هي السبب المنشأ للشخصية المعنوية”[15].
وعليه، تفسر هذه النظرية، على أنه لا توجد شخصية معنوية خارج القانون، والقانون هو الذي يمنح هذه الشخصية.
أما النظرية الواقعية، والذي نظر لها جيركه[16]، فهي مختلفة تماما عن النظرية السابقة. حسب هذه النظرية، الشركة هي واقع ولها وجودها المستقل خارج القانون. وجودها القانوني ينبع من هذا الواقع، ووظيفة القانون هو التصريح والإعلان عن هذا الواقع، وعليه فهو غير منشئ للشخصية المعنوية، وإنما يصرح عنها. وكتب مايتلاند، الذي كان أول من نشر هذه النظرية في أنجلترا، أن:
“If the law allows men to form permanently organized groups, those groups will be for common opinion right and duty bearing units; and if the lawgiver will not openly treat them as such, he will misrepresent, or as the French say will “denature” the Facts. In other words he will make a mess and call it law”[17].
وقد لاقت النظرية الواقعية العديد من الأنصار في العالم، وأدت إلى تطور كبير في مفهوم الشخصية المعنوية، بالذات وأنها هجرت الفكرة التي تدعي أن الشركة هي وهم قانوني، حيث لفتت الانتباه إلى الوجود الواقعي لمجموعات الاشخاص.
بالرغم من هذه الخلافات بين النظريات الثلاثة أعلاه، إلا أنه لا يوجد اليوم خلاف على أن للشركة شخصية معنوية منفصلة ومستقلة عن الاشخاص المشاركين فيها. ولكن نذّكر هنا إلى أن هذا المبدأ تطور في مرحلة متأخرة نسبيا على تطور الأنظمة القانونية. فالمرة الأولى التي حصل فيها مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة على سند قانوني، كانت في إنجلترا سنة 1855، بواسطة قانون المسؤولية المحدودة لسنة 1855[18]. ولكن على الرغم من سن القانون المذكور، فقد ترددت المحاكم في أنجلترا من أعطاء هذا المبدأ نفاذه الحقيقي، واستمرت بعدم الفصل بين الشركة وأصحاب الاسهم. واستمر هذا الوضع حتى سنة 1897، إلى أن قال مجلس اللوردات كلمته في قضية سالمون الشهيرة.[19] محكمة الدرجة الأولى ومحكمة الاستئناف لم يقبلوا الفصل بين سالمون الشخص وبين شركة سالمون، بل إعتبروا أن الشركة عبارة عن وكيل لسالمون تعمل كمؤتمن له. محكمة الاستئناف أضافت تعليل الاحتيال، أي أن كل موضوع الشركة كان خدعة من سالمون من أجل التهرب من المسؤولية. مجلس اللوردات لم يقبل هذا الطرح، وقضى بان أن المحل التجاري يتبع لشركة سالمون وليس لسالمون الشخص. سالمون الشخص هو وكيل عن الشركة، ولكن الشركة ليست وكيلة او ممثلة لسالمون. اللورد Halsbury كان حازما بهذا الأمر، كما جاء على لسانه:
“Either the limited company was a legal entity or it was not. If it was, the business belongs to it and not to Mr. Salamon. If it was not, there was no person and no thing to be an agent at all; and it is impossible to say at the same time that there is a company and there is not”.
وعليه، فقد كانت قضية سالمون، بمثابة نقطة التحول المحورية، لأعتماد مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة. ويتم عادة الأعتماد على هذه القضية في غالبية القضايا التي تعالج هذا المبدأ. وقد عبر مجلس اللوردات عن موقفه هذا في قضايا لاحقة. ففي قضية Lee[20] عرضت على محكمة شركة يملك صاحبها 2999 من أصل 3000 أسهم الشركة. المالك عين نفسه المدير الوحيد للشركة وأيضا عمل بها كطيار رئيسي. خلال عمله، توفي في حادث بالطائرة. أرملته، تقدمت بدعوى وفق قانون العمل لسنة 1922 القائم في نيو-زيلند. محكمة الأستئناف في نيو-زيلند قررت أنه يوجد تطابق بين المرحوم وبين الشركة، وعليه لم يدخل ضمن إطار “العامل” في الشركة. مجلس الملك، الذي بت في الأستئناف الذي قدم امامه على القرار، ابطل قرار محكمة الأستئناف وقرر أنه تحققت في هذه الحالة علاقة المشغل-والعامل معتمدا على مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة.
1.2) المطلب الثاني: أهمية الشخصية المعنوية للشركة وتبعاتها
لمبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة أهمية كبيرة للشركة كما للأشخاص المشاركين فيها. حيث يكون للشركة بعد تسجيلها، شخصية معنوية منفصلة تماما عن شخصية الأفراد المشاركين فيها والذين قاموا بتأسيسها أو إنضموا إليها لاحقا. لكل شخصيته المستقلة والمنفصلة: للشركة شخصية مستقلة ومنفصلة، ولكل من الشركاء شخصيته المستقلة والمنفصلة، ولا يجوز، من حيث المبدأ، الخلط بين الشخصيتين. الشركة هي التي تتحمل الحقوق والواجبات وليس الشركاء فيها[21]. منذ التسجيل ينشأ جسم قانوني يمنحه القانون كيان مستقل. لهذا الجسم أهلية قانونية تخصه، يتحمل الالتزامات والحقوق بنفسه وبشكل منفصل عن اِلاشخاص الذين أقاموه. يستطيع أن يكون مدعيا، أو مدعى عليه، دون أن تكون هنالك حاجة لضم الأشخاص الذين يكونونه. الشركة تستطيع تملك العقارات وأجراء التصرفات القانونية بشكل مستقل. واعترف القانون لاحقا, وبعد جدل كبير، بتحميل الشركة مسؤولية جنائية ومدنية[22].
هذا وقد شاع وصف الوضع القانوني بين الطرفين، بأن هنالك ستار عازل او فاصل، يفصل بين الشركة والشركاء، ولا يجوز إختراق هذا الستار للوصول إلى الشركاء والزامهم بديون الشركة او التزامتاها الأخرى. ويؤدي استقلال الشركة عن الشركاء، من خلال الأعتراف لها بشخصية معنوية منفصلة، إلى تشجيع الاستثمار والأقتصاد. إذ أن الميزة الأساسية للشركة هي استقلال ذمتها المالية عن ذمة الشركاء فيها. وعليه، لا تعتبر الألتزامات أو التعهدات التي تأخذها الشركة على عاتقها، كأنها معاملات أو إلتزامات المساهمين فيها. ليس للمساهمين أو المشاركين في الشركة، أية علاقة في هذه التعهدات أو هذه الألتزامات. الشركة وحدها، بشخصيتها المعنوية المستقلة هي المسؤولة عن هذه الألتزامات. وبهذا الخصوص، تكون الميزه الهامة الثانية التي تمنحها الشركة، هي أمكانية “تحديد المسؤولية”. حيث يستطيع المساهم في الشركة ان يحدد مسؤوليتة بمبلغ من المال يحدد مسبقا عند تسجيل الشركة. وحسب ذلك, فانه عند افلاس الشركة او عجزها عن دفع ديونها, لا يشترك المساهم بدفع الدين بأكثر من المبلغ المحدد الذي ساهم به في الشركة او الذي تعهد بالمساهمة به, ولا تجوز مطالبته بأكثر من ذلك. وبهذا تكون مسؤولية الشريك مسؤولية محدودة، الأمر الذي يشجعه الدخول في عمل او استثمار الشركة، إذ يكون معلوما لديه مسبقا ما هو حجم المخاطرة التي يأخذها على عاتقه. ففي أحيان عديدة هنالك مخاوف لدى الأشخاص العاديين من الدخول في مشاريع قد تحملهم مسؤوليات كبيرة ولذلك يمتنعون عن الدخول في مشاريع أو استثمارات معينه. وعليه، يمنح مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة على ما يشمله من تحديد لمسؤولية الشركاء، نوع من حزام الأمان للمساهمين يشجعهم على الاستثمار في الشركة ويزيل مخاوفهم من الدخول في مغامرات إو مجازفات اقتصادية. من هنا جاءت فكرة منح شخصية اعتباريه للشركة بحيث تكون الشركة هي المسؤولة وهي الملتزمة أمام أطراف ثالثة. وأما أصحاب الشركة أي أصحاب الأسهم فلا تكون التزاماتهم فوق دفعوه او ما تعهدوا بدفعه مقابل حصولهم على أسهم في الشركة. لذا يَمنح الستار القائم بين الشركة وأصحاب الأسهم حماية لأصحاب الأسهم مما قد يتعرضوا له من دعاوى قد يرفعها أطراف ثالثة بسبب تعاملاتهم مع الشركة. وفعلا، فقد فتحت فكرة الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، مجال واسعا أمام عالم التجارة لإدارة الأعمال بواسطة الشركات. عالم الأعمال، تعلم سريعا، الفكرة، أن كل انسان، بما في ذلك الشخص الواحد، يستطيع إدارة أعماله بشكل منفصل تماما عن بقية أموره وأعماله الشخصية، كما تفعل ذلك الشركات الكبرى. حتى التاجر العادي، أصبح يعلم، بإنه يستطيع تحديد مسؤوليته للمبالغ التي يستثمرها في عمله، كما أنه يستطيع تخفيض عنصر المخاطرة عن طريق رهن أملاك الشركة لمصلحته، وهكذا تكون له أفضلية على دائنين آخرين[23].
1.3) المطلب الثاني: إزالة الستار كإستثناء
إلا أن لمبدأ الشخصية المعنوية مساوئ أيضا. إذ أن اعتراف القانون بالشخصية المنفصلة للشركة، يفتح المجال، في المقابل، لإسائة استخدام الشخصية المعنوية للشركة، من قبل اشخاص قد يختبئوا وراء ستار الشركة من أجل االتخلص من التزامات أخذوها على عاتقهم أو من أجل غش وخداع الجمهور مستخدمين الشركة كوسيلة لتسيير أعمالهم. وحين تظهر الأضرار والمساوئ الناتجة عن أعمالهم، فأنهم يتسترون وراء ستار الشركة لمنع الوصول إليهم. وقد يستغل هذا الستار من قبل أصحاب الأسهم لارتكاب مخالفات قانونية بطرق شتى.
وعليه، فانه مع تطور مبدأ الشخصية المعنوية للشركة، تطور الأستثناء لهذا المبدأ, والمعروف بمبدأ إزالة الستار، الذي يُمكن المحكمة من التغاضي أو صرف النظر عن الستار القائم بين الشركة وبين أصحاب الأسهم, وبمعنى آخر إلغاء الستار القائم أو النظر إلى وراءه، بين الشركة وأصحاب الأسهم ومطالبة أصحاب الأسهم بالتزامات الشركة. ووفق لهذا المبدأ بدأ القضاء “يولي أهتمامه للواقع والحقائق الاقتصادية والأجتماعية القائمة، دون أن يسمح بإستخدام فكرة الوجود القانوني المستقل للشركة، كوسيلة لحجبه عن التعامل مع هذا الواقع ومع هذه الحقائق”[24]. وعليه، إذا تبين من هذه الحقائق، بأنه يتم اساءة استخدام الشخصية المعنوية للشركة، فعندها لا تعتد المحكمة بهذه الشخصية. ويعمل عادة بقاعدة عدم الاعتداد بالشخصية المعنوية المنفصلة للشركة في غالبية الدول في ظروف خاصة[25]. مثلا، عندما تستخدم الشركة للأحتيال، أو عند وجود مصلحة عامة تحتم إزالة الستار، أو حين ترى المحكمة انه من العدل إزالة الستار[26], أو إذا أدى التطبيق الحازم لمبدأ الشخصية المعنوية إلى نتائج غير منطقية أو غير عادلة[27].
بشكل عام، تكون النتيجة الفورية لإزالة الستار، توسيع حلقة الخصومة[28]: فحسب مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، خصومة دائني الشركة مقتصرة على الشركة نفسها وليست قائمة تجاه اصحاب الأسهم. لكن حين يزال الستار، تتوسع حلقة الخصومة، بحيث لا تكون خصومة الدائنين مقتصرة على الشركة فحسب، بل تطال أيضا اصحاب الأسهم وفي حالات معينة القيمين على إدارة الشركة. بشكل عام تقدم دعوى إزالة الستار من قبل دائني الشركة، الذين يحاولون الوصول إلى أموال اصحاب الأسهم لجباية ديونهم.
2) المبحث الثاني: حالات إزالة الستار – دراسة مقارنة
تتباين التشريعات وقرارات المحاكم للدول المختلفة في مسألة إزالة ستار الشركة ومقاضاة أصحاب الأسهم[29]. حتى الآن لم يستدل القضاء إلى معيار ثابت ووافٍ لجميع الحالات التي تؤدي الى إزالة ستار الشركة[30]. الخلافات تعبر عن الخلاف، في وجهتي النظر بخصوص إزالة الستار، تلك التي تدعو إلى التشدد وعدم المساس بالشخصية المعنوية للشركة، إلا في حالات نادرة[31]، منعا لزعزعة عالم النجارة التي تعتبر الشركات بشخصيتها المعنوية المستقلة عصبه الأساسي, وتلك التي تدعو إلى تسهيل عملية إزالة الستار في الحالات المناسبة والنظر إلى الواقع الأجتماعي والأقتصادي وراء الشركة. كما يؤثر تباين المواقف، من نظرة النظام القانوني لمسألة تسجيل الشركة، وهل يكفي استيفاء الشروط الشكلية، أم يجب تحقق شروط موضوعية، أي نية المشاركة والمصلحة الجماعية. وقد أعتبر القضاء أنه لا يمكن الأعتداد بعامل واحد مؤثر عند الحكم في مسألة أزالة الستار وإنما يجب النظر لعدة عوامل. وفي كل حالة، يجب أن يظهر أمام المحكمة أن عدم إزالة الستار يسيء للعدالة:
“…The conclusion to disregard the corporate entity may not, however, rest on a single factor… but must involve a number of such factors, in addition it must present a element of injustice or fundamental unfairness”[32].
إلا أن بعض الفقهاء اعترض على استخدام قواعد العدالة من أجل إزالة الستار، معتبرين أن استخدام هذه القواعد يؤدي إلى التضحية بمبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة[33]. وقد أعتبر بعض الفقهاء، أن قضاء السنوات الأخيرة من القرن الماضي قد دل على استعداد أكبر من جهة المحاكم لإزالة الستار. إلا أن البعض الآخر خالف هذا الرأي، معتبرا أن هذا الاستنتاج سابق لأوانه[34] وأن القضاء لا زال حذرا في مسألة أزالة الستار، معتمدا على قرارات المحاكم في قضايا أخرى[35].
وعليه، سنرى أدناه، بدراسة مقارنه, الحالات التي تم بها إزالة الستار.
2.1) المطلب الأول: حالات إزالة الستار في القانون المقارن
قبل أن نقف على الوضع القانون في فلسطين، لا بد أن نقف عند الحالات التي أجاز فيها القضاء المقارن إزالة ستار الشخصية المعنوية للشركة.
أ) الشركات الوهمية
القضاء الفرنسي لا يكتفي بمجرد الاستيفاء الشكلي أو الصوري للشروط اللازمة لقيام الشخصية المعنوية[36]. وكان تعليله لهذا الموقف، أن الشرط الأساسي لوجود الشركة، هو وجود “مصلحة جماعية” مختلفة ومتميزة عن المصالح الفردية لكل شريك. وعليه، إذا تبين وفقا للقضاء الفرنسي، أن هذا الشرط لم يتوفر، بل قام التاجر بتسجيل شركة عن طريق الأستعانة بأشخاص صوريين، ليست لهم في واقع الأمر أية نية في المشاركة، وإنما كانوا مستعدين لمساعدته من أجل استيفاء الشروط الشكلية لتسجيل الشركة، فنحن أمام شركة وهمية “ويتعين مواجهة الأوضاع الحقيقية القائمة في الواقع”[37]، ونتيجة لذلك لا يستطيع هذا التاجر الفرد الأعتداد بالشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، بل يسمح للدائنين بمقاضاة هذا التاجر والوصول إلى أمواله الشخصية. وحسب ذلك, فانه إذا تبين أن الشركة ليست الا مشروعا فرديا لتاجر، يمارس صاحبه التجارة لحسابه ومصلحته الشخصية، “مستترا تحت غطاء الشخصية المعنوية التي تتمتع بها الشركة كي تتسنى له تحديد مسؤوليته عن الديون”[38] فلم يتردد القضاء الفرنسي بإزالة الستار وتحميل التاجر المسؤولية عن ديون الشركة[39]. القضاء الفرنسي طبق حكمه أعلاه، أيضا على شركة لم تنشأ وهمية في الاساس، بل كانت حقيقية عند تأسيسها، ولكن مع استمرار العمل في الشركة تلاشت معالم المصلحة الجماعية ونية المشاركة، مثلا عن طريق أجتماع كل الحصص او الاسهم في يد شريك واحد[40]. أي ان القضاء الفرنسي لا يكتفي باستيفاء الشروط الشكلية للشركة، وأنما يطلب أيضا توفر نية المشاركة والمصلحة الجماعية، أي تحقق شروط جوهرية من أجل اكتساب الشخصية المعنوية، وفي حال عدم توفرها لا يمكن الأعتداد بالشخصية المعنوية المنفصلة للشركة.
ونرى أن في هذا إساءة كبيرة لمبدأ الشخصية المعنوية للشركة، ولإمكانية استخدام الشركات في الأعمال التجارية بشكل عام. إذ ليس في محاولة التاجر تحديد مسؤوليتة أي خطأ او عمل غير شرعي من قبل التاجر. إذ أن المشكلة الاساسية التي يعاني منها التاجر في أعماله التجارية كفرد، ان مسؤوليته تكون مطلقة وغير محدوده. وقد يؤدي هذا الأمر إلى تخوفه من الخوض في مشاريع تجارية، تنطوي على نوع من المخاطرة، وقد تكون نتيجتها الفشل كما قد تكون الربح. وعليه، بسبب عدم تحديد المسؤولية، يمتنع عن الخوض في مثل هذه المشاريع. في هذا الاطار جاءت فكرة أقامة الشركات، التي تمكن الفرد ان يفصل بين أموره الشخصية وبين أعماله التجارية من جهة واحدة، ومن الجهة الأخرى, وهي الأهم، ان يحدد مسؤوليته على أمور الشركة. ولذا تعتبر ميزة تحديد المسؤولية الفكرة الاساسية الهامة من وراء إقامة الشركات. وبهذا، نرى ان القضاء الفرنسي يتناقض مع هذه الفكرة ويمسها في الصميم، بحيث لم تعد حاجة لأقامة الشركات. فما مصلحة الشخص من انشاء الشركة، ما دامت مسؤوليته هي ذات المسؤولية؟!
على أية حال، فان موقف القضاء الفرنسي المذكور، الذي يطلب توفر “المصلحة الجماعية”، ويرفض تحديد مسؤولية التاجر الفرد، لم يصمد على المدى الطويل، وقد نقول أنه إقترب من نهايته مع ظهور فكرة شركة الشخص الواحد. إذ إنه في غالبية الدول، يتسطيع اليوم الشخص الواحد من تسجيل شركة وتحديد مسؤوليته. فكرة شركة الشخص الواحد لا تستطيع التعايش مع شرط “المصلحة الجماعية” الذي يطلبه القضاء الفرنسي، إذ الحديث هنا عن مصلحة فرديه، يرغب الشخص من خلال تسجيل الشركة من تحديد مسؤولياته. إلا أن بعض الدول، وعلى الرغم من تحديد المسؤولية في شركة الشخص الواحد، تطلب من هذا الشخص المسيطر أحترام “الخطوط الفاصلة بين ذمته الشخصية وبين ذمة الشركة التي يملكها”[41].
ب) التنصل من التزامات تعاقدية أو أحكام قضائية
ذكرنا أعلاه، أن القضاء الفرنسي أولى أهمية كبرى لعنصر “المصلحة الجماعية”. ولكن تحقق هذا الشرط لم يمنعه من النظر إلى الوقائع الاجتماعية والاقتصادية التي تقف وراء تأسيس الشركة. هكذا مثلا، اذا ثبت أن الشركة تأسست من أجل أن يتمكن أصحابها من التنصل من ألتزامات تعاقدية أخذوها على عاتقهم سابقا، فلا تعتد المحكمة بالشخصية المعنوية للشركة. هكذا على سبيل المثال، إذا باع تاجر محل تجاري، وإلتزم في عقد البيع، بعدم مباشرة تجارة منافسة، وقام بعد ذلك بتأسيس شركة للعمل في هذه التجارة، محتجا بالشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، فلا يقبل منه هذا الاحتجاج للتهرب من الألتزام[42].
وقد طبق القضاء نفس المنطق على المدين الذي يعمل على تهريب أمواله. فلم يقبل القضاء الأحتجاج بالشخصية المعنوية للشركة، لما ثبت أن هذه الشركة تأسست من قبل مدين تم الحجز على أمواله، وأسس هذه الشركة من أجل تهريب أمواله إضرارا بالدائنين[43]. أو حين ثبت ان الشركة تأسست من قبل زوجة مدين مفلس تواطؤا مع شريك آخر لتهريب أموال المدين دون علم دائنيه[44].
وقد أتخذ القضاء الفرنسي الموقف نفسه بخصوص الاحكام القضائية, فمثلا، لو صدر أمر منع ضد أحد الشركاء في الشركة شخصيا يمنعه من مزاولة عمل معين إو أتخاذ تصرف معين، فإنه لا يستطيع استخدام الشركة من أجل أجراء هذا العمل او التصرف للتهرب من الأمر الذي فرضته عليه المحكمة. وبشكل مشابه، إذا قضت المحكمة بفسخ عقد شراء عقار، قام الشركاء في الشركة بشرائه شخصيا ولكنهم تخلفوا عن دفع الثمن، فلا تستطيع الشركة الأعتراض على الحكم المذكور[45].
القضاء الأنجليزي أيضا، قضى بازالة ستار الشركة، إذا تبين ان الهدف من تأسيسها التنصل من إلتزام تعاقدي. هكذا رفض القضاء الانجليزي الأعتراف بالشخصية المعنوية للشركة، عندما تبين أن المؤسس قد اسس الشركة للتخلص من التزام بعدم المنافسة لشركة كان يعمل لديها[46]. وقدأعتبر ذلك ضربا من الأحتيال[47].
في قضية أخرى، تراجع شخص معين عن بيع أرضه، وعندما فشل في فسخ العقد بطريقة قانونية قام بنقل ملكية العقار إلى شركة قام بتأسيسها مع أحد موظفيه. المشتري قام برفع دعوى التنفيذ العيني ضد البائع وضد الشركة التي نقل إليها العقار. وعندما تبين للمحكمة أن الشركة الجديدة، خاضعة تماما لسيطرة البائع، وأن نقل الملكية إلى الشركة كان يهدف إلى إفشال طلب التنفيذ العيني، قبلت الدعوى وحكمت بالتنفيذ العيني، ولم تقبل الأعتداد بالشخصية المعنوية للشركة، بل اعتبرت أن الشركة ليس سوى قناع يتخفى البائع من ورائه[48].
ج) الهيمنة على شؤون الشركة
نظرية أخرى طبقها القضاء الفرنسي من أجل إزالة الستار، هي نظرية الهيمنة على شؤون الشركة. وفقا لهذه النظرية إذا ثبت أن الشركة، لا تدار “للمصلحة الجماعية”، بل تحولت إلى “أداة” تستخدم لتحقيق مصالح شريك معين أو مجموعة من الشركاء، فعندها يزيل القضاء الستار بين الشركة وبين هؤلاء الشركاء. وبهذه الطريقة يفتح القضاء المجال أمام دائني الشركة أو آخرين من الرجوع على “سيد المشروع” الذي يهيمن على مقدرات الشركة وسيرها لتحقيق مصالحه الشخصية, بحيث لا يستطيع الأخير التمسك بتحديد المسؤولية، بل يستطيع الغير الرجوع اليه شخصيا[49]. وتطبيقا لهذا النهج، إذا قام المسؤول عن إدارة الشركة بممارسة الأنشطة التجارية لحسابه الخاص تحت ستار الشخصية المعنوية للشركة “وأصبح يتصرف في أموالها تصرفه في أمواله الخاصة، فإنه لا يقبل منه بعد التمسك بصفته التمثيلية، لدفع مسؤوليته الشخصية”[50]. واستخدم القضاء الفرنسي معيار الهيمنة أعلاه لإزالة الستار، ايضا بخصوص الشركات القابضة، إذا ثبت أن أحدى الشركات تسيطر على بقية الشركات سيطرة تلغي من الناحية الواقعية استقلال الشركات التابعة، بالذات عندما تظهر هذه الشركات أمام الغير وكأنها وحدة واحدة، يديرها جهاز إداري واحد[51].
ومعيار الهيمنة هذا يختلف عن معيار الوهمية التي استخدم من قبل القضاء الفرنسي في حالات أخرى. فالشركات التي ثبت أنها وهمية، هي غير موجودة أصلا بنظر القضاء الفرنسي، إلا من الناحية الظاهرية، وعليه يعتبر القضاء صاحب الشركة المسؤول عن إلتزامات الشركة. أما وفقا لمعيار الهيمنة، فالشركة موجودة وحقيقية، والشركاء الاخرون حقيقيون ساهموا من أجل مباشرة استغلال مشترك، ولكن في مرحلة معينة من حياة الشركة، تمكن أحد الشركاء من الأمساك بزمام الأمور والسيطرة على الشركة، وتسيير أمور هذه الشركة بما يخدم مصلحته الشخصية، غير آبه بمصالح بقية الشركاء أو الغير. بخلاف الشركة الوهمية، التي تزول شخصيتها المعنوية مع ثبوت وهميتها، في هذه الحالة – اي الهيمنة على الشركة- تبقى الشخصية المعنوية للشركة قائمة، إذ أن هنالك شركاء آخرين بالشركة ليس لهم أي ذنب بما إقترفه الشخص المهيمن، ولكن الستار يزال بين الشركة وبين هذا الشخص المسيطر، حتى تتسنى مسائلته شخصيا عن الديون التي نشات نتيجة التصرفات المنسوبة للشركة من الناحية الصورية ولكنها كانت لخدمة مصالحه الشخصية.
القضاء الانجليزي لم يأخذ بمعيار الهيمنة، ولكنه لم يسمح للأغلبية المسيطرة على الشركة من التحايل على نصوص القانون من أجل قهر الأقلية أو الإضرار بمصالحها. فمثلا في احدى القضايا، عرضت على المحكمة شركة مساهمة تكونت من ثلاثة شركاء، لدى إثنين منهم 90% من اسهم الشركة ولدى الشريك الثالث 10% من اسهمها. حاول الشريكان شراء اسهم الشريك الثالث ولكنه رفض ذلك. فقام اولئك بتأسيس شركة قابضة لم يكن لها أي نشاط خاص بها وقاما بتوجيه خطاب إلى الشريك الثالث أعلموه فيه أنهم قرروا بيع أسهمه لصالح الشركة القابضة. وعندما رفض المساهم الثالث بيع اسهمه، أخطره محامي الشريكين بإتخاذ إجراءات الشراء الجبري بقرار الأغلبية وفق قانون الشركات. المساهم تقدم بإعتراض للمحكمة إدعى فيه أنه لا يحق لبقية المساهمين في هذه الظروف شراء اسهمه عنوة. وقبلت المحكمة دعواه، إذ انه على الرغم من الشخصية المعنوية للشركة القابضة، إلا إنه في واقع الأمر، المساهمين هم الذين قاموا بتأسيسها وأعدوا العرض لإنفسهم من أجل قهر الاقلية وإجبار المساهم الثالث على بيع أسهمه لهم. وعليه رفضت المحكمة تطبيق أحكام البيع الجبري[52].
د) الأحتيال
احد الاستثناءات الهامة، التي توجب إزالة الستار، هو استثناء الأحتيال (Fraud Exception). ووفقا لهذا الاستثاء، فانه إذا ثبت أنه تم استخدام الشركة من أجل الاحتيال على الدائنين أو الغير، فعندها يزال الستار ولا يعتد بالشخصية المعنوية للشركة. وقد لخص الفقهاء استقرار هذا الاستثناء في القرارات القضائية بالقول:
“However, it is well established that the courts will not allow the corporate form to be used for the purposes of fraud or as a device to evade contractual or other legal obligation”[53].
وبشكل عام تستخدم فكرة الغش في كافة الدول من أجل أزالة الستار، وتواكب كافة حالات إزالة الستار[54]. إلا ان تطبيق هذا الاستثناء، ليس بالأمر السهل، وذلك بسبب التباينات في موقف القضاء. وقد ظهر هذا التباين في أنجلترا بالذات بعد قضية Creasey الشهيرة[55]. في القضية المذكورة[56] لم يقبل الأدعاء بالإحتيال، وعلى الرغم من ذلك فقد قررت المحكمة إزالة الستار “من أجل تحقيق العدالة” (““In order to achieve Justice)[57]. وقد لقي هذا القرار النقد، لتناقضه مع قرارات سابقة للمحكمة. ففي قرار سابق للمحكمة، ثلاث سنوات فقط قبل صدور القرار المذكور، كانت المحكمة قررت أنه:
“…save in cases which turn on the wording of particular statutes or contracts, the court is not free to disregard the principal of Salomon v. Salomon & Co. Ltd. [1897] A.C. 22 merely because it considers that justice so requires”[58].
ونتيجة للنقد الذي وجه للقرار المذكور، فقد عدلت عنه محكمة الأستئناف[59] في قضية لاحقة، قضية Belhaven Pubs Ltd. [60].
وقد بحث الفقه، في الشروط التي يجب توفرها من أجل أعتماد استثناء الاحتيال[61]. وتسائل الفقة ان كان تفعيل هذا الأستثناء يحتم توفر دوافع لدى الشخص المحتال، وأجاب الفقه عن هذه بالإيجاب[62] معتمدا على قرارات المحاكم[63]. كما يجب أن يتوفر، لدى الشخص الذي يقوم بالأحتيال النية لسلب أو أنكار حق المدعي تجاهه[64]. وقد لخص الفقه الشروط للنجاح في هذا الإدعاء كما يلي:
“In order that the Fraud exception to the Salomon principal, …to be successfully invoked, the defendant must have the intention to use the corporate structure in such a way as to deny the plaintiff some pre-existing legal rights”[65].
وقد أعتبرت قرارات المحاكم، أنه لا حاجة أن تنشأ الشركة التي استخدمت للأحتيال من البداية بهدف الأحتيال، بل يكفي أن تستخدم لاحقا لغرض الأحتيال[66]. كما أن الموعد ذي العلاقة للحكم، هو موعد استخدام الشركة للأحتيال.
المادة 234(1) من قانون الشركات الفلسطيني لسنة 1929، تعتمد المبدأ العام، الذي وفقا له، إذا تبين خلال عملية تصفية الشركة، أنه تمت إدارة أعمال الشركة من دافع الرغبة بغش دائني الشركة، أو دائنين آخرين، او من أجل الاحتيال، تستطيع المحكمة، حسب طلب المصفي، أو حسب طلب أحد الدائنين أو الشركاء في الشركة، ان تصرح، أن كل مدير للشركة في السابق أو في الحاضر، أخذ دورا في إدارة الشركة بهذه الطريقة، يكون مسؤولا بشكل شخصي، ودون تحديد للمسؤولية، لديون او إلتزامات الشركة، كلها أو بعضها، كما تقرر المحكمة. على الرغم من أن المادة المذكورة موجودة في الفصل الذي يعالج تصفية الشركة، إلا أنه يتطرق إلى فترة ما قبل دخول الشركة مرحلة التصفية، حين كانت تدار أعمال الشركة بهدف الغش. اي ان الغش حصل خلال فترة عمل الشركة، وتم الكشف عنه خلال أعمال التصفية. وتشبه هذه المادة، المادة 213 من قانون الافلاس الأنجليزي لسنة 1986[67]. “وحتى تأمر المحكمة برفع ستار الشخصية المعنوية وتحميل المسؤولية لأعضاء مجلس الإدارة، يجب أن يثبت لديها عدم أمانة هؤلاء وأن قيامهم ببعض الأشغال كان فعلا بنية الأحتلال Fraud، فمثلا إذا استمرت الشركة بالقيام بأشغالها لتحصيل الديون التي لها، لكن أي من دائنيها لم يتم تسديد دينه، فإن هذا يعتبر مؤشرا على سوء النية”[68]. ولا يمس النص أعلاه، أي مساهم في الشركة، لم يشترك في إدارتها، حتى لو كان يملك عددا كبيرا من الاسهم. ولكي تتم إدانة المساهم، يجب أن يثبت أمام المحكمة، أنه إتخذ قرارات فعلية أثرت على إدارة الشركة بغية الاحتيال على الدائنين. مثلا، أن يشكل ضغطا على عضو مجلس الإدارة من أجل حمله على الأتجار الاحتيالي[69].
وقد ورد في المادة 210(3) من قانون الشركات الأردني لسنة 1964، نص مشابه, يقضي بأنه “إذا ظهر أثناء ألتصفية أن بعض أعمال الشركة قد أجريت بقصد الأحتيال على دائني الشركة فيجوز للمحكمة أن تعتبر كل عضو مجلس إدارة سابق أو حالي إشترك في إدارة أعمالها وهو عالم بذلك ملزما شخصيا عن جميع ديون الشركة وإلتزاماتها او عن أي منها حسبما تأمر المحكمة دون تحديد إلتزامه”. ولكن بعض الفقهاء لا يعتبر تحميل أعضاء مجلس الإدارة المسؤولية، نوعا من أنواع إزالة الستار، بل يرى أنها تقع ضمن إطار المسؤولية الشخصية[70]. هو الأمر بالنسبة للحالات الأخرى التي ذكرت لدى بعض الباحثين[71]، على أنها تقع ضمن حالات إزالة الستار، مثل مخالفة رئيس واعضاء مجلس الأدارة الأنظمة والقوانين والتعليمات العامة، وحالة الأهمال الشديد أو التقصير المتعمد. على أية حال، المشكلة الاساسية لهذه المادة، أنه لا يمكن إعمال أحكامها إلا في حالات التصفية. بينما رأينا القضاء المقارن يُعمل أحكام إزالة الستار دون الحاجة لدخول الشركة حالة التصفية. ويعتبر بعض الفقهاء هذا العلاج، علاجا متشددا ضد مديري الشركة[72]، إذ أن تصرفاتهم تنطوي على عدم المصداقية والعمل بطريقة شريفة حسب أعراف التجارة العادلة المقبولة على التجار[73].
هـ) مجموعة الشركات
وطبق مبدأ إزالة الستار ايضا على مجموعة الشركات، أي عندما تقوم شركة بتأسيس شركات أخرى تتمتع بدورها بشخصية معنوية منفصلة. وقد انتشرت هذه الظاهرة، خصوصا فيما يتعلق بالشركات العملاقة، التي ترغب في ممارسة نشاطاتها في دول أخرى خارج حدودها. وعلى الرغم من التعدد في هذه الشركات، وعلى الرغم من أن كل منها كانت تسجلت بشكل مستقل وحصلت على ميزة الشخصية المعنوية المستقلة، لا يخفى أنه ثمة وحدة داخلية في هذه الشركات، سواء من حيث وحدة النشاط، أو من حيث التنسيق الأدراي والمالي بين الشركة الأم وبين الشركات التابعة[74]. وعليه، على الرغم من الاعتراف لهذه الشركات بشخصية معنوية منفصلة عن الشركة الأم، إلا ان القضاء الفرنسي كان مستعدا لإزالة الستار، ولم يعتد بالشخصية المعنوية المنفصلة للشركة التابعة “إذا ثبت أنها مجرد واجهة لم يقصد بها سوى تمكين الشركة الأم من تهريب أموالها إضرارا بالدائنين”[75]. في حالات معينة أيضا، لم يتردد القضاء من توحيد مصير الشركات جميعا، تحقيقا لمصلحة الغير. بحيث يستطيع الدائن أن “يرجع إلى الشركة الأم، حتى لو كان تعامله مع الفرع الذي ظهر بشكل شركة مستقلة، والعكس صحيح”[76]. واعتبر القضاء الفرنسي أيضا، أن إفلاس أحدى الشركات المنتمية إلى مجموعة واحدة، يؤدي إلى إفلاس الشركات جميعا، حتى لو ثبت أنه لا تتوفر في الشركات الأخرى شروط الأفلاس[77]. وقد كان موقف القضاء الأنجليزي مغايرا بهذا الشأن، أذ أعتبر أنه يجب احترام الشخصية المعنوية المستقلة لكل شركة في المجموعة، إلا إذا ثبت أن لكل شركة نفس الدائنين[78].
القضاء الانجليزي هو أيضا تعامل مع مجموعة الشركات كوحدة اقتصادية في مسائل عديدة، كما هو الأمر في أعداد الميزانيات وتقسيم الأرباح، وأيدت المحكمة النهج العام بعدم الأعتداد بالشخصية المعنوية في حالة مجموعة الشركات بالنسبة لكل شركة داخل المجموعة[79]. في قضية DHN Food Distributers Ltd التي عالجت مجموعة شركات، حكمت المحكمة بإزالة الستار، وعللت قرارها بإنها مضطرة للنظر إلى الوقائع الأقتصادية وراء الشركات التابعة[80].
وقفنا أعلاه، على تطور القانون المقارن وقضائه بخصوص إزالة الستار بين الشركة القابضة وبين الشركات التابعة. القانون الفلسطيني، غير متطور في هذا الشأن. قانون الشركات الفلسطيني لسنة 1929، لم يستخدم تعبير “الشركة القابضة”، ولكنه استخدم تعبير “الشركة المساهمة” و”الشركة الفرعية”[81]، ليدل على العلاقة بين مجموعة الشركات[82]. وحسب القانون، تعتبر الشركة المساهمة مسيطرة على الشركة التابعة في حالتين:
الأولى: إذا كانت تمتلك ما يزيد عن خمسين بالمائة من أسهم الشركة التابعة في تاريخ وضع حساباتها، أو اذا كان مقدار ما تمتلكه في الشركة التابعة، يمنحها ما يزيد عن خمسين بالمائة من حق التصويت في الشركة التابعة[83].
الثانية: إذا كانت للشركة الصلاحية في التعيين، مباشرة أو بالواسطة، أكثرية أعضاء مجلس الإدارة، أو الأشخاص الذين يشغلون وظائف مجلس الإدارة[84].
بعد أن تم تعريف الشركة القابضة والتابعة، على النحو المبين أعلاه، فقد ألزم قانون سنة 1929، وفقا للمادة 107(5) منه، الشركة القابضة من بيان أرباح وخسائر الشركات الفرعية. “وهذا يعني إزالة ستار الشخصية المعنوية لهذه الشركات للكشف عن الوضع الحقيقي والفعلي لحساباتها كوحدة إقتصادية واحدة، على الرغم من كون كل واحدة منها تتمتع بشخصية معنوية قانونية مستقلة”[85]. قانون الشركات الأردني لسنة 1964، لم يعالج مسألة الشركة القابضة على الأطلاق. إلا أن القوانين التي تلته في الأردن، والغير نافذة في فلسطين، مثل قانون سنة 1989، وقانون سنة 1997، عالجوا هذه المسألة[86].
و) نقصان عدد الشركاء
قانون الشركات الأنجليزي لسنة 1985 أوجب أن لا يقل عدد الشركاء عن الحد الأدنى[87]. إذا نقص عدد الشركاء عن الحد الأدنى المطلوب في القانون، فلا يعتبر ذلك سببا لأنقضاء الشخصية المعنوية للشركة[88]. ولكن، إذا استمر هذا الخلل في ركن التعدد، مدة تزيد عن ستة اسهر فإن الشريك الباقي يسأل عن ديون الشركة التي تنشأ خلال هذه المدة.
وهذا ما جاء أيضا في المادة 112 من قانون الشركات الفلسطيني لسنة 1929، ذي الأصل الأنجليزي. ويقضي هذا النص، أنه في حال قل عدد الشركاء عن الحد الأدني، شخصين في الشركة الخصوصية، وسبعة أشخاص في الشركة العامة، يكون الشريك العضو في الشركة، بعد مرور ستة أشهر على الخلل الواقع في عدد الشركاء مسؤولا شخصيا عن الديون التي تنشأ على الشركة في هذه الفترة. وعليه، يقوم التشريع عمليا، من خلال هذا النص بإزالة ستار الشخصية المعنوية للشركة[89].
القانون الأردني لسنة 1964، لم يعتبر نقصان عدد الشركاء سبب مباشر لإزالة الستار، ولكنه أعتبر ذلك سببا للتصفية الأجبارية وفقا للمادة 194 من القانون[90]. وقد يؤدي سلوك هذه الطريق، إلى “إزالة الستار”، بناءً على المادة 129 من قانون الشركات لسنة 1964[91]، التي تخول المحكمة صلاحية تحميل “رئيس وأعضاء مجلس الإدارة أو مديري الشركة أو مدققي حساباتها ديون الشركة كلها أو بعضها”، إذا ظهر عجز في موجودات الشركة نتيجة للتقصير المتعمد أوالأهمال الشديد. ولكن كما ذكرنا سابقا، بعض الفقهاء لا يعتبر تحميل أعضاء مجلس الإدارة المسؤولية، نوعا من أنواع إزالة الستار، بل يرى أنها تقع ضمن إطار المسؤولية الشخصية[92]. على أية حال، المشكلة الاساسية لهذه المادة، أنه لا يمكن إعمال أحكامها إلا في حالات التصفية. بينما رأينا القضاء المقارن يُعمل أحكام إزالة الستار دون الحاجة لدخول الشركة حالة التصفية.
من دراسة التشريعات الفلسطينية والأردنية، ومقارنتها بالقانون الغربي في مسألة أزالة الستار، نرى أنه من جهة واحدة، هنالك أوجه تشابه في بعض الحالات، كنقصان الأعضاء مثلا، ولكن من الجهة الثانية، هنالك أوجه عديدة للقصور في الحالات الأخرى، بحيث لا تتلائم هذه القوانين مع التطور القضائي الحاصل في الدول الغربية وتعد متخلفة عنه بدرجة كبيرة. هكذا كان الأمر ايضا في اسرائيل، إذ سبقت الاحكام القضائية التعديلات التشريعية، حتى تم تعديل قانون الشركات سنة 1999.
2.2) المطلب الثاني: قانون الشركات الاسرائيلي وتعديلاته
قانون الشركات الفلسطيني لسنة 1929، هو القانون الذي كان ساري المفعول في اسرائيل لمدة طويلة، وإلى أن تم ابطاله واستبداله بقانون شركات جديد سنة 1999، فيما عدا الفصل المتعلق بقواعد افلاس الشركات. قبل تعديل القانون الجديد، حدث تطور قضائي كبير في مجال إزالة الستار، إذ واكب القضاء الاسرائيلي القضاء الأنجليزي، الذي لطالما كان مصدرا استرشاديا هاما لأحكام الشركات وأحكام إزالة الستار منذ قضية سالومون. وعليه، أعتمدت المحاكم في اسرائيل غالبية قواعد إزالة الستار التي أعتمدت في أنجلترا كما وقفنا عليها أعلاه.
يذكر، أن تشريعات الشركات في الدول المختلفة، لم تنظم بشكل مفصل وواضح الحالات أو الاسباب التي تستطيع المحكمة على اساسها إزالة الستار، بل تركت الأمر للقضاء، ليتطور حسب القضايا التي تعرض أمامه. ولهذا الأمر اسباب عديدة، أهمها صعوبة حصر الحالات التي يتوجب فيها أعمال قواعد إزالة الستار. إلا ان قانون الشركات الأسرائيلي الجديد، انطوى على محاولة لتجميع هذه الحالات ضمن نصوصه، منها تلك التي تطورت في القضاء قديما، ومنها تلك التي رغب المشرع في إدخالها رسميا كقواعد واسباب لإزالة الستار. وعليه، عرف القانون الاسرائيلي في المادة 6(أ) منه “إزالة الستار على أنها:
“(1) تحميل حقوق وإلتزامات الشركة لصاحب اسهم فيها.
(2) تحميل، صفات، حقوق وإلتزامات صاحب اسهم للشركة”.
وينبع، من هذا التعريف أمرين:
الأول: أن أزالة الستار والنتائج المترتبة عليها، لا تكون في اتجاه واحد، بل قد تكون في الأتجاهين. فحسب هذا التعريف، يمكن تحميل صاحب الأسهم ديون الشركة وإلتزاماتها، كما ويمكن في المقابل، تحميل الشركة ديون صاحب الأسهم. ومثال الحالة الأخيرة، أن يقوم صاحب الأسهم بتهريب أمواله للشركة، منعا من وصول الدائنين إليها.
الثاني: أن القانون الاسرائيلي لا يعتبر تحميل موظفين أو مديرين أو أعضاء مجلس أدارة أو محاسبين مسؤولية ديون الشركة، ضمن حالات ازالة الستار، بل أن ذلك تحميل لمسؤولية شخصية نتيجة الأخلال بالقواعد أو القوانين أو الأنظمة.
وجاء في المادة 6(ج) من نفس القانون بخصوص الحالات التي تستطيع المحكمة فيها إزالة الستار، كما يلي:
“(ج) المحكمة التي تعالج قضية ضد شركة، مخولة، في حالات استثنائية ولأسباب خاصة، ازالة الستار بوقوع واحد مما يلي:
(1) استخدام الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة يهدف إلى إفشال غاية اي قانون أو الاحتيال أو ظلم انسان.
(2) في ظروف القضية من العادل والصحيح عمل ذلك، بالأخذ بعين الأعتبار أنه كان اساس معقول للافتراض أن إدارة أعمال الشركة لم تكن لمصلحة الشركة، وإنطوت ايضا على مخاطرة غير معقولة بالنسبة لمقدرتها من تسديد ديونها“.
نرى أن المادة الثانية أعلاه، التي تأخذ “بالعادل والصحيح” أخذت بقواعد العدالة الانجليزية، وأعطت المحكمة صلاحية واسعة لتحديد الحالات التي ترى مناسبا فيها إزالت الستار.
وقد رأت المحكمة الأسرائيلية ان التجديد الأهم لقانون الشركات يكمن في الفقرة (2) اعلاه التي اعترفت بما يسمى “بالتمويل الدقيق” كحجة لأزالة الستار. وقد شرحت المحكمة الأسرائيلية هذا التجديد مفصلا في قضية دلتوت حمديا:
“ازالة الستار في حالات المخاطرة الغير معقولة
بهذه الحجة يكمن التجديد المركزي للقانون الجديد. هناك من يرى بهذه الحجة تصديقا لموقف البروفيسور أ. بروكتشه والذي بحسبه التمويل الدقيق يستخدم كحجة لأزالة الستار….مع هذا, هناك من يرى في بند القانون رفضا لحجة التمويل الدقيق… معيار “التمويل الدقيق” يتحقق حين تعمل الشركة باستثمار شخصي صغير جدا لأصحاب الأسهم, او بنسبة مخاطرة كبيرة جدا. مبنى كهذا لرأس المال يزيد احتمال وقوع حدث عجز مادي بصورة كبيرة…الفقيه ي. كوهين يفصل في كتابه عدة حالات نستطيع فيها ان ننسب للشركة “تمويلا دقيقا”:
أ. استثمار صغير منذ البداية, كاقامة شركة مع رأس مال مدفوع صغير.
ب. شركة تزداد موازنتها تقلصا.
ج. تمويل عن طريق قروضات من اطراف ثالثة.
د. نسبة غير معقولة بين رأس مال الشركة وبين استثمارات المشتركين في اعمال الشركة.”[93]
إضافة إلى المادة أعلاه، وبشكل منفصل عنها، فقد أورد القانون في المادة 54 من القانون أحكام بخصوص المسؤولية الشخصية “للاعضاء الأداريين”[94] للشركة، أي موظفيها، كمديرين وأعضاء مجلس أدارة. وجاء في المادة المذكورة ما يلي:
“مسؤولية الأعضاء الأداريين
(أ) ليس بنسب عمل أو نية عضو إداري للشركة، ما ينتقص من المسؤولية الشخصية التي كان يتحملونها الاعضاء الأداريون من دون هذا النسب.
(ب) إضافة إلى ما ورد في المادة 6 تستطيع المحكمة ان تحمل حقوق وإلتزامات الشركة للأعضاء الأداريين المختلفين، إذا تحققت الشروط المقرره لأزالة الستار في المادة 6(ج)، بالتغييرات المناسبة، أو إذا تحقق شرط معين في قانون لتحميل الديون كما ذكر”.
إذا، من أجل تحميل الاعضاء الأداريين المسؤولية الشخصية، تطبق عليهم نفس الشروط التي تطبق على اصحاب الأسهم في إزالة الستار. وهذا لا يعني، ان المسؤولية هي ضمن قواعد أزالة الستار، بل أنه تم استخدام نفس الشروط.
وقد لقيت المادة 54 أعلاه، النقد الشديد في الأوساط التجارية الاسرائيلية، لما تنطوي علية من مخاطر بالنسبة للأعضاء الأداريين، الذين قد يتحملوا ديون الشركة نتيجة عملهم فيها، وعليه “فقد ردعت هذه المادة رجال الاعمال من إقامة شركة في اسرائيل، والموظفين الاداريين من قبول التعيين في الشركات”[95]. كما وجه النقد أيضا، لنص المادة 6 أعلاه، بخصوص أحكام أزالة الستار، إذ اعتبرها البعض انها تؤدي إلى فتح باب ازالة الستار على مصراعية، الأمر الذي يسيئ بشكل كبير إلى مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة ويخيف رجال الأعمال من استخدام الشركات والاستثمار في اسرائيل. وعليه، طالب هؤلاء، بتشديد أحكام ازالة الستار، بحيث لا يترك الامر بشكل مطلق للمحكمة، لتزيل الستار كما ترغب، وأنما يجب وضع قواعد وشروط أضافية تقيد صلاحية المحكمة، وتلزمها بالتحقق من توفر شروط معينة يحددها القانون قبل إعمال إحكام إزالة الستار.
وقد جنى النقد المذكور ثماره، فعدل قانون الشركات في سنة 2005[96]، بحيث إلغيت نهائيا المادة 54 بخصوص المسؤولية الشخصية للأعضاء الأداريين، كما وتم تعديل المادة 6 بخصوص شروط إزالة الستار. وجاء النص المعدل الجديد للمادة 6 كما يلي:
“6. إزالة الستار
(أ) (1) تستطيع المحكمة أن تحمل دين الشركة لصاحب اسهم فيها، إذا وجدت في ظروف القضية من العادل والصحيح عمل ذلك، في الحالات الاستثنائية التي استخدمت فيها الشخصية المعنوية للشركة بواحد مما يلي:
(أ) بشكل قد يؤدي إلى الاحتيال على شخص أو ظلم دائن للشركة.
(ب) بشكل يسيئ لغاية الشركة، وينطوي على مخاطرة غير معقولة بالنسبة لمقدرتها من تسديد ديونها، شرط ان يكون صاحب الاسهم عالما بهذا الاستخدام، وبالأخذ في عين الأعتبار حصصه وبتنفيذ واجباته تجاه الشركة حسب المادة 192 وبالأخذ في عين الاعتبار مقدرة الشركة على دفع ديونها.
(2) بخصوص هذه المادة، يعتبر الشخص عالما في الاستخدام المذكور في الفقرة (1)(أ) أو (ب) أيضا إذا شك في شرعية التصرف أو في أمكانية تحقق الظروف، التي أدت إلى الاستخدام كما ذكر، ولكنه امتنع عن فحصها، فيما عدا إذا تصرف بشكل تقصيري فقط”.
(ب) تستطيع المحكمة أن تنسب صفة، حق أو إلتزام صاحب أسهم للشركة، أو حق للشركة لصاحب أسهم فيها، إذا وجدت أنه في ظروف القضية، من العادل والصحيح فعل ذلك، بالأخذ في عين الأعتبار هدف القانون أو الاتفاق الذي يسري على الموضع المعروض أمامها”.
وعليه، نرى ان التعديل الجديد للقانون قام برفع سقف الشروط المطلوب تحققها من أجل أعمال أحكام أزالة الستار. إذ فرض أن يكون صاحب الأسهم عالما بالتصرف المسيئ قبل أن يتم تحميلة مسؤولية الديون التي على عاتق الشركة، وهذا أمر طبيعي ومنطقي. إذ من غير العادل إلزامه أية ديون، ما لم يشترك في الاعمال المسيئة او لم يكن يعلم بها.
خاتمة
ليس هنالك أدنى شك، ان فكرة الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة، تعتبر “الأكتشاف القانوني” الأكبر للقرن التاسع عشر. وكما جاء على لسان أحد الكتاب بهذا الخصوص:
“I weigh my words when I say that in my judgment the limited liability corporation is the greatest single discovery of the modern times…Even steam and electricity are far less important than the limited liability corporation, and they would be reduced to comparative importance without it”[97].
ولكن الأمعان في أعتماد هذه الفكرة، قد يؤدي إلى أضرار كبيرة بالغير وباصحاب الأسهم. وعليه، في الحالات المناسبة أعتمد القضاء مبدأ ازالة الستار الذي هو بمثابة استثناء على القاعدة الأساسية. دراسة قرارات المحاكم، بالذات محاكم ال- Common Law أثبتت، أن المحاكم تأخذ الحذر قبل ان تقرر تجاهل الشخصية المعنوية للشركة. وما ميز غالبية الحالات التي تم بها ازالة الستار انها اشتملت على نوع من التصرف الغير لائق أو محاولة الاحتيال من قبل اصحاب الشركة الذين اخذوا مبدأ الشخصية المعنوية المنفصلة درعا لهم في اعمالهم[98].
في رأيي, لقد تم توسيع استثناء إزالة الستار بشكل واسع جدا, حتى انه لم يعد استثناء بعد, بل قاعدة موازية للمبدأ الأصلي القاضي باحترام الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة. كما رأينا اعلاه لم تعد ازالة الستار مقتصرة على حالات الغش والخداع بل انها وسعت ايضا لحالات الأدارة السيئة للشركة, وحالات المخاطرة المالية او ما يعرف يالتمويل الدقيق. يضاف الى ذلك, انه في العديد من قرارت المحاكم في القضاء المقارن فعلت المحكمة معايير العدل, اي انها ازالت الستار حين رأت انه من العدل فعل ذلك, وهو ما وسع مساحة الحالات التي يمكن بها ازالة الستار لتتعدى الحالات التقليدية كالغش والخداع.
من دراسة قرارات المحاكم، يمكن أن نخلص أيضا، أنه ليس هنالك معيار ثابت يمكن تفعليه في كل الحالات لإزالة الستار، كما أن المحاكم أيضا استصعبت وضع معيار ثابت ليشمل كل الحالات. وعليه، يجب النظر إلى كل قضية وفق ظروفها. مع ذلك، يمكن أن نشير إلى بعض الملامح المشتركة لمثل هذا المعيار، التي اشتركت بها غالبية القضايا التي حكم فيها بإزالة الستار:
الأول: أنه تم استخدام الشخصية المعنوية للشركة بشكل غير مقبول أو غير عادل أو بطريق الاحتيال من أجل الإضرار بالغير.
الثاني: أن تتوفر لدى المساهم الذي يسيء استخدام الشخصية المعنوية للشركة كما ذكر، نية أو رغبة لسلب الحقوق من الغير، مثل الدائنين أو مثل أولئك الذين يرتبط بهم بالتزام تعاقدي أو قانوني.
أما بخصوص القانون القائم في فلسطين، فكما ذكرنا آنفا, ان قانون الشركات الفلسطيني هو قانون قديم سن فترة الأنتداب البريطاني على فلسطين. في رأيي, لا يستطيع هذا النص القديم من عام 1929 ان يلحق بالتطور الكبير الذي حصل في العقود الأخيرة بما يختص في القواعد والمقاييس التي وضعت في دول العالم لأزالة ستار الشركة. بل ان القانون الفلسطيني الحالي لا يمكن المحاكم الفلسطينية من تبني التقدم القانوي الذي حصل في هذه المجال في دول العالم. هو الأمر بالنسبة لقانون الشركات الأردني لسنة 1964، إذ تسري عليه نفس الانتقادات أعلاه، ولم ترقى أحكامه لتعالج قواعد إزالة الستار بشكل وافي.
لذلك, ارى انه من الضرورة ان يعمل المشرع الفلسطيني على سن قانون شركات جديد, يشتمل على قواعد متطورة لأزالة ستار الشركة. ليس على القانون الجديد ان يتبنى بالضرورة كافة القواعد القانونية التي تبنها دول اخرى في العالم, وذلك لأختلاف ظروف واوضاع فلسطين عن باقي بلدان العالم. ان ظروف فلسطين الأقتصادية الحالية توجب تشجيع وتأمين الأستثمار. ولا اظن ان ظروف البلاد تسمح بتبني حجج لأزالة ستار الشركة كحجة “التمويل الدقيق” التي تبناها القضاء الأسرائلي عن قضاء دول ال Common Law. وعليه, قد يكون من المنطقي الأكتفاء بقانون يحفظ ويؤمن الشخصية المعنوية للشركة, وينص على ازالة ستارتها في حالات محددة كالغش والأحتيال وحالات ترى فيها المحكمة, بناء على اسباب جوهرية, انه من العدل ازالة ستار الشركة.
غيـاث ناصـر
قائمة المراجع
أ) مصادر أولية:
– قانون الشركات الأردني لسنة 1964.
– قانون الشركات الفلسطيني لسنة 1929.
– قانون الشركات الجديد (اسرائيل) لعام 1999.
– قانون الشركات الجديد (اسرائيل) لعام 1999, تعديل رقم 3 (عام 2005).
– Limited Liability Act, 1588 (18&19 Vict. c. 133).
– Companies Act 1985.
– Insolvency Act 1986.
ب) مصادر ثانوية:
1) كتب ومقالات:
أ) اللغة العربية:
- البريري محمود مختر أحمد، الشخصية المعنوية للشركات التجارية: شروط اكتسابها وحدود الأحتجاج بها، القاهرة، دار الفكر العربي، 1985.
- عبد الهادي فوز الشخصية المعنوية لشركات المساهمة العامة المحدودة في فلسطين، معهد الحقوق، جامعة بير زيت، 2000.
- العموش إبراهيم ، شرح قانون الشركات الأردني، 1994.
ب) كتب ومقالات باللغة العبرية:
- بروكاتشه جبريئيل، “جوهر الشخصية المعنوية” (1959) (باللغة العبرية)، مجلة المحامي، مجلد ط.ز, ص. 330.
- حبيب-سيجل ايريت، قوانين الشركات، (جامعة تل أبيب، 2004)
- غروس، يوسف “لمسألة الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة” (1971) مجلة عيوني مشيات، مجلد (أ) ص . 287.
- كوهين يوسي ، “إزالة الستار بعد التعديل رقم 3 لقانون الشركات” (2005) (باللغة العبرية) مجلة الشركات، المجلد (ب)، رقم 6، ص. 3.
ج) كتب ومقالات باللغة الإنجليزية:
- Bourne, Jane, “Lifting the Corporation Veil” (2002) 10 Juta’s Bus. L. 114.
- Buckhard, “Zur Lehre von der Juristichen Personen”, (Grunhut’s Zeitschrift XVIII).
- Cataldom B.F., “limited liability with one man companies and subsidiary corporations” (1953) , 18 Law and contemp. Proh.
- Cohn ,E. J. ; Simitis, C., “Lifting the Veil” in the Company Laws of the European Continent , The International and Comparative Law Quarterly, Vol. 12, No. 1 (Jan., 1963), pp. 189-225.
- Davids , Lynette, “The lingering question: some perspectives on the lifting of the corporate veil” (1994) J. S. Afr. L. 155. Savigny, System des heutiges romisches Rechtes, Vol. 2, p. 236.
- Diamond, Aubrey L.|, “Lifting the Veil?”, The Modern Law Review, Vol. 38, No. 2 (Mar., 1975), pp. 198-200.
- Dobson , Juan M., “Lifting the Veil” in Four Countries: The Law of Argentina, England, France and the United States , The International and Comparative Law Quarterly, Vol. 35, No. 4 (Oct., 1986).
- Fairclough, Nicholas, “Company Law: Lifting the Veil of Incorporation” (1992) J.I.B.L. 7(12) 227.
- Gower, L.C.B, Gower’s Principles of Modern Company Law,(London: Stevens & Sons, Fourth Edition, 1979) p. 112-138.
- Kiggundu, John, “Lifting the Veil: Fraudulent Trading” (1988) 9(6) Comp. Law.
- Kelsen, “Preface to general theory of the law and State” (Harvard University Press, 1949) p. XIII.
- Lloyd, ”Law of unincorporated association”.
- Nakajima , Chizu, “Lifting the veil” (1996) Comp. Law, 17(6) 187.
- Payne, Jennifer, “Lifting the Corporate Veil: A Reassessment of the Fraud Exception” (1997) 56 Cambridge L.J. 284
- Png, Choeng Ann, “Lifting the Veil of Incorporation: Creasy v. Breachwwod Motors: A Right Decision with Wrong reasons” (1999) 20(4) Comp. Law.
- Salmond, “On Torts”, (12th ed.).
2) قرارات محاكم
- ملف مدني (القدس) 3114/01 دلتوت حمديا ضد عص ابن افو م.ض., قرار المحكمة المركزية بتاريخ 20/9/2002 (لم ينشر بعد- نشر في موقع www.nevo.co.il)
- Salomon v. Salomon & Co[1897] A.C. 22 (H.L.).
- Lee v. Lee’s Air Farming Ltd., [1959] N.Z..I.R 397.
- De Witt Truck Brokers Inc v. Ray Flemming Fruit Co. (1976) 50 F 2ed 681 4th Cir. At 686.
- Gitford Motors Company v. Horne [1993] Ch. 993.
- Johnes and another v. Limpman and another [1962] W.L.R 832.
- Re Bagle Press Ltd.(1960) ALL. ER.
- Creasey v. Breachwood Motors Ltd. (1993) B.C.L.C. 480.
- Adams v. Cape Industries plc [1990] Ch. 433.
- Ord v. Belhaven Pubs Ltd, Unreported, judgement of February 13, 1998 [1998] B.C.C. 607 (CA (Civ Div)).
- Re William C. Leitch Bros Ltd [1932] 2 Ch. 71, [1932] All ER Rep. 892.
- DHN Food Distributers Ltd v. London Boirough of Tower Hamlet (1976) 3 All ER 462 (CA).
- Lennard’s Carrying Co. Ltd. V. Asiatic Petroleum Co. Ltd (1915) A.C. at 713.
[1] يوسي كوهين، “إزالة الستار بعد التعديل رقم 3 لقانون الشركات” (2005) (باللغة العبريةة) مجلة الشركات، المجلد (ب)، رقم 6، ص. 3.
[2] كوهين أعلاه، ص. 3-4.
[3] كوهبن أعلاه، ص. 3.
[4] ايريت حبيب-سيجل، قوانين الشركات، (جامعة تل أبيب، 2004) ص. 288.
[5] جبرئيل بروكاتشه، “جوهر الشخصية المعنوية” (1959) (باللغة العبرية)، مجلة المحامي، مجلد ط.ز. ص. 330.
[6] بروكاتشه أعلاه، ص. 333.
[7] بروكاتشه أعلاه، ص. 337.
[8] بروكاتشه أعلاه، ص. 337-338، يوجه إلى الكاتب سابيني:
Savigny, System des heutiges romisches Rechtes, Vol. 2, p. 236.
[9] بروكاتشه أعلاه، ص. 338، يوجه إلى الكاتب بوكهارد:
Buckhard, Zur Lehre von der Juristichen Personen, (Grunhut’s Zeitschrift XVIII, p. 7).
[10] برزكاتشه، ص. 339، يوجه إلى كتاب للويد:
Lloyd, Law of unincorporated association, p. 6.
[11] بروكاتسه, ص. 339، يوجه إلى الكاتب كلسن:
Kelsen, Preface to general theory of the law and State (Harvard University Press, 1949) p. XIII.
[12] Salmond, On Torts, (12th ed.) at 65 and cases quoted there .
[13] Lennard’s Carrying Co. Ltd. V. Asiatic Petroleum Co. Ltd (1915) A.C. at 713.
[14] Lloyd above, at 4.
[15] بروكاتشه، أعلاه، ص. 344.
[16] بروكاتشه، أعلاه، ص. 346 يوجه إلى جيركه:
Gierke, Das deutsche Genossenschaftrecht.
[17] بروكاتشه، أعلاه، ص. 346 يوجه إلى مايتلاند:
Maitland, Moral Personality and Legal Personality, in Selected Essays, at 230.
[18] Limited Liability Act, 1588 (18&19 Vict. c. 133).
[19] Salomon v. Salomon & Co[1897] A.C. 22 (H.L.).
[20] Lee v. Lee’s Air Farming Ltd., [1959] N.Z..I.R 397.
[21] يوسف غروس، “لمسألة الشخصية المعنوية المنفصلة للشركة” (1971) مجلة عيوني مشيات، مجلد (أ) ص . 287.
[22] في هذا الخصوص تم تطوير نظريين لتحميل المسؤولية. الأولى، هي نسب رغبة ونية مديري الشركة أو القييمن عليها للشركة نفسها. في بداية ألامر تم تطوير نظرية “الأنا الآخر” (Alter ego) التي يمكن وفقا لها ان نعتبر نية ورغبة الشخص الذي يقوم بالتصرف عن الشركة هي نية ورغبة الشركة نفسها. أي ان نية وأفكار مديري الشركة، هي نية وأفكار الشركة نفسها. اي ان أعمالهم هي أعمال الشركة نفسها. الذي يتصرف بإسم الشركة، لا يتصرف كخادم أو ممثل أو وكيل، وإنما الشركة هي التي تتصرف بواسطته، تسمع بواسطته، تفكر بواسطته. إلحاق اعمال الافراد بالشركة، مكن القانون الانجليزي من تحميل الشركة مسؤولية جنائية. أنظر غروس أعلاه، ص. 289-291.
[23] غروس أعلاه، ص. 297.
[24] محمود مختار أحمد البريري، الشخصية المعنوية للشركات التجارية، شروط اكتسابها، حدود الأحتجاج بها، دراسة مقارنة (القاهرة، دار الفكر العربي، 1985) ص. 171.
[25] هكذا مثلا في جنوب أفريقيا:
Jane Bourne, “Lifting the Corporation Veil” (2002) 10 Juta’s Bus. L. 114: “It appears from the case law that the courts will no readily disregard the separate existence of the company and are also loath to define the situations in which they will do so. But what is clear that the courts will left the corporation veil only in exceptional circumstances, so as no to “violate the sacred canon of limited liability”.
[26] Bourne Ibid at 114.
[27]Lynette Davids, “The lingering question: some perspectives on the lifting of the corporate veil” (1994) J. S. Afr. L. 155, at 156:”The absence of categories in some jurisdiction in the United States seems to have resulted in a general approach that entails the recognition of a company as separate entity, but if its strict application leads to unfair or unjust results the veil will be lifted”.
[28] ايريت حبيب-سيجل، قوانين الشركات، (جامعة تل أبيب، 2004) ص. 281.
[29] Bourne Ibid at 115 quoting from Judge Scott of the Africa Court of Appell in the Case Hulse v. Godde:” The circumstances in which a court will disregard the distinction between a corporate entity and those who control it are far from settled. Much will depend on a close analysis of the facts of each case, considerations of policy and Judicial judgment”.
[30] Davids ibid at 155: “The issues surrounding the lifting of the veil has still not been resolved by the judiciary. So far no general test has been formulated to decide when the veil of the incorporation should be lifted. This state of affairs can be observed not only in South Africa, but also in England and the United States. The lack of a general test can be attributed to the fact that the courts have invariably relied on certain established categories, such as fraud, agency, evasion of legal obligations and abuse of the corporate form to decide whether the veil in a particular case should be lifted vel non”.
[31] Jennifer Payne, “Lifting the Corporate Veil: A Reassessment of the Fraud Exception” (1997) 56 Cambridge L.J. 284: “It is trite law that a rather hdefty veil is drawn between these two can be lifted only in a limited number of circumstances that seem to fluctuate current judicial thinking”.
[32] De Witt Truck Brokers Inc v. Ray Flemming Fruit Co. (1976) 50 F 2ed 681 4th Cir. At 686.
[33] Davidis Ibid at 157, referring to Larkin: “The main concern, however, is the vagueness surrounding the equity concept and the fact that it appears to sacrifice the entity principal.(See Larkin, “Regarding Judicial Disregarding of the company’s separate identity” (1989) SM Merc LJ. 277, 288, 285). Larkins argues that there is an alternative approach to the lifting of the veil without scarifying the entity principal and one that combat the problem of vagueness. The approach is based on the premise that the separation between the company and its members is not always relevant”.
[34] Chizu Nakajima, “Lifting the veil” (1996) Comp. Law, 17(6) 187:” Two recent cases on lifting, or perhaps rather more accurately piercing, the corporate veil illustrate the traditional reluctance of the courts to ignore the separate legal personality of companies unless there are very compelling issues of public policy justifying this. The notion that some have propounded, that the judges are increasingly prepared to disregard the autonomous personality of companies to facilitate the legitimate interests and expectations of those who come into contact with them, is clearly an overstatement of the position. The courts have repeatedly emphasised the public interest in preserving the strict rule in Salomon v. Salomon & Co [1897] AC 22 and have resisted attempts to lift the veil simply in cases of possible injustice let alone mere convenience”.
[35] See: Polly Peck International Plc (In Administration) (No.3), Re [1996] 2 All E.R. 433 (Ch D); See also: Customs and Excise Commissioners v Hare [1996] 2 All E.R. 391 (CA (Civ Div))
[36] البريري أعلاه، ص. 175.
[37] البريري أعلاه، ص. 175.
[38] البريري أعلاه، ص. 174.
[39] البريري أعلاه، ص. 174، والقرارات التي ذكرت هنالك.
[40] البريري أعلاه، ص. 176، والقرارات التي ذكرت هنالك.
[41] البريري أعلاه، ص. 174، ملاحظة هامشية رقم 7.
[42] البريري أعلاه، ص. 177، والقرارات التي ذكرت في ملاحظة هامشية رقم 9.
[43] البريري أعلاه، ص. 178.
[44] البريري أعلاه، ص. 178.
[45] البريري أعلاه، ص. 187.
[46] Gitford Motors Company v. Horne [1993] Ch. 993: “Of course in law the defendant company is a separate entity from the defendant Horne, but I cannot help feeling quiet convinced that at any rate one of the reasons for the creation of that company was the fear of Mr. Horne that he might commit breached of the covenant on carrying on the business, and that might …avoid that liability if he did through the defendant company…”. “The company was formed as a device, a stratagem, in order to mask the effective carrying on the business of Mr. Horne”.
[47] See Payne Ibid, at 285.
[48] Johnes and another v. Limpman and another [1962] W.L.R 832: “The defendant company is the creature of the first defendant … a mask which he holds before his face in an attempt to avoid recognition by the eye of equity … an equitable remedy is rightly to be granted directly against the creature in sucj circumstances… accordingly, the court will declare that the contract ought to be specifically performed”.
[49] البريري أعلاه، ص. 182.
[50] البريري أعلاه، ص. 183.
[51] البريري أعلاه، ص. 184.
[52] Re Bagle Press Ltd.(1960) ALL. ER. At 799: “…Although as a matter of law the body making the offer must be regarded as distinct from the persons who hold shares in that body, nevertheless as a matter of substance the persons who are putting forward this offer are the majority of the shareholders, the only two shareholders in the transferee company, and they are the holders of the 90 percent majority, whose acceptance of that offer it is suggested to bind the dissenting sraeholders also to accept the offer”.
[53] Payne Ibid, at 284.
[54] Jaun M. Dobson, “”Lifting the Veil” in the Four Countries: The Law of Argentina, England, France and the United States” (1986) 35 Int’l & Comp. L.Q. 839, at 840: “Fraud has relevance in all the countries considered. Most of the decisions that will be examined make direct or indirect reference to fraud- the “disregared of legal entity” Doctrine in the US forms part of the law of fraud; the notion of fraud is contained in the most of the English decisions”.
[55] Creasey v. Breachwood Motors Ltd. (1993) B.C.L.C. 480.
[56] Nicholas Fairclough, “Company Law: Lifting the Veil of Incorporation” (1992) J.I.B.L. 7(12) 227: “Summary: Where a company with liabilities transfers all its assets gratuitously to a second company which then continues to trade under the same business name, the court would be justified in lifting the veil of incorporation and making the successor company responsible for the liabilities of the first company”.
[57] Payne Ibid, at 284: “”It was not accepted, and the veil was eventually lifted, on the basis that to do so was necessary in order to achieve justice”.
[58] Adams v. Cape Industries plc [1990] Ch. 433. 536.
[59] Choeng Ann Png, “Lifting the Veil of Incorporation: Creasy v. Breachwwod Motors: A Right Decision with Wrong reasons” (1999) 20(4) Comp. Law. 122: “In a recent decision, the Court of Appeal in Ord v. Belhaven Pubs Ltd [FN1] expressly rejected the ruling in Creasey v. Breachwood Motors Ltd in relation to lifting the veil of incorporation. The rationale in the Breachwood Motors case has not been entirely clear and it has been suggested that it has since been misinterpreted by the Court of Appeal in the Belhaven Pubs case”.
[60] Ord v. Belhaven Pubs Ltd, Unreported, judgement of February 13, 1998[1998] B.C.C. 607 (CA (Civ Div)).
[61] Payne Ibid, at 286: “three aspect of the fraud exception will be discussed: (1) are the motives of the fraudulent person relevan? (2) Is the character of the legal obligation being evaded relevant? And (3) is the timing of the incorporation of the device company relevant?”.
[62] Png Ibid at 123: “In determining whether a company has been used as a facade, motives of the alleged perpetrators are highly relevant, though the difficult question lies in deciding what these motives might be”.
[63] Adams v. Cape Industries plc [1990] Ch. 433. 542: “motives of the perpetrator may be highly material”.
[64] Payne Ibid at 288: “For the fraud exception to succeed the defendant must intend to deny the plaintiff a pre-existing legal right”.
[65] Payne, Ibid at 290.
[66] Ong Ibid at 123: “The ratio in Gilford Motors Co. v. Horne and Jones v. Lipman was that the separate legal personality of a company will not be upheld if it has been used as a device to evade its legal obligations, at whatever time it has been incorporated. In this respect, the decision of Mr Southwell Q.C. is important because it establishes that a company can be a facade even though it was not originally incorporated with any deceptive intent. What counts is whether it was used as a facade at the time of the relevant transactions”.
[67] Insolvency Act 1986, Section 213. See Also: John Kiggundu, “Lifting the Veil: Fraudulent Trading” (1988) 9(6) Comp. Law. 141: “Section 213 of the Insolvency Act 1986 provides that where the business of a company has been carried on with intent to defraud creditors of for any fraudulent purpose the court, on the application of the liquidator, may declare that any persons who were knowingly parties to the fraud are liable to make such contribution (if any) to the company’s assets as the court thinks proper. Additionally, under s458 of the Companies Act 1985, such persons are liable to imprisonment or a fine, or both”.
[68] فوز عبد الهادي، ص. 143، تشير إلى القضية:
Re William C. Leitch Bros Ltd [1932] 2 Ch. 71, [1932] All ER Rep. 892.
[69] فوز عبد الهادي، ص. 143.
[70] يوسي كوهين، أعلاه، ص. 7.
[71] أنظر الباحثة فوز عبد الهادي، ص. 148 – 149. ولا نوافق الكاتبة رأيها، أن تحميل رئيس وأعضاء مجلس الادارة مسؤولية شخصية، بسبب مخالفة القوانين أو بسبب الأهمال الشديد هي نوع من أنواع إزالة الستار.
[72] غروس، أعلاه، ص. 300.
[73] In Re Patrick & Lyon Ltd. [1933] 1 Ch. 786, at 790.
[74] البريري أعلاه، ص. 179.
[75] البريري أعلاه، ص. 180.
[76] البريري أعلاه، ص. 180.
[77] البريري أعلاه، ص. 180-181.
[78] Nakajima, Ibid, at 187: “The court also pointed out that in a situation where all companies within a group had become insolvent, unless each company had the same creditors, it was very important to respect the separate corporate personality of each company. The court cited Lord Wilberforce in Ford & Carter Ltd v Midland Bank Ltd (1979) 129 NLJ 543 to the effect that ‘when creditors become involved … the separate legal existence of the constituent companies of the group has to be respected’.
[79] “We all know that in many respects a group of companies are treat together for the purpose of general accounts, balance sheet, and profit and loss account”….”There is evidence for general tendency to ignore the separate legal entities of various companies within a group, and look instead at the economic entity of the whole group”.
[80] DHN Food Distributers Ltd v. London Boirough of Tower Hamlet (1976) 3 All ER 462 (CA) at 467-468. quoted in Davids: ”The Court held that it was entitled to look at the economic realities of the case and to lift the veil. The factors that determined the economic realities were: the holding company’s ownership of all the Shares in its subsidiary; the fact that the two companies had the same directors; both companies had a common interest to maintain the business on the property and the holding company’s undertaking to pay for the premises. The judges believed that if the holding company was treated as a separate entity distinct from its subsidiary, it would have resulted in a “denial of justice”.
[81] المادة 107 من قانون الشركات لسنة 1929.
[82] فوز عبد الهادي، الشخصية المعنوية لشركات المساهمة العامة في فلسطين، (معهد الحقوق، جامعة بير زيت، 2000) ص.136.
[83] المادة 107(8)(أ).
[84] المادة 107(8)(ب). أنظر فوز عبد الهادي، ص.137.
[85] أنظر فوز عبد الهادي، ص.137.
[86] أنظر فوز عبد الهادي، ص. 138-139.
[87] Companies Act 1985, Section 24, reduction of the number of members.
[88] البريري، أعلاه ص. 205.
[89] فوز عبد الهادي، ص. 141.
[90] المادة 194(د) من قانون 1964: “194. يجوز أن تقرر المحكمة تصفية الشركة تصفية إجبارية: … (د) إذا نقص عدد أعضائها المساهمين إلى ما دون اللأثنين في الشركة المساهمة الخصوصوية وإلة ما دون السبعة في أية شركة أخرى”.
[91] المادة 129(2): “ولكن في حالة تصفية الشركة وظهور عجز في الموجودات نتيجة التقصير المتعمد أو الإهمال الشديد يحق للمحكمة أن تقرر تحميل رئيس وأعضاء مجلس الإدارة أو مديري الشركة أو مدققي حساباتها ديون الشركة كلها أو بعضها”.
[92] يوسي كوهين، أعلاه، ص. 7.
[93] ملف مدني (القدس) 3114/01 دلتوت حمديا ضد عص ابن افو م.ض., قرار المجكمة المركزية بتاريخ 20/9/2002 (لم ينشر بعد- نشر في موقع www.nevo.co.il)
[94] الكلمة مأخوذة عن كلمة “Organ” في الانجليزية، والمقصود هنا المظفين الذين يعتبرون بمثابة أذرع الشركة، كالمديرين وأعضاء مجلس الأدارة.
[95] أنظر يوسي كوهين، أعلاه، ص. 12.
[96] التعديل رقم 3 لقانون الشركات 1999.
[97] M.M. Bulter, quoted in Cataldom B.F., “limited liability with one man companies and subsidiary corporations” (1953) , 18 Law and contemp. Proh. 473.
[98] Bourne Ibid at 116: “… confirms the general attitude of our courts – the independence of the corporate entity is an almost inviolable concept and it should not readily be disregarded. When faced with the dilemma of weather or not to pierce the corporate veil, it is clear that the courts will scrutinize the facts before them. Fraud and other improper conduct ..are factors that play an important role in the decision whether to ignore the corporate structure”.